قررت الجزائر الأربعاء 22 سبتمبر (أيلول) الجاري، أن تغلق "فوراً" مجالها الجوي أمام كل الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، وفق ما أعلنت الرئاسة الجزائرية.
وأورد بيان رسمي أن "المجلس الأعلى للأمن قرر الغلق الفوري للمجال الجوي الجزائري أمام كل الطائرات المدنية والعسكرية المغربية وكذلك تلك التي تحمل رقم تسجيل مغربي ابتداءً من اليوم".
واتُخذ القرار إثر اجتماع للمجلس الأعلى للأمن برئاسة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، خُصص "لدراسة التطورات على الحدود مع المملكة المغربية، بالنظر إلى استمرار الاستفزازات والممارسات العدائية من الجانب المغربي"، وفق البيان.
تغيير المسار
ولم يرد بعد أي رد فعل رسمي من الحكومة المغربية، في حين قال مصدر بشركة الخطوط الملكية المغربية لوكالة "رويترز"، إن هذا القرار لن يؤثر إلا في 15 رحلة أسبوعياً تربط المغرب بتونس وتركيا ومصر.
ووصف المصدر أثر القرار على الشركة بأنه "غير كبير"، وقال إن الرحلات المعنية قد تغير مسارها لتمر فوق البحر المتوسط.
الحدود الجوية مغلقة
والحدود الجوية الجزائرية مغلقة منذ 17 مارس (آذار) الماضي، بسبب جائحة كورونا، وأُعيد فتحها جزئياً في 1 يونيو (حزيران) الماضي، أمام سبعة بلدان فقط ليس المغرب أحدها.
وبحسب مصدر مقرّب من شركة الخطوط الجوية الجزائرية، فإن الرحلات التجارية المباشرة بين الجزائر والمغرب متوقفة منذ ذلك التاريخ.
وقال المصدر إن "الرحلات الجوية بين البلدين لم تُستأنف، والجزائريون الراغبون بالسفر إلى المغرب يسافرون عن طريق تونس".
وأضاف أن القرار الجزائري "سيؤثّر بشكل أساسي وفوري في مسارات رحلات الطائرات المغربية التي تمرّ عبر الأجواء الجزائرية".
تصريحات لعمامرة
وصرح وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة في مقابلة مع شبكة "سي أن أن" الإخبارية الأميركية الثلاثاء (21 سبتمبر)، إن "قطع العلاقات كان قراراً لا بدّ منه بالنسبة إلى بلاده لكي ترسل الرسالة المناسبة إلى المغرب بعد ما قام به من أعمال معادية لسيادة الجزائر ووحدتها".
وأوضح الوزير الجزائري أن هذه الخطوة كانت "طريقة حضارية لإنهاء وضع لم يكن بالإمكان أن يستمر أكثر من دون أن يسبّب أضراراً، وكان يهدّد بدفع البلدين إلى مسار غير مرغوب فيه".
وتابع لعمامرة "لقد كان وضعاً غير طبيعي يجب أن ينتهي بأي طريقة".
كما أعلنت الجزائر أنها ستحوّل مسار صادراتها من الغاز من خط أنابيب يمر عبر أراضي المغرب، وكان مقرراً تجديده في وقت لاحق من العام الحالي.
في المقابل، وفي بادرة تهدئة، بعث العاهل المغربي السبت الماضي، "برقية تعزية ومواساة" إلى الرئيس تبون إثر وفاة الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة.
علاقة متوترة
وقطعت الجزائر في 24 أغسطس (آب) الفائت علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب بعد أشهر من التوتر بين البلدين.
واتهم لعمامرة المغرب بأنه "لم يتوقف يوماً عن القيام بأعمال غير ودية وأعمال عدائية ودنيئة ضد بلدنا وذلك منذ استقلال الجزائر" في عام 1962، بخاصة بعد تصريحات أدلى بها مبعوث المغرب لدى الأمم المتحدة في نيويورك، تؤيد تقرير المصير لمنطقة القبائل في الجزائر.
واتهمت الجزائر، الرباط بدعم الحركة من أجل تقرير مصير منطقة القبائل (الماك) وهي جماعة انفصالية أعلنتها الحكومة الجزائرية "منظمة إرهابية"، وتتهمها بإشعال الحرائق الضخمة التي اجتاحت الغابات أخيراً، بخاصة في منطقة القبائل وأودت بحياة 65 شخصاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ملف الصحراء
ولطالما ساد التوتر العلاقات بين الجزائر والمغرب أيضاً، على خلفية ملف الصحراء الغربية، المستعمَرة الإسبانية السابقة التي يعتبرها المغرب جزءاً لا يتجزأ من أراضيه، فيما تدعم الجزائر "الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب" (بوليساريو) التي تطالب باستقلال الإقليم.
وتعمّق الخلاف العام الماضي بين البلدين بعد اعتراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بسيادة المغرب على كامل أراضي الصحراء الغربية مقابل تطبيع العلاقات بين الرباط وإسرائيل.
وسبق لملك المغرب محمد السادس أن دعا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في خطاب نهاية يوليو (تموز) الماضي، إلى "تغليب منطق الحكمة" و"العمل سوياً، في أقرب وقت يراه مناسباً، على تطوير العلاقات الأخوية التي بناها شعبانا عبر سنوات من الكفاح المشترك"، مجدِداً أيضاً الدعوة إلى فتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ 16 أغسطس 1994.
وكان المغرب قطع علاقاته مع الجزائر في عام 1976 بعد اعتراف الجزائر بقيام "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية". ولم تُستأنف العلاقات إلا في عام 1988 بعد وساطة سعودية.