في حادث سير على طريق الشارع الرئيس الواصل بين محافظات قطاع غزة، توفيت والدة صافيناز، التي تقول إن أمها وصلت إلى المستشفى جثة هامدة نتيجة صدمها من قبل سيارة مسرعة كانت تسير فوق 100 كيلو متر في الساعة.
على غرار والدة صافيناز، لقي نحو 41 مواطناً مصرعهم نتيجة حوادث السير التي وقعت منذ بداية العام الحالي 2021 حتى أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، فيما تعرض أكثر من ألف آخرين لإصابات بينهم 50 صنفت على أنها خطيرة، وبحاجة لرعاية طبية طويلة الأمد.
3 آلاف مركبة دمرت
يقول مفتش عام حوادث المرور في شرطة المرور والنجدة في قطاع غزة، مصطفى الشاعر، إن أكبر مسببات الحوادث المرورية هي السرعة الزائدة بنسبة تقارب 90 في المئة من إجمالي الحوادث التي تم تسجيلها، ويليها القيادة عكس السير، ثم قطع الشارة الحمراء، والقيادة من دون رخصة.
ويضيف الشاعر أن السرعة الزائدة والقيادة من دون رخصة عاملان تسببا في وقوع أكثر من ألفي حادث سير منذ بداية العام الحالي، ونتج عن ذلك تدمير نحو ثلاثة آلاف مركبة ودراجة هوائية. وتسجيل نحو 41 حالة وفاة وأكثر من ألف إصابة.
ولمحاولة تفادي حوادث السير والتقليل من وقوعها، جمّعت وزارة النقل والمواصلات بالتعاون مع الإدارة العامة لشرطة المرور والنجدة هياكل السيارات المدمرة، وعرضتها على مفترقات الطرق الرئيسة في شوارع غزة.
هياكل السيارات رسائل تحذيرية
وعلى المفترق الرئيس لغزة، ويُطلق عليه مفترق السرايا (يعد الأكثر ازدحاماً) وضعت الوزارة هيكل لعربة لا يمكن للسائق أو المواطن المحدق بها معرفة نوعها، نتيجة الضرر والتمزق الذي لحق بها من شدة حادث المرور الذي أصابها، ما يدفع السائقين المتعجلين في القيادة إلى تهدئة السرعة.
وفي لحظة انتظار تحول لون الشارة الضوئية من الأحمر إلى الأخضر عند ذلك المفترق، يقول مدير العلاقات العامة والإعلام في وزارة النقل والمواصلات، خليل الزيان، إن الفترة الماضية شهدت زيادة في حوادث السير، وحصدت أرواح مواطنين، لذلك نحاول توعية السائقين والمواطنين بخطورة السرعة الزائدة التي تعد المسبب الأول لحوادث السير، كما نرشدهم لضرورة احترام قانون المرور لحماية الجميع.
وعلى الرغم من أن وزارة النقل والمواصلات تتحدث عن زيادة ملحوظة في حوادث المركبات خلال الأشهر الثلاثة الماضية، فإن سجلات شرطة المرور تفيد بأن العام الحالي يعد الأقل تسجيلاً لحوادث السير مقارنة مع السنوات العشر الماضية، والتي أكثرها عام 2013، وسجل خلاله أكثر من خمسة آلاف حادث، راح ضحية ذلك أكثر من 80 حالة وفاة.
وعلى الرغم من تكثيف وزارة النقل والمواصلات وشرطة المرور إجراءاتها للحد من السرعة الزائدة، فإن هناك ظاهرة لدى بعض الشباب في استئجار سيارات لممارسة هواية التسابق بالعربات. ويقول خليل، الذي استأجر سيارة، إنه يهوى القيادة بسرعة زائدة، والتسابق مع أصدقائه، وغير مكترث لإجراءات الجهات الحكومية التي تفتقر لأجهزة تحديد السرعة.
لا أجهزة رصد في غزة
ويؤكد الشاعر أن شرطة المرور لا تملك أجهزة تقنية للتمكن من رصد السرعة الزائدة بسبب الحصار، موضحاً أنها تملك راداراً واحداً قديماً، وأحياناً لا تكون قراءته السرعة دقيقة، إلا أن الضابط في الميدان يراعي القراءة بما يتناسب مع الواقع للحصول على السرعة الحقيقية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي شأن الإجراءات الوقائية، يشير الشاعر إلى أنه منذ بداية الانقسام لم تتمكن الشرطة من إدخال أجهزة الرادار والأساليب التقنية التي تحدد سرعة المركبات الزائدة لأن إسرائيل تمنع ذلك، لذا أوجدت الشرطة بديلاً وعملت على نشر دوريات وكثفت نشر الثقافة القانونية لدى السائقين والوعي المروري عند المواطنين، ومتابعة مكاتب تأجير العربات.
ووفقاً لشرطة المرور في غزة، فإن المسبب الثاني للحوادث هو القيادة من دون رخصة. ويقول الشاعر إن الشرطة تحاول ضبط المخالفين، ضمن إجراءات نشر الحواجز الثابتة والطيارة، وجرى ضبط نحو 1200 شخص يقودون من دون رخص. وهذا العدد يشكل نسبة 10 في المئة من إجمالي السائقين الذين يقودون السيارات من دون الحصول على رخص.
القانون بحاجة إلى تعديل
في الواقع، يعزف سكان غزة عن الحصول على رخصة قيادة بسبب سوء الوضع الاقتصادي الذي يعيشونه، خصوصاً أن تكلفة هذه العملية تصل إلى 300 دولار أميركي، في حال تمكن السائق من النجاح في جميع الاختبارات المخصصة لذلك من المرة الأولى. أما في حال فشله فإن تكلفة الحصول على رخصة قيادة تصل إلى 500 دولار كحد أدنى.
يؤكد الشاعر أنه على الرغم من المتابعة والإجراءات الصعبة التي تتبعها شرطة المرور، فإن هناك عدداً كبيراً من السائقين يقودون المركبات من دون رخص، ويكمن السبب في أن الحصول على هذه البطاقة مكلف مالياً إذا ما فشل السائق في تجاوز الاختبارات المخصصة لذلك.
وتعمل غزة وفقاً لقانون المرور الموحد الذي تعمل عليه الضفة الغربية، ويعود لعام 2000، لكن في الأخيرة تجري السلطة الفلسطينية كثيراً من التحديثات عليه، فيما بقي على حاله في القطاع من دون أي تجديد، ويرجع السبب في ذلك إلى الانقسام وغياب المجلس التشريعي، بحسب الشاعر.