أعلن حزب "روسيا الموحّدة" الحاكم، الاثنين 20 سبتمبر (أيلول)، فوزه بثلثي مقاعد مجلس الدوما في الانتخابات التشريعية أجريت إثر حملة قمع وإقصاء لأبرز معارضي الكرملين.
وأفاد أمين المجلس العام للحزب الحاكم، أندريه تورتشاك، الصحافيين بأن الحزب سيحصل على ما مجموعه 315 مقعداً في المجلس المكون من 450 عضواً. ويحتفظ الحزب الحاكم بذلك بالأغلبية اللازمة لتعديل الدستور من دون الحاجة إلى دعم من التشكيلات الأخرى.
ووفق نتائج كانت نشرتها اللجنة الانتخابية تشمل 21 في المئة من مراكز الاقتراع، تصدر حزب "روسيا الموحدة" النتائج، إذ نال 46.11 في المئة من الأصوات، يليه الحزب الشيوعي مع 21.40 في المئة.
وقال أندرييه تورتشاك أحد قادة الحزب الحاكم لمناصريه، "أهنئكم جميعاً على هذا النصر النظيف والنزيه".
من جهته، رحب رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين بنتيجة هذه الانتخابات "الحاسمة لمصير البلاد".
وفي الانتخابات الأخيرة عام 2016، نال حزب "روسيا الموحدة" 54.2 في المئة من الأصوات، فيما نال الحزب الشيوعي 13.3 في المئة، بالتالي يبدو الشيوعيون في طريقهم لتحقيق نتائج أفضل مقارنة بالاستحقاق الماضي.
ويهدف الاقتراع إلى انتخاب 450 نائباً في مجلس الدوما أحد مجلسي البرلمان الروسي الذي يسيطر عليه حالياً حزب روسيا الموحدة. وتُجرى أيضاً انتخابات محلية وإقليمية.
الاتحاد الأوروبي يدين "الترهيب" خلال الانتخابات
وندد الاتحاد الأوروبي الإثنين بما وصفه مناخ الترهيب في الفترة التي سبقت الانتخابات التشريعية في روسيا وانتقد غياب مراقبين مستقلين للانتخابات.
وقال المتحدث باسم مسؤول الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، بيتر ستانو، "ما رأيناه في الفترة السابقة لتلك الانتخابات كان جواً من الترهيب لجميع الأصوات المنتقدة المستقلة".
المتحدث باسم الحكومة الألمانية، ستيفن سيبرت، قال بدوره الاثنين إن الشبهات بحصول "مخالفات ضخمة" في الانتخابات التشريعية في روسيا يجب أن "تؤخذ على محمل الجد" وأن يتم "توضيحها".
وأضاف في مؤتمر صحافي، "ثمة اتهامات من مراقبي الانتخابات وأعضاء في المعارضة الروسية، تتحدث عن مخالفات ضخمة ويجب أخذها على محمل الجد"، معرباً عن أسفه لعدم وجود "رقابة دولية على الانتخابات".
وقال سيبرت، "لم تصدر النتائج النهائية الرسمية بعد"، مشيراً إلى أن ألمانيا قلقة من "تراجع التنوع" السياسي في مجلس الدوما بسبب "الضغوط المتعاظمة على المعارضة والمجتمع المدني" في روسيا.
ونددت المعارضة الروسية الاثنين غداة الاقتراع، بوجود عمليات تزوير كبيرة.
"التصويت الذكي"
واستُبعد أبرز معارضي الكرملين من الاستحقاق الحالي. ودعا مناصرو المعارض المسجون أليكسي نافالني إلى التصويت لصالح المرشحين الأكثر قدرة على إلحاق هزيمة بـ"روسيا الموحدة"، وهؤلاء هم غالباً شيوعيون.
ونظراً إلى عدم السماح لأي شخص مناهض للكرملين تقريباً بالترشح للانتخابات، أسس أنصار نافالني استراتيجية أطلقوا عليها تسمية "التصويت الذكي" لدعم مرشحين هم في الغالب من الشيوعيين ويُعتبرون الأوفر حظاً لمقارعة مرشحي الحزب الحاكم "روسيا الموحدة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسبق أن حققت هذه المقاربة نتائج جيدة نسبياً، خصوصاً في موسكو في عام 2019. وعبر قناة "يوتيوب نافالني لايف" قالت ليوبوف سوبول المقربة من المعارض الروسي إن نتائج الحزب الشيوعي في حال تأكدت، تعد نجاحاً.
وقالت إن "الهدف من التصويت الذكي كان كسر احتكار حزب روسيا الموحدة، وهذا ما حصل".
واعتباراً من يوم الجمعة، وعلى مدى ثلاثة أيام، نُظم الاقتراع الذي شمل الانتخابات التشريعية وعدداً من الاستحقاقات الإقليمية والمحلية.
وللتصدي لخطة المعارضين، مارست السلطات الروسية ضغوطاً غير مسبوقة في الأسابيع الماضية على الشركات الرقمية التي تنشر توصيات المعارضة ونجحت في إخضاع "غوغل" و"أبل" لإرادتها.
فقد وافقت هاتان الشركتان على أن تحذفا من متجريهما للتطبيقات على الهواتف المحمولة، تطبيق "التصويت الذكي" التابع لنافالني. واتهم أنصار نافالني الشركتين الأميركيتين بأنهما "استسلمتا لابتزاز الكرملين".
وعرقلت شركة "غوغل" أيضاً في روسيا الوصول إلى محتويات أخرى تتضمن هذه التوصيات الانتخابية: مقطعا فيديو نُشرا على منصة "يوتيوب" التي تملكها "غوغل"، ولائحتان منشورتان على خدمة "غوغل دوكس" للتحكم بالنصوص.
ورد فريق نافالني بأن نشر على موقع "تويتر" تعليمات لتحميل شبكة افتراضية خاصة "في بي أن" للالتفاف على الرقابة المفروضة.
تهديدات روسية
وأفادت مصادر مقربة من "أبل" و"غوغل"، لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الشركتين اتخذتا قرارهما بعد تهديدات تلقتاها من السلطات الروسية، خصوصاً بشأن توقيف موظفيهما في روسيا.
كذلك حذف تطبيق تلغرام الذي يلقى رواجاً في روسيا توجيهات المعارضة الروسية.
وأغلق آخر مركز اقتراع عند الساعة 18.00 ت غ في كاليننغراد، وقدرت نسبة المشاركة بـ45.15 في المئة عند الساعة 15.00 ت غ.
وأشار مراقبون مستقلون ومعارضون إلى مخالفات كبيرة شابت الاستحقاق الذي شمل الاقتراع الإلكتروني.
وبحسب منظمة "غولوس" غير الحكومية المتخصصة في مراقبة الانتخابات، أُحصيت أكثر من 3850 مخالفة محتملة منذ بدء الاقتراع حتى صباح الأحد، من بينها ضغوط للاقتراع.
لكن رئيسة اللجنة الانتخابية إيلا بامفيلوفا نفت صحة هذه المعلومات، مشددة على أن المخالفات كانت "أقل بكثير" مما كان يسجل في السابق لأن النظام الانتخابي الروسي أصبح "شفافاً للغاية".
وفي ظل غياب منافسة فعلية، وعلى الرغم من تصدره الانتخابات لا تزال شعبية حزب "روسيا الموحدة" أدنى من 30 في المئة بحسب استطلاع للرأي أجراه مركز حكومي.
وغالباً ما تكشف حركة نافالني تورط الحزب الحاكم في عمليات فساد. وانعكس تراجع مستوى المعيشة في السنوات الأخيرة تراجعاً في شعبية الحزب الحاكم فاقمته جائحة "كوفيد-19" وتداعياتها.