من رفع حظر السفر الأميركي إلى مضاعفة تعهد تمويل المناخ لواشنطن، بدا أن مهمة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لتهدئة العلاقات مع الرئيس الأميركي جو بايدن بعد الكارثة في أفغانستان قد أثمرت هذا الأسبوع، فبينما كانت هناك بعض الومضات المفاجئة، أعلن رئيس وزراء المملكة المتحدة نجاحات دبلوماسية عدة خلال زيارته الولايات المتحدة، والتي تضمنت اجتماعاً لمدة 90 دقيقة مع سيد البيت الأبيض. إلا أن الآمال بتوقيع اتفاقية تجارية مبكرة مع واشنطن، قد تلاشت بعد لقاء الزعيمين، إذ أقر جونسون بأن إدارة بايدن أوضحت أن الصفقات التجارية لم تكن أولوية تشريعية لأنها تركز على أجندتها الاقتصادية المحلية.
وسبق أن أشاد جونسون بصفقة التجارة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي باعتبارها إحدى الجوائز الرئيسة لمغادرة الاتحاد الأوروبي، وتكهن المسؤولون البريطانيون بأن المملكة المتحدة قد تسعى بدلاً من ذلك إلى الانضمام إلى اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، مع ذلك، تم إسقاط هذه الفكرة من قبل "داونينغ ستريت" في غضون ساعات، وقال متحدث باسمها، "ما نركز عليه هو الصفقة الأميركية "، وأضاف، "لا توجد خطط لتجاوز ذلك في هذه المرحلة"، في وقت وصف حزب العمل المعارض الارتباك بأنه "فوضى".
بداية موفقة
وبدأت زيارة جونسون موفقة عندما قررت الولايات المتحدة السماح للأشخاص الذين تم تطعيمهم بالكامل ضد كوفيد-19 بالسفر إلى الولايات المتحدة من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة اعتباراً من نوفمبر (تشرين الثاني)، ويبدو أن لندن فوجئت بالقرار لكنها ادعت أنه انتصار كما تقول "فايننشال تايمز".
وفي خبر سار آخر للمملكة المتحدة قبيل قمة الأمم المتحدة للمناخ في غلاسكو هذا العام، تعهد بايدن بمضاعفة مساهمة واشنطن في تمويل المناخ العالمي بعد أن حث جونسون أغنى الدول على الوفاء بتعهدها بتقديم 100 مليار دولار كمساعدة سنوية لمحاربة الاحترار في العالم في خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وأشار أحد المسؤولين الدبلوماسيين إلى أن "رفع حظر السفر والتمويل المتعلق بالمناخ يبدوان جيدين، لكنهما بالطبع لا يقدمان كثيراً للمملكة المتحدة حتى لو تم نسجهما على هذا النحو".
وجاء اجتماع جونسون في البيت الأبيض بعد أسبوع من حلف لندن مع واشنطن وكانبيرا لصياغة اتفاقية الغواصات النووية، وهو اتفاق دفاعي في منطقة آسيا والمحيط الهادي.
دبلوماسي من الداخل
وجاء الاتفاق بعد فترة اختبار أكثر للدبلوماسية عبر الأطلسي بعد أن انتقدت بريطانيا علانية قرار بايدن بسحب القوات الأميركية من أفغانستان في نهاية أغسطس (آب) والفوضى التي أعقبت ذلك، وتضمنت نقاط التوتر تحذيراً من بايدن لجونسون بعدم السماح لأي نزاع بشأن تسوية ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في إيرلندا الشمالية بزعزعة استقرار عملية السلام في المنطقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع ذلك، كان الدبلوماسيون البريطانيون متفائلين بعد اجتماع جونسون وبايدن، وقال أحد كبار المسؤولين إن إيرلندا الشمالية لم تظهر في المناقشات الخاصة وإن تصريحات الرئيس الأميركي المتلفزة تعكس موقفه الراسخ.
وخلال اجتماعات جونسون في "الكابيتول هيل"، تمت مناقشة التحديات في إيرلندا الشمالية "على نطاق واسع"، وقال أحد الدبلوماسيين إن رئيس الوزراء البريطاني أبلغ السياسيين الأميركيين بأن العملية الحالية للبروتوكول تخاطر بتقويض اتفاقية "الجمعة العظيمة" التي أنهت ثلاثة عقود من العنف الطائفي.
وقال أحد المطلعين البريطانيين، "لقد كررنا رسالتنا بأننا ملتزمون تماماً بعدم وجود حدود صارمة في إيرلندا وبالتالي سارت الأمور بشكل جيد"، ولفت مسؤول دبلوماسي أكثر تشاؤماً إلى أن "10 داونينغ ستريت (مركز صنع القرار السياسي ومقر رئيس الوزراء البريطاني)، ما زال غير مدرك أهمية كل الأشياء الإيرلندية لبايدن، لن تختفي، بايدن جمهوري كاثوليكي بالفطرة، وبالتالي الأبيض لديه حساسية تجاه أي شيء يمكن أن يؤدي إلى انهيار اتفاقية الجمعة العظيمة".
رحلة "مهمة"
وقال توماس رايت، الخبير عبر الأطلسي في معهد "بروكينغز"، إن الرحلة كانت "مهمة" ويبدو أنها كانت "ناجحة"، هكذا وصفها "داونينغ ستريت"، مستشهداً برفع حظر السفر ودعم قمة المناخ في غلاسكو.
وبينما تبادل بايدن وجونسون الدعوات حول حب الرئيس الأميركي للسفر بالقطار، حتى أن جونسون استقل قطار "أمتراك" للوصول إلى العاصمة لحضور لقائه في البيت الأبيض، قال رايت إن الجانب الشخصي لعلاقتهما "كان دائماً مبالغاً فيه بشكل كبير"، وأضاف، "أعتقد أنهم ساروا بشكل جيد، لكن لا أعتقد أن هذا كان التحدي في هذه الرحلة. إنه ليس دونالد ترمب، مع ترمب، هذه الأشياء مهمة لأنه إذا حدث خطأ ما، فسوف يحمل ضغينته وسيؤثر ذلك على السياسة".