شكل مجلس الوزراء السوداني، اليوم الاثنين، خلية أزمة مشتركة من جميع الأطراف لمعالجة أزمة البلاد السياسية، والالتزام بالتوافق العاجل على حلول عملية تستهدف تحصين وحماية واستقرار ونجاح التحول المدني الديمقراطي، والمحافظة على المكتسبات التاريخية المتعلقة بقيم الحرية والسلام والعدالة.
وقال مصدر حكومي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "خلية الأزمة يرأسها رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، وتضم اثنين من العسكريين، واثنين من كل جانب، (تجمع) الحرية والتغيير والمجموعة المنشقة عنه التي تطالب بحل الحكومة".
ودعا مجلس الوزراء جميع الأطراف إلى أن تنأى عن التصعيد والتصعيد المضاد، وأن يُعلي الجميع المصلحة العليا للمواطنين والبلاد.
وأكد على أهمية الحوار بين جميع أطراف الأزمة الحالية، سواء بين مكونات الحرية والتغيير، أو بين مكونات الحرية والتغيير والمكون العسكري في مجلس السيادة الانتقالي.
ولفت المجلس إلى أن توقف الحوار خلال الفترة الماضية بين مكونات الشراكة يشكل خطورة على مستقبل البلاد، داعياً إلى التوافق على حلول للقضايا الآنية، وبقية متطلبات الانتقال الديمقراطي.
وأكد المجلس على الجهود المبذولة لمعالجة قضية شرق السودان، وسعيه الحثيث والتزامه إيجاد حلول عادلة تحفظ مصالح الإقليم، موجهاً بضرورة استمرار الجهود مع قادة الاحتجاجات، بما يؤدي إلى حلحلة الأوضاع الحالية.
احتجاجات مستمرة
وكانت الشرطة السودانية أطلقت، اليوم الاثنين، الغاز المسيل للدموع على محتجين حاولوا الاقتراب من مبنى مجلس الوزراء، وهم يهتفون مطالبين بإسقاط رئيس وزراء الحكومة الانتقالية.
وأكدت الحكومة المحلية في ولاية الخرطوم العاصمة أن قوات الشرطة "تتصدى" للمحتجين.
وكتبت على "تويتر"، "شرطة ولاية الخرطوم وعبر قوات مكافحة الشغب وبإشراف مباشر من النيابة العامة تتصدى لمحاولة اقتحام مجلس الوزراء".
وذكر صحافي من وكالة الصحافة الفرنسية أن العشرات حاولوا الاقتراب من مبنى مجلس الوزراء في وسط العاصمة الخرطوم، وهم يهتفون "يسقط يسقط حمدوك".
وفي اليوم الثالث لاعتصامهم، ردد المعتصمون المؤيدون تولي العسكريين السلطة كاملة، هتافات تدعو إلى حل الحكومة المدنية.
وقال الطاهر فضل المولى، أحد المحتجين، "جئنا إلى هنا لإسقاط الحكومة المدنية، لأنها فشلت ولكي يتولى العسكريون هذه الفترة الانتقالية".
ويواصل المئات اعتصامهم في الخيام التي نصبوها أمام القصر الرئاسي، منذ السبت الماضي، في حين يواصل حمدوك اتصالاته المكثفة مع طرفي الصراع (المؤيدون للعسكريين، والداعمون للسلطة المدنية)، للوصول إلى حلول توافقية تفادياً لحدوث صدام، وانفجار الوضع في الشارع السوداني جراء تظاهرات، الخميس المقبل، التي دعت إليها تنظيمات مدنية وقوى سياسية لدعم الانتقال الديمقراطي، ورفض تغول المكون العسكري في شؤون الحكم المدني.
وعلى الرغم من تفاؤل حاكم إقليم دارفور، رئيس حركة تحرير السودان الداعم اعتصام القصر، قال مني أركو مناوي، خلال لقاء تلفزيوني، بإمكانية التوصل إلى حل لهذه الأزمة خلال ساعات، استناداً للقائه، الأحد، مع حمدوك، برفقة وزير المالية رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، وما نتج من هذا اللقاء من مقترحات جيدة، بحسب قوله، في اتجاه الحل.
إلا أن الأمين العام لـ "حزب الأمة القومي" الواثق البرير قال لـ "اندبندنت عربية، "الوضع غير مطمئن إذا استمر بهذه الوتيرة، في ظل رفض المكوّن العسكري الجلوس مع أي جهة مدنية للتفاهم والتفاوض حول مآلات الأزمة وحلولها، فضلاً عن دعمه التظاهرات الأخيرة، وكذلك تعطيله اجتماعات كل المجالس المشتركة مع المكوّن المدني، من أهمها مجلس السيادة، ومجلس الشركاء".
"الربيع العربي"
وأكد البرير أن المجلس المركزي لـ "قوى الحرية والتغيير" توافق مبدئياً مع توجهات رئيس الوزراء حمدوك، الداعية للوصول إلى حلول سريعة للأزمة غير المبررة، باعتبار ألا مفرّ للحفاظ على الوطن ووحدته وتماسكه، إلا عبر الحوار كآلية ونهج ديمقراطي مشروع، مشدداً على أنه في حال فشل هذه المساعي، فستكون النتيجة الفوضى، وهو أمر لا تحمد عقباه، كما سيكون من الصعب على المكوّن العسكري السيطرة على الشارع، وتحدياته، بالتالي لا يفيد الندم، ولا نريد لبلدنا تكرار تجربة "الربيع العربي" التي حدثت في ليبيا وسوريا، كما قال البرير الذي علّق على مطلب المجموعة الداعمة للاعتصام بحل الحكومة الانتقالية، بقوله، "الحديث عن حل الحكومة، كلمة حق أريد بها باطل، فالحل ليس المشكلة، لكن المشكلة هي الدوافع والمبررات، فكونهم يبررون مطلبهم بأن الحكومة غير كفوءة، فهذا الأمر تتم مناقشته عبر آليات متعارف عليها، ومن غير المعقول أن يكون وزير المالية غير مدرك مثل هذا الإجراء، وما تتضمنه اتفاقية جوبا للسلام من نصوص في هذا الشأن، وواضح أنهم يتكلمون عن أشياء من وراء الحجاب، ولديهم أجندة غير معلنة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع الأمين العام لـ "حزب الأمة القومي"، "نحن كقوى سياسية مسؤولة، نرى أن حل الحكومة أو توسيع قاعدة المشاركة فيها، ليست قضية جوهرية ولا يمكن أن يتم هذا الإجراء بهذه الصورة التي هدفها في الأساس عرقلة الانتقال وفرض أجندة سياسية معلومة، بخاصة أن بعض عناصر هذه المجموعة كان موجوداً ومشاركاً في الإعداد للإعلان السياسي الذي أعلن عنه في الثامن من سبتمبر (أيلول) الماضي بمشاركة نحو 40 حزباً ومكوناً سياسياً ومسلحاً ومنظمات مجتمع، لكنهم غيروا آراءهم قبل تاريخ الإعلان لأجندة يعلمونها".
أجندة سياسية
من جانبه، رأى عضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي السوداني كمال كرار أن المطالبات بحلّ الحكومة الانتقالية في البلاد بناء على فشلها، وراءها أجندة سياسية، مشيراً في تصريحات صحافية إلى أن وزير المالية وحاكم دارفور هما جزء من الحكومة، ويجب عليهما أن يتحمّلا مسؤولية هذا الفشل، ولفت كرار إلى أن الأزمة الاقتصادية في البلاد سببها أن السياسة الاقتصادية في الفترة الانتقالية لم تختلف عن تلك التي كانت متبعة في نظام الرئيس السابق عمر البشير.
مطالب الاعتصام
ويطالب المحتجون بحل الحكومة الحالية وتشكيل أخرى مؤلفة من كفاءات وطنية مستقلة تدير البلاد حتى إجراء انتخابات حرة، نهاية الفترة الانتقالية، فضلاً عن العودة إلى منصة تأسيس تحالف الحرية والتغيير واسترداد الثورة المختطفة بواسطة قوى صغيرة، وفق تعبيرهم.
ويضم التحالف الذي أطلق على نفسه اسم "منصة التأسيس"، "حركة العدل والمساواة" بقيادة جبريل إبراهيم، و"حركة تحرير السودان" بزعامة مني أركو مناوي، إلى جانب قوى سياسية مدنية، وقيادات سياسية أبرزها، التوم هجو، ومحمد سيد أحمد الجاكومي، ومبارك أردول، وآخرون.
ويرى التحالف الجديد، أن الثورة السودانية تم اختطافها من قبل أربعة أحزاب سياسية وتستوجب العودة إلى "منصة تأسيس" قوى "الحرية والتغيير"، بغرض توسيع قاعدة المشاركة وخلق حاضنة سياسية عريضة للحكومة الانتقالية الحالية.