الحراك الذي تطور يوم الجمعة الماضي، في 17 سبتمبر (أيلول) الحالي، في إقليم شرق السودان بشروع ما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا في نشاط فوضوي أطلق عليه اسم "إغلاق شرق السودان"، يقضي بقفل كافة الطرق الحيوية في الإقليم كالطريق القومي الواصل بين ميناء بورتسودان والعاصمة الخرطوم في وجه شاحنات الحكومة والنقل العام (باستثناء الإسعاف وباصات السفر)، إضافة إلى إغلاق المطارات والموانئ كوسيلة للضغط على الحكومة للاستجابة لمطالب المجلس التي كانت منحصرة في تخصيص منبر تفاوضي لهم كمجلس أعلى لنظارات البجا. لكن الناظر محمد الأمين ترك، الذي يقود هذا الحراك (ناظر قبيلة الهدندوة)، جاء على لسان بعض أتباعه في ندوة عامة في 17 سبتمبر، بأنه لن يقبل حتى بنسبة 99 في المئة من قسمة السلطة والثروة في شرق السودان، إذا عرضتها عليه حكومة الخرطوم، في محاولة للقول بأن هناك سقفاً أعلى ربما يطمح إلى الحكم الذاتي والتهديد بانفصال الشرق!
بدايةً، ثمة مغالطات كثيرة في الدعاية السياسوية لما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا، تتصل برؤيته لنفسه وأفكاره العامة، وآليات عمله في المجال العام، وطبيعة تحالفاته التي ينشط من خلالها، وما يمكن أن تؤدي إليه هذه النشاطات من نتائج وفق قراءة موضوعية. فمن دون قراءة المعطيات الدقيقة المتصلة بما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا، لا يمكن لأي مراقب أن يدرك هوية هذا الجسم، كما لا يمكن أن يتكهن بالمآلات التي يمكن أن تفضي إليها نتائج ما يقوم به من نشاط فوضوي في شرق السودان.
لكن قبل الحديث عن المجلس، لا بد من التأمل في رؤية الحكومة وقوى الحرية والتغيير لما يجري في الأقليم وردود فعلها حيال ما ينشط فيه مجلس ترك.
لا بد من القول، إن قوى الحرية والتغيير (حتى بعد توحدها الذي استبشرنا به خيراً في يوم 9 سبتمبر) للأسف لم تكشف، حتى الآن على الأقل، عن اكتراث حقيقي ووعي ضروري بمآل وخطورة الفوضى المدمرة التي يمكن أن تحدث في شرق السودان، بسبب نشاط ما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا الذي يقوده ترك. فالحكومة وقوى الحرية والتغيير، وبعد مفاوضات عامين كاملين في عبث الحوار العدمي مع قادة ما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا، لم تتعظا حتى الآن من تكرار فعل من يفعل الشيء ذاته مرات عديدة ثم يتوقع نتائج مختلفة؟!
لذلك هناك حقائق لا بد من معرفتها عن ما يسمى المجلس الأعلى لنظارات البجا، وهي حقائق في وسع أي محقق أن يتأكد منها لأنها جزء من واقع طبيعي في شرق السودان، كما أنها حقائق ستترتب عليها بالضرورة أسئلة تتصل بها.
أولى هذه الحقائق: أن ما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا هو اسم مضلل، ولا يعبر عن أي مسمى لذلك العنوان. فمن بين نظارات البجا ونظارها الستة في شرق السودان هناك ناظر واحد فقط في هذا المجلس هو ناظر الهدندوة محمد الأمين ترك (وحتى قبيلة الهدندوة نجد القسم الأكبر منها - وهم الجميلاب - استقلوا عن الناظر ترك وكونوا نظارة خاصة بقيادة الناظر محمد طاهر محمد حسين)، فكيف يمكننا فهم أن هذا المجلس يمثل كافة نظارات قبائل البجا في شرق السودان، في ضوء هذه الحقيقة، ناهيك عن العموديات الأربعة، وناهيك عن بقية سكان شرق السودان من كافة المواطنين الذي يعيشون في مدن الإقليم الثلاث؟ وإذا كان هذا صحيحاً (وهو صحيح بالطبع)، فكيف يسمح الناظر ترك لنفسه وأتباعه ادعاء تمثيل شرق السودان ناهيك عن القيام بخطوات فوضوية كهذه لإغلاقه؟!
فإذا كانت حكومة قوى الحرية والتغيير في الخرطوم تعلم هذه الحقيقة عن عدم شمول المجلس الأعلى لنظارات البجا تمثيل نظارات قبائل البجا الست ونظارها كافة، فكيف تتفاوض معه باستمرار بما يصور لبقية الشعب السوداني كما لو أن الناظر ترك هو فقط القائد الوحيد لشعب البجا في شرق السودان؟ أما إذا كانت حكومة قوى الحرية والتغيير لا تعلم بهذه الحقيقة، فالمصيبة أكبر!
ثانياً، ما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا ظل يمارس طوال السنتين الماضيتين، في مؤتمراته وندواته في مدن شرق السودان (التي تسمح بنشاطها اللجنة الأمنية في كل من ولايتي كسلا والبحر الأحمر)، ممارسات عنصرية استهدف بها مكوناً سودانياً أصيلاً هو مكون الحباب وبني عامر، واصفاً إياه بأنه في مجمله مجموعة من اللاجئين الذين لا حق لهم في السودان، وكان لردود فعل هذه الندوات تأثير كبير وخطير في المخطط الذي لا تزال تنشط فيه اللجنة الأمنية لولاية البحر الأحمر ضد مكون بني عامر والحباب، وكذلك تواطؤ الوالي الضعيف للولاية عبدالله شنقراي إلى درجة حاول فيها أن يضمن بنداً عنصرياً من بنود ما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا يدعو إلى مراجعة الهوية بحق مكون بني عامر والحباب، في لقاء للتعايش السلمي بين مكونات مدينة بورتسودان خلال يونيو (حزيران) الماضي!؟
ثالثاً، خطورة الرؤية العنصرية لهذا الكيان المسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا تكمن في أن توجهات حراكه السياسوي تعبر عن طريقة تنتفي معها أي قيمة للمواطنة والحقوق والدستور والسيادة الوطنية، وهم طبعاً يجاهرون بذلك ولا يخفونه ويعتقدون أنهم أصحاب حيازات قبائلية تاريخية في شرق السودان. وبقياسهم الفاسد الذي يستند على تلك الحيازات، يصورون عبر ندواتهم ومؤتمراتهم الناظر ترك كما لو أنه ملك البجا وزعيمهم الأوحد المطلق المطاع في الإقليم (وقد رأينا كيف أن ترك حتى في الهدندوة ليس ناظراً مجمعاً عليه، ناهيك عن النظارات البجاوية الست غير نظارة الهدندوة في شرق السودان).
وكما أسلفنا، لقد ترتب على النشاط العنصري الانعزالي لما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا في شرق السودان، وفي مدينة بورتسودان في ولاية البحر الأحمر بصفة خاصة، ردود فعل خطيرة استثمرتها فلول نظام عمر البشير في اللجنة الأمنية للبحر الأحمر، وأوقدوا عبرها فتنة احتراب أهلي بين النوبة وبني عامر، ثم تطورت الفتن لتكون بين بني عامر وبعض البداويت، وتتالت موجاتها سبع مرات منذ بداية الفتنة في يوم 5 يونيو 2019، تزامناً مع جريمة فض اعتصام القيادة العامة في الخرطوم، وهي فتن راح ضحيتها قتلى أبرياء من كافة المكونات وتم تهجير كثيرين، ولا يزال حصار حي دار النعيم من طرف اللجنة الأمنية حتى اليوم شاهداً على سياساتها. لقد مارس ما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا في ولاية البحر الأحمر عبر قياداته ممارسات ضارة بحق مواطنين سودانيين من مكون بني عامر والحباب، وضغطت تلك القيادات عبر تحريض الأهالي من البداويت على كثير من الشركات والمؤسسات الوطنية لفصل وتجميد العاملين من مكون بني عامر والحباب، وحتى في أماكن التعدين.
وللأسف، لقد استجاب والي ولاية البحر الأحمر عبدالله شنقراي لهذه الضغوط وغض النظر عن تلك الممارسات غير القانونية بحق مواطنين سودانيين، كما استجابت الشركات وبعض المؤسسات الوطنية كالمطار وغيره لتلك الضغوط، ولا يزال هذا الملف مفتوحاً. وكانت تلك الممارسات من طرف ما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا بمثابة تنفيذ لما يسمونه حق سيادتهم على أرضهم التاريخية والتضييق على الأغراب (الذين هم مواطنون سودانيون مثلهم) في قلب مدينة قومية بتعريف الدستور السوداني كمدينة بورتسودان (حيث يجوز لكل سوداني أن يتملك ويعمل ويشارك في مناصب السلطة فيها).
نسوق هذا الكلام حيال تلك الممارسات العنصرية التي ظل يمارسها ما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا طوال سنتين، وهي ممارسات ربما لا تعرف عنها الحكومة في الخرطوم وحاضنتها - قوى الحرية والتغيير - شيئاً، لكنها كانت مؤشراً خطيراً على ما يمكن أن تؤول إليه الأمور في ظل تمدد كيان كهذا تقوم رؤية قادته وأتباعهم لفكرة الوطن على مفهوم قبائلي قديم يرهن تعريفهم لحق التمتع والسكن والعمل في مدن شرق السودان بحصرية الانتماء القبلي، بالتالي كيف سيكون مصير كافة المواطنين السودانيين من بقية أنحاء السودان الذين يستوطنون المدن الثلاث (وهم في هذه المدن أكثر نسبة سكانية حتى من قبائل البجا فيها) في حال الاستجابة لمطالب ما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا في أي تسوية سياسية، أو حتى في حال تحول الإقليم إلى سيناريو فوضى بسبب النشاط العدمي الذي سمي بـ"إغلاق شرق السودان"؟
وغني عن القول، إن هذه التداعيات الخطيرة التي نجمت عن وجود كيانات كهذه إنما أصلها وسببها هو تسييس نظام عمر البشير للقبائل لـ30 سنةً. وعند سقوطه بالثورة الشعبية السلمية في 11 أبريل (نيسان) 2019، نشأت هذه الكيانات باستئناف ما كانت تعرفه القبائل من السياسة وأصبحت كحصان طروادة لفلول نظام البشير.
إن خطورة تسييس نظام القبائل تكمن نتائجه الكارثية في: عدم تقبل أتباع القبائل لأي نقد يوجه لنظارهم (حتى لو مارس هؤلاء النظار عملاً سياسوياً لا يدركون خطورته كما يفعل الناظر ترك)، لأن عجز أولئك الأتباع عن الفرز بين كون ناظرهم أباً ورمزاً لاحترام الجميع وواجب الطاعة في نظامهم القبلي الخاص بهم، وبين كونه سياسياً يمارس عملاً عاماً قابلاً للانتقاد، هو الذي سيجعل من دخول نظار القبائل في العمل السياسي العام (كما ورطهم نظام البشير طوال 30 سنة) بمثابة اللعب بالنار. وهذا تحديداً ما حدث في شرق السودان، الذي لا يزال يشتعل بالهوايات الضارة للنظار في ممارسة السياسة كما يفعل الناظر ترك، ومن ثم الإضرار بنسيج المجتمع وتعايش القبائل والمكونات!
تلك هي المآلات التي سيفضي إليها بالضرورة الحراك السياسوي الضار لما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا منذ أن أعلن زعيمه الناظر ترك إغلاق شرق السودان للضغط على الحكومة. وما نخشاه أن تظل قوى الحرية والتغيير والحكومة تمارسان لعبة خطرة حين تظنان أن هناك إمكانية لعمل سياسي حواري مع المنظور الذي شرحناه آنفاً لوعي قادة ما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا وفهمهم للسياسة!
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ما لا يدركه كثيرون في قوى الحرية والتغيير، هو أن اعتراض ما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا على مسار سلام شرق السودان (الذي تم التوقيع عليه بين الحكومة وحزبين من شرق السودان في منظومة الجبهة الثورية بجوبا في أكتوبر (تشرين الأول) 2020) هو محض اعتراض عنصري على القادة السياسيين الذين وقعوا على المسار من ذينك الحزبين! وبطبيعة الحال، كيف يمكن للحكومة وقوى الحرية والتغيير إقناع قادة ما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا الذين يعترضون اعتراضاً نهائياً لا رجعة فيه على تولي مواطنين سودانيين لنصيب من السلطة والثروة في شرق السودان من منطلقات عنصرية؟ فقادة ما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا يعترضون على نصيب الـ30 في المئة من السلطة والثروة في شرق السودان الذي هو نصيب الحزبين الموقعين على اتفاق جوبا، ويصفون قادة ذينك الحزبين بأنهم ليسوا من البجا وليسوا سودانيين (وفقاً لرؤيتهم العنصرية لهوية البجا)، وكان ذلك ديدنهم ضد قادة حزبي المسار في كل لقاء مع ممثلي الحكومة وقوى الحرية والتغيير، طوال سنتين كاملتين، فكيف يمكن التفاهم معهم أو إقناعهم بأن اعتراضهم ذلك يخالف المواطنة والدستور؟
وللأسف، فإن هناك في المكون العسكري للسلطة الانتقالية الحالية من يستغل توظيف قادة ما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا، ويدفعهم للتمسك بتلك الاعتراضات غير المقبولة طمعاً في إعاقة الفترة الانتقالية.
كما أن العلاقة الواضحة لقادة ما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا بفلول النظام السابق (مثل آخر رئيس لوزراء نظام البشير قبل سقوطه، ورئيس جهاز أمنه)، إلى جانب حلفائهم في الداخل من بقايا الفلول، كل ذلك يدل على أن المجلس جزء من كيان الثورة المضادة. وأكبر دليل على ذلك، مطالبة الناظر ترك بحل لجنة إزالة التمكين (وهي لجنة ثورية بسلطات عليا نصت عليها وثيقة الدستور وتعمل على تصفية وانتزاع أملاك الشعب السوداني التي نهبها قادة نظام البشير وتحظى باحترام وتقدير في أوساط الشعب السوداني). كما أن بعض أتباع المجلس كانوا قد هاجموا مقر اللجنة الفرعية للجنة إزالة التمكين في مدينة بورتسودان واقتحموا مكتبها، وعبثوا بمحتوياته.
طوال سنتين كاملتين ظلت حكومة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وقوى الحرية والتغيير تتفرج على الممارسات العنصرية لما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا في شرق السودان من دون أن تتخذ ضده إجراءات تفرض هيبة الدولة. واليوم، وصلت الأمور إلى ممارسات فوضوية تمثلت في الشروع بإغلاق شرق السودان عملياً، وستكشف الساعات المقبلة عن كيفية تعامل الحكومة بمكونيها العسكري والمدني حيال سيناريو الفوضى في شرق السودان، وسط مخاطر جسيمة يبدو أن فرقاء الحرية والتغيير لا يعيرونها بالاً. لكن في حال إهمالها وعدم حسمها سريعاً، ستكون وبالاً كبيراً على السودان برمته، وهي مخاطر طالما حذرنا منها في مقالات كثيرة في هذه الصحيفة!
فكيف يمكن لحكومة مسؤولة أن تتهاون مع سيناريو خطير للفوضى قد تترتب عليه خسارة كبرى للاقتصاد الوطني تقدر بالملايين من الدولارات خلال أيام الإغلاق لو استمرت طويلاً؟ وكيف يمكن لحكومة مسؤولة أن تفرط بكل المكاسب الدبلوماسية والدولية التي حققتها الثورة السودانية في المجتمع الدولي حين تعم الفوضى منطقة جيوسياسية خطيرة مثل شرق السودان؟ وكيف سيكون مآل الاستثمارات الواعدة الإقليمية والدولية التي ستنتشل الشعب السوداني مما هو فيه من واقع معيشي على حافة الانهيار؟ بل كيف سيتضامن العالم الذي فتح ذراعيه للثورة السودانية وقدم لها كثيراً من الدعم في مؤسسات المجتمع الدولي والقوى الحية في العالم كالولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، إذا ما انهار شرق السودان وأصبحت الفوضى مصيره؟ يبدو أن هذه السيناريوهات الكارثية المرعبة التي قد تكون وشيكةً – لا سمح الله – في شرق السودان ليست في وارد التفكير والانهمام بمصير هذا الشعب في عقول قادة الحكومة وقوى الحرية والتغيير التي لا تزال منشغلة بخلافات لا تبشر بخير.
واليوم، إذا بدا جلياً وبوضوح أن قادة ما يسمى بالمجلس الأعلى لنظارات البجا لا يمكن التفاهم معهم سياسياً بأي أسلوب من أساليب الإقناع السياسية نظراً لخلفيتهم العنصرية وأفكارهم التي لا تؤمن لا بالمواطنة ولا الدستور ولا التعايش، وهو تحديداً ما يدفعهم إلى إحداث سيناريو الفوضى في شرق السودان عبر ممارسات الإغلاق، وإذا عرفت الحكومة وحاضنتها قوى الحرية والتغيير، تماماً، أن الناظر ترك غير مفوض من كافة القبائل البجاوية ونظارها الستة في شرق السودان، ناهيك عن بقية مواطني الإقليم، وإذا كانت الحكومة وحاضنتها قوى الحرية والتغيير، قد علمت بالبيان الذي أصدره المجلس الأعلى للإدارة الأهلية بشرق السودان (وهو مجلس يضم نظارات البجا الست ونظارهم وعمودياتها الأربع، ما عدا ناظر الهدندوة) وهو بيان شديد اللهجة أمهل الحكومة 48 ساعة لفرض هيبة الدولة حيال ما سمي قرار إغلاق الإقليم الذي اتخذه الناظر ترك من دون تفويض من كافة قبائل البجا، ومواطني شرق السودان، وإلا فإنهم مستعدون للتحرك لحماية أهلهم والحفاظ على مصالحهم. وأخيراً، إذا عرفت الحكومة أن لجان المقاومة الثورية في الخرطوم أمهلتها كذلك 48 ساعة لحسم الفوضى أو تحريك تظاهرة مليونية اعتراضاً على تهاونها مع الفوضى.
إذا علمت الحكومة السودانية وحاضنتها السياسية قوى الحرية والتغيير ومجلس السيادة الانتقالي بكل تلك الإنذارات الخطيرة والمحذرة من سيناريوهات الفوضى المرعبة التي يمكن أن ينزلق إليها شرق السودان، ثم لم تحرك ساكناً، فكيف يمكننا تصور أدنى مسؤولية وطنية، ناهيك عن المسؤولية الأخلاقية، إذا ظلت الحكومة عاجزة عن التصرف بما يكفل هيبة الدولة وصيانة الأمن؟ الساعات المقبلة ستكشف حقيقة ما سيحدث، فلننتظر!