أما الآن، وقد انحنت أمام قدرها المحتوم وأعلنت استقالتها، أكثر ما ستُذكَر به تيريزا ماي سيكون الكلمات الثلاث التالية: لا شيء تغيّر.
عبر ثلاث سنوات مرّت ببطء يفوق الخيال، نهضت ماي بوظيفة مستحيلة تفوق الخيال، وصعّبت الأمور على نفسها إلى حدّ يفوق الخيال، لكن رئيسة الوزراء لم تتغيّر إلا بالكاد.
وذات مرّة، أظهرها استطلاع للرأي بوصفها رئيسة الوزراء الأكثر شعبية في التاريخ.
في لحظاتها الأخيرة، لم يزد تماسكها عن مجرد تقطيب الحاجبين.
في ما يلي سرد لما أعتبره لحظات تيريزا ماي الحاسمة.
الانتخابات العامة 2017. كانت تلك لحظة بدت فيها قادرة على جعل جيرمي كوربين بخاراً متبدداً، وأمّنت لنفسها الغالبية البرلمانية التي تحتاجها لتمرير "بريكست" في البرلمان. لم تَسِرْ الأمور على ذلك النحو.
مؤتمر حزب المحافظين في 2017، بعد أشهر من حصولها على غالبية برلمانية، كانت تحتاج آنذاك إلى أن تلقي الخطاب الأهم في حياتها. لم تفعل ذلك. وبدلاً من ذلك، تلقت خطاب نهاية الخدمة من أحد المخادعين (آنذاك، كان ذلك بيتر بون هو البرلماني المحافظ والمتحمس لبريكست)، ولم تنبس ببنت شفة، بل جلستْ محطّمة تماماً.
بعد أن أُرغِمَتْ على العودة إلى بروكسل (مقر الاتحاد الأوروبي) لتنخرط في جولة اخرى من استجداء الاتحاد تغيير بند في صفقتها عن بريكست يتعلّق بالحدود مع ايرلندا، وفشلت تماماً في السيطرة على غضبها أثناء مقابلة مع مذيعة الـ"بي بي سي" لورا كوينسبرغ.
بعد أن واجهت صفقتها عن بريكست الموت بتأثير من ألف تعديل برلماني، انحرفت خطتها صوب مسار مغلوط بشكل رهيب، بل حاولت الحكومة أن تخسر أمام نفسها كي تدحر نفسها بنفسها، لكنها خسرت حتى ذلك الأمر.
عندما خسرت صفقتها عن بريكست تصويتاً ثالثاً في البرلمان، ولم يعد أمامها من مخرج على الإطلاق، عمدت إلى التحديق في عدسات التلفزة أمام باب مقر الحكومة (10 "داوننغ ستريت") في محاولة تنويم الأمة مغناطيسيّاً. فشل ذلك الأمر كليّاً.
ثم انتهى زمنها.
© The Independent