تواصل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق عملية إعادة العد والفرز اليدوي في المحطات التي قُبلت فيها الطعون، لا سيما من قبل القوى الخاسرة في الانتخابات المبكرة التي جرت في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلا أن أغلب تلك النتائج جاء مطابقاً للأرقام المعلنة إلكترونياً.
حسم الطعون
وأنجزت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عمليات العد والفرز اليدوي في بعض المحطات الانتخابية في بغداد والمحافظات، وكان آخرها محافظة البصرة. وأعلنت المفوضية، الأربعاء 3 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، عن الانتهاء من العد والفرز اليدوي للمحطات المطعون بها في محافظة البصرة، بحضور ممثلي المرشحين الطاعنين والمراقبين الدوليين والإعلاميين المخولين.
وأكدت المفوضية في بيان، أنها "سترفع نتيجة عملية العد والفرز اليدوي لمحطات هذه المحافظة إلى مجلس المفوضين، لاتخاذ التوصية المناسبة بشأنها في ضوء الإجراءات المتبعة". وأضافت أن "الخميس، سيشهد النظر في الأدلة التي قُدمت ضمن ملحق طعون مرشحي محافظات (ديالى وبابل وكربلاء والنجف) لحسم ملف طعونهم بالكامل، بعد استكمال المراجعة والتدقيق بما قدمه المرشحون في الملحق المشار إليه".
رفض النتائج
وأعلن "الإطار التنسيقي" للقوى الشيعية (باستثناء التيار الصدري) المعترضة على نتائج الانتخابات التشريعية، رفضه نتائج العد والفرز اليدويَين للصناديق المطعون بنتائجها.
ودعا "الإطار" في بيان، "الهيئة القضائية إلى النظر بموضوعية في الطعون المقدمة وإيقاف الهدر المتعمد لمئات الآلاف من أصوات الناخبين". كما دعا إلى "إجراء العد والفرز اليدوي الشامل وفق المعايير الموضوعية".
رفض التدخلات
في المقابل، اتهم زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، دولاً إقليمية بالتدخل بالشأن العراقي وبخاصة في موضوع الانتخابات ونتائجها من خلال الضغط على كتل سياسية لتحقيق مصالحها، مؤكداً أن "في ذلك ضرر كبير على العراق وشعبه".
ودعا الصدر في تغريدة له على "تويتر"، "كل الدول ذات التدخلات الواضحة إلى سحب يدها فوراً". وأضاف "كما أنني رفضت التحاور مع تلك الدول، فعلى الكتل عدم اللجوء إليها وإدخالها في شؤوننا الداخلية، فنحن عراقيون ونحل مشاكلنا في ما بيننا حصراً".
ورأى الصدر أن "مثل هذه التدخلات تمثل إهانة للعراق وشعبه واستقلاله وهيبته وسيادته".
وتتهم القوى السياسية الخاسرة في الانتخابات العراقية الأخيرة، مفوضية الانتخابات بتزوير النتائج الأولية التي أُعلنت بعد 24 ساعة من يوم الاقتراع، وتدعو إلى إعادة العد والفرز اليدوي لجميع المحطات.
"كانت مسرحية"
بدوره، طالب عضو "تحالف عزم"، قتيبة إبراهيم الجبوري، رئيس الجمهورية برهم صالح بالتدخل ووقف عمل مفوضية الانتخابات، مبيناً أن "الانتخابات كانت وللأسف مسرحية هزيلة جعلت ثقة الشعب شبه معدومة بالنظام السياسي في العراق". وقال الجبوري في بيان، إن "عملية العد والفرز في المحطات المطعون بها تضمنت ملاحظات ومؤشرات عدة، أهمها عدم مقارنة النتائج مع الشريط مباشرة، بل مع التقرير الورقي المرفق بالصندوق الصغير ومن ثم تُقفل الصناديق بأقفال جديدة. ولم يتم تدوين الأرقام الجديدة باستمارة العد والفرز، كما كانت هناك شخصيات متنفذة تتجول بين فرق العد والفرز اليدوي لا ترتدي بطاقة تعريفية، ولوحظ أن الموظف المكلف بالعد والفرز اليدوي يعتمد على معلومات الصناديق من الأوراق التي داخل الصندوق الصغير ومن ثم يسجل المعلومات الحديثة من دون أن يتأكد من أرقام الأقفال أو رقم الجهاز أو ما شابه ذلك".
وأكد الجبوري أنه "لا صلاحية لموظف العد والفرز اليدوي تخوله إعطاء المراقبين أرقام الأقفال أو رقم الجهاز أو ما شابه".
وأوضح الجبوري أن "موظف المفوضية المكلف بالعد والفرز اليدوي لا يقارن أرقام أقفال الصندوق الأربعة أو يتأكد ما إن كانت فعلاً في المحطة وبنفس المحافظة بحيث يقوم بقطع القفل من دون أن يهتم ما إذا كان هذا الصندوق هو نفسه في المحطات أم غيره، وبالتالي كيف يمكن للمفوضية أن تثبت أن هذا الصندوق كان فعلاً في المحافظة أو المحطات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشدد الجبوري على "ضرورة تدخل رئيس الجمهورية بصفته حامي الدستور، وأن يوقف عمل مفوضية الانتخابات التي كانت سبباً في جعل عملية الاقتراع مسرحية هزيلة أثارت سخرية الشارع العراقي والمجتمع الدولي. وعلى الكتل السياسية أن تعلن موقفها من تعرض أصواتها للسرقة في وضح النهار".
تطابق يدعو إلى التشكيك
في السياق ذاته، أكد الباحث السياسي والاقتصادي، نبيل جبار العلي، أنه "مع قرب انتهاء إجراءات المفوضية لعد وفرز أوراق الاقتراع يدوياً لما يقارب من 2000 محطة اقتراع ، وهو ما يمثل أقل من 1 في المئة من المحطات في عموم العراق، تتدفق بيانات المفوضية بصورة شبه يومية عن تأكيدها لتطابق النتائج بنسبة 100 في المئة مع العد الإلكتروني المعلنة في السابق، وهو أمر يدعو إلى الاستغراب، فالطعون المقبولة التي جرت على أساسها إعادة العد والفرز هي فقط الطعون التي أُرفقت بأدلة ملموسة، وهي عبارة عن تقارير ورقية يصدرها جهاز العد الإلكتروني في ساعة غلق الصناديق، ويتقدم الطاعن بطعنه لوجود اختلاف بين الأرقام المعلَنة من جهة والأرقام المثبتة في التقارير بين يديه من جهة أخرى، لذلك يُتوقع على الأقل أن نجد نسبة معقولة في عدم التطابق بين العد اليدوي والنتائج المعلنة، لكن ما يحدث من تطابق يدعو للتشكيك بوجود خطأ ما".
وأكد أن "الاطار التنسيقي إضافة إلى أطراف سياسية أخرى، أبدوا اعتراضهم على الأسلوب المتّبع في إجراءات العد والفرز من قبل المفوضية، فهم يرفضون الإجراءات التي تعتمدها المفوضية بإعادة العد والفرز عبر تمرير الأوراق مرة أخرى على الماسح الإلكتروني، ويفضلون إجراء العد البصري لأوراق الاقتراع".
وعبّر العلي عن اعتقاده بأن "المعالجات المحدودة من قبل المفوضية لإجراء العد والفرز لمحطات لا تشكل إلا ما يقارب 1 في المئة، بإظهار نتائج متطابقة على الرغم من وجود أدلة من مقدمي الطعن سيفاقم الأزمة، ولا يخفف من حدتها، على اعتبار أن المفوضية لن تقدم ما يثبت نزاهة وشفافية الانتخابات (على الأقل من وجهة نظر المعترضين) واذا كان التطابق حقيقياً بعد إجراء عمليات العد والفرز، لزم على المفوضية إصدار بيان وتوضيح سبب الاختلاف بين الأدلة المقدمة من الطاعنين وتطابق العد والفرز".
محاولة للعرقلة
في المقابل، اعتبر الباحث السياسي علي البيدر أن "معظم المعترضين على نتائج الانتخابات يدركون أنها ستكون مطابقة لما أُعلن عنه، إلا أنهم ومن خلال هذه الخطوة يحاولون عرقلة نتائج الانتخابات وتشكيل الحكومة". وأضاف أن "الانتخابات الأخيرة هي أفضل انتخابات في مسيرة التجربة الديمقراطية العراقية أو ربما في تاريخ البلاد، لما ارتكزت عليه من آليات موضوعية. كما لا توجد أي أدلة على وجود عمليات تزوير في الانتخابات المبكرة".
ورجح البيدر أنه "من الممكن أن تغير عمليات العد والفرز اليدوي بعض النتائج الأولية التي أعلنتها المفوضية، إلا أن هذا التغيير سيكون طفيفاً ولا يؤثر على مكانة وترتيب الكتل الفائزة بالمراكز الأولى وبذلك لن يحدث تغيير جوهري في النتائج".