قال الديوان الملكي الاردني في بيان الإثنين إن المعلومات التي نشرت استناداً الى "وثائق باندورا" بشأن عقارات الملك عبد الله الثاني "غير دقيقة" و"مغلوطة" معتبراً أن نشر عناوينها يشكّل "تهديداً لسلامة الملك وأسرته".
وأفاد البيان "احتوى بعضها (التقارير) معلومات غير دقيقة، وتم توظيف بعض آخر من المعلومات بشكل مغلوط، شوه الحقيقة وقدم مبالغات وتفسيرات غير صحيحة لها"، مضيفاً أن "ما قامت به بعض وسائل الإعلام من إشهار لعناوين هذه الشقق والبيوت هو خرق أمني صارخ وتهديد لأمن وسلامة جلالة الملك وأفراد أسرته".
كما أوضح البيان أن الملك تحمّل شخصيا كلفة عقاراته في الخارج.
وكشف تحقيق نشره الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين الأحد أن الكثير من قادة الدول، بينهم العاهل الأردني ورئيس وزراء تشيكيا ورئيسا كينيا والإكوادور، أخفوا ملايين الدولارات عبر شركات خارجية (اوفشور) في ملاذات ضريبية.
وجاء في هذه الوثائق أن الملك أسس سلسلة من الشركات في الخارج، 30 منها على الأقل في بلدان أو مناطق تعتمد نظاما ضريبيا متساهلا.
ومن خلال هذه الشركات اشترى 14 عقارا فخماً في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بقيمة تزيد عن 106 ملايين دولار.
وبحسب بيان الديوان الملكي الإثنين فإن الملك "يمتلك عدداً من الشقق والبيوت في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وهذا ليس بأمر جديد أو مخفي".
واضاف أن الملك يستخدم "بعض هذه الشقق أثناء زياراته الرسمية ويلتقي الضيوف الرسميين فيها، كما يستخدم وأفراد أسرته البعض الآخر في الزيارات الخاصة".
واكد البيان أن "كلفة هذه الممتلكات وجميع التبعات المالية المترتبة عليها تمت تغطيتها على نفقة جلالة الملك الخاصة، ولا يترتب على موازنة الدولة أو خزينتها أي كلف مالية".
بعد هذه المعلومات قامت جهات أردنية مختصة بحجب الموقع الإلكتروني للتسريبات، وتم فك الحجب عنه لاحقاً، فيما وجدت "المعارضة الأردنية" في الخارج الفرصة مواتية للاحتفاء بالتقارير المسربة وانتقاد النظام الأردني مجدداً.
و"أوراق باندورا" هي تعاون صحافي عالمي يرعاه الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين غير الربحي، ضم أكثر من 600 صحافي وأكثر من 117 دولة، ويعمل على كشف أكبر عملية تسريب للبيانات على الإطلاق وتتألف من 12 مليون ملف.
منازل وعقارات بقيمة 100 مليون دولار
ولا يبدو أن التسريبات تدين الملك الأردني، أو توجه له أصابع الاتهام المباشر، على الرغم من الحديث عن شراء عقارات بين عامي 2003 و2017 من خلال شركات وهمية مسجلة في الملاذات الضريبية الآمنة بقيمة تتجاوز 100 مليون دولار، وهي مبالغ يقول مراقبون إنها متواضعة ولا تشير إلى شيء خارج عن المألوف.
وتشمل تلك المنازل منزلاً في أسكوت، وهي واحدة من أغلى البلدات في إنجلترا، وشققاً بملايين الدولارات في وسط لندن وثلاث شقق فاخرة في أحد مجمعات واشنطن، ذات إطلالات بانورامية على نهر بوتوماك.
وتشمل أيضاً ثلاثة منازل متجاورة على شاطئ البحر، وهي قيد الإنشاء في "بوينت ديوم"، وهي منطقة فخمة تقع بالقرب من لوس أنجليس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من ماله الخاص
وتزعم التسريبات أن الملك عبدالله الثاني، يمتلك سراً 14 منزلاً فاخراً في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، على الرغم من إطلاق السلطات الأردنية في يونيو (حزيران) 2020 حملة على الثروة الخفية للمواطنين في الملاذات الضريبية خارج نطاق التدقيق.
لكن في المقابل تنقل التسريبات ذاتها عن محامي الملك عبدالله الثاني أنه اشترى العقارات من ماله الخاص، وليس هناك ما يعيب استخدامه لشركات تتخذ من الملاذات الضريبية مقرات لها في شراء هذه العقارات.
ويقول مراقبون إن الأرقام الواردة في التسريبات لا تنطوي علي أي شبهة مالية، وتتواءم مع مخصصات الملك وثروته وأملاكه التي ورثها من والده الملك الراحل الحسين بن طلال خلال 20 عاماً مضت.
انقسام ومطالب بالشفافية
وانقسم الأردنيون على وسائل التواصل الاجتماعي حيال هذه التسريبات التي تطال للمرة الأولى عاهل البلاد، بين من يعتبر أن ثمة استهداف وحملات ضده منذ سنوات، وآخرين ينتقدون غياب الشفافية الحكومية والرواية الرسمية.
واعتبر الإعلامي حسام غرايبة أن قرار حجب موقع الاتحاد الدولي للصحافيين في الأردن وضعه في دائرة الاتهام قبل صدور التقرير بساعات، حيث ما زال البعض يعتقد أن بإمكانه حجب المعلومة، وطالب غرايبة بالشفافية والاعتراف بالأخطاء وعدم دفن الرؤوس في الرمل.
وأضاف "إذا أرادت الدولة أن تحافظ على وجودها واستقرارها السياسي والأمني والاجتماعي، فإن الفرصة ما زالت قائمة مهما كانت الأخطاء السابقة، والسير بثقة في خطة الإصلاحات السياسية والإدارية التي تعيد للشعب سلطاته وتمكنه من محاسبة إدارته".
بينما اعتبر الكاتب وأستاذ العلوم السياسية حسن البراري أن الحجب لن يغير من الواقع، فالأردنيون على دراية بالتفاصيل، والمطلوب رواية رسمية تحترم عقول الأردنيين وتقول لهم لماذا تم الكشف عن هذه المعلومات في هذا الوقت تحديداً.
وتساءل البراري حول الجهات التي تستهدف العاهل الأردني ولأي غرض؟ مشيراً في الوقت نفسه إلى تعاقد الملك عبدالله مع شركة محاماة أميركية مرموقة تمهيداً لمواجهة حملات ضده شخصياً قد تبدأ بها جماعات في الولايات المتحدة قريباً.
أسباب أمنية
ووفقاً للقانون الأردني فإن العاهل الأردني غير مُلزم دفع الضرائب. وتقول شركة "دي أل إيه بايبر" (DLA Piper) للمحاماة، التي تضم محامين بريطانيين عن الملك وفقاً للتسريبات، إن العاهل الأردني لديه أسباب أمنية مشروعة حاسمة، وأخرى تتعلق بالخصوصية، لحيازة ممتلكات في شركات خارجية، وإن الأمر لا علاقة له بالتهرب الضريبي أو أي غرض آخر غير لائق.
وأضاف المحامون أن الملك لم يُسِئ استخدام الأموال العامة أو المساعدات الخارجية، وأن ثروته تأتي من مصادر شخصية. كما أن معظم الشركات الخارجية إما لم تعد موجودة أو لا علاقة لها بالملك.