لأول مرة منذ سنوات، قرر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم الإثنين 25 أكتوبر (تشرين الأول)، عدم تمديد حالة الطوارئ المعمول بها في البلاد، قائلاً في تدوينة على "فيسبوك" إن "مصر باتت، بفضل شعبها العظيم ورجالها الأوفياء، واحة للأمن والاستقرار في المنطقة".
وأضاف "يسعدني أن نتشارك معاً تلك اللحظة التي طالما سعينا لها بالكفاح والعمل الجاد"، مضيفاً "قررت، ولأول مرة منذ سنوات، إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد".
وتابع "هذا القرار الذي كان الشعب المصري هو صانعه الحقيقي على مدار السنوات الماضية بمشاركته الصادقة المخلصة في كافة جهود التنمية والبناء". وظلت حالة الطوارئ مفروضة في مصر منذ شهر أبريل (نيسان) 2017، مع تجديدها كل ثلاثة أشهر، بموافقة البرلمان.
وأتى قرار الرئيس المصري بإلغاء الطوارئ بعد 18 تجديداً وتمديداً لها خلال السنوات الخمس الأخيرة، وكان قد خول للقوات المسلحة والشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب، وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ أرواح المواطنين، وفق ما ينصه الدستور.
حسب الدستور المصري في أحدث نسخة عام 2014، تنظم مادته (154) إعلان حال الطوارئ في البلاد، استناداً إلى قانون الطوارئ رقم (162) الذي صدر عام 1958، إذ تخول لرئيس الجمهورية إعلانها بعد أخذ رأي مجلس الوزراء، مع إلزامه بعرضها لاحقاً، خلال مدة لا تجاوز سبعة أيام، على مجلس النواب وموافقة غالبية أعضاء المجلس لتمريرها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما نصت المادة على أن تعلن حال الطوارئ لمدة محددة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وألا تجدد إلا لمدة مماثلة بعد موافقة ثلثي نواب الشعب. موضحة أن رئيس الجمهورية هو من يعلن حال الطوارئ، وهو من يعلن انتهاءها، كما ينتهي العمل بها إذا رفض البرلمان إقرارها.
وحسب نص قانون الطوارئ، عدد الحالات التي يتوجب الاستناد إليها لفرض الطوارئ شملت الحرب أو قيام حالة تهدد بوقوع حرب، وحدوث اضطرابات داخلية أو كوارث عامة أو انتشار وباء، مما يعني تعرض الأمن العام في أراضي الجمهورية أو مناطق منها للخطر.
ويعطي قانون الطوارئ صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية والحكومة، إذ يسمح باتخاذ إجراءات استثنائية بموجبه، من بينها وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والمرور في أماكن أو أوقات معينة، وإحالة المتهمين إلى محاكم أمن الدولة وحظر التجول في بعض المناطق ومراقبة الرسائل، أياً كان نوعها، ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها، وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها، فضلاً عن تمكين الجيش من فرض الأمن.
كذلك يمنح القانون الرئيس والحكومة صلاحية تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها، ومصادرة أي منقول أو عقار، والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات، وإخلاء بعض المناطق أو عزلها، وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة.
وكان آخر مرة وافق البرلمان على تمديدها، يوليو (تموز) الماضي، وقال حينها المستشار حنفي الجبالي، رئيس مجلس النواب، "إن الأغلبية المطلوبة للموافقة توافرت بشأن تمديد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، وهي ثلثا أعضاء مجلس النواب، ولذا أعلن موافقة المجلس على قرار رئيس الجمهورية بمد الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر".
وإجمالاً لم يكن فرض أو إلغاء حال الطوارئ في مصر بجديد، فمنذ عام 1914، تشهد مصر على مدى عمر أزماتها، فرض قوانين استثنائية تخول السلطات في البلاد التصرف بما تراه مناسباً لـ"فرض الأمن والنظام في البلاد". وعلى الرغم من أن تسمية "حال الطوارئ" ذاتها جاءت للمرة الأولى مع العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956، فإن القوانين الاستثنائية كانت قائمة منذ العقد الثاني من القرن الماضي، تحت ما يُعرف بالأحكام العرفية.