ملخص
تسعى جماعة الإخوان المسلمين إلى تكرار سيطرتها على رئاسة المجلس النيابي للمرة الثانية في تاريخها عبر ترشيح البرلماني البارز والمتخصص في الشأن القانوني والدستوري النائب صالح العرموطي الذي حصل حزبه "جبهة العمل الإسلامي" على حصة وازنة وبواقع 31 مقعداً من إجمالي 138 مقعداً.
ألقى الإسلاميون بكل ثقلهم داخل مجلس النواب الأردني عبر الإعلان عن ترشيح أحد أبرز وأقدم رموزهم لرئاسة المجلس بهدف الظفر بأهم السلطات في الأردن، وهي السلطة التشريعية مع قرب افتتاح الدورة العادية الـ20 للبرلمان.
وتشكل الدورة النيابية الجديدة المقرر افتتاحها في الـ18 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري اختباراً حقيقياً لشكل العلاقة بين الحكومة الأردنية والحركة الإسلامية.
وتسعى جماعة الإخوان المسلمين إلى تكرار سيطرتها على رئاسة المجلس النيابي للمرة الثانية في تاريخها عبر ترشيح البرلماني البارز والمتخصص في الشأن القانوني والدستوري النائب صالح العرموطي الذي حصل حزبه "جبهة العمل الإسلامي" على حصة وازنة وبواقع 31 مقعداً من مقاعد مجلس النواب والبالغة 138 مقعداً.
فرص متأرجحة ومخاوف
وقال حزب جبهة العمل الإسلامي في بيان حول قرار ترشيح العرموطي إنه يعتمد على مبدأ التشاركية ومد اليد لجميع الأطراف بما يخدم المصلحة العامة ويرتقي بالأداء النيابي ويرسخ مكانة مجلس النواب الدستورية بين سلطات الدولة، ليأخذ مجلس النواب دوره بصورة كاملة وفاعلة في تحمل المسؤوليات الوطنية في هذه اللحظة التاريخية التي تعيشها المنطقة العربية.
لكن مراقبين وخبراء في الشأن البرلماني يرون أن ترشح العرموطي لرئاسة مجلس النواب يمثل خطوة مهمة من قبل جماعة الإخوان المسلمين لإثبات وجودها وتعزيز شرعيتها، بعد أعوام من قرار قضائي قطعي يقضي بحظرها.
يعد العرموطي من الشخصيات البرلمانية البارزة ورئيس كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي، لكن فرص فوزه بهذا المنصب المهم متأرجحة وتعتمد على عوامل عدة من أبرزها دعم الحكومة له، فضلاً عن دعم الكتل النيابية المناوئة في المجلس، بما فيها تلك التي تمثل توجهات سياسية مختلفة وأخرى مرتبطة بالدولة بصورة وثيقة.
وثمة حسابات سياسية معقدة فيما يخص دعم العرموطي، فثمة خشية من تأثير سياسات ومواقف حزبه الذي يعد الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين على العلاقة بالدولة، بخاصة مع وجود ملفات داخلية حساسة تحتاج إلى نوع من التوازن الدقيق، وتتطلب تنحية الولاءات الحزبية الضيقة جانباً، بخاصة في هذا الظرف الحساس والدقيق الذي يمر به الأردن سياسياً واقتصادياً.
وفيما تبدي السلطات تحفظاً تجاه تولي شخصية من تيار إسلامي بارز لهذا المنصب، نظراً إلى طبيعة العلاقة بين الجماعة والدولة التي تتسم في بعض الأحيان بالتوتر، فإن تيارات أخرى في الدولة الأردنية ترى ضرورة إحداث نقلة سياسية وتعزيز التوازن داخل المجلس، ومنح الإخوان المسلمين تمثيلاً يتلاءم مع حجمهم تحت القبة، بخاصة بعد استبعادهم من التشكيلة الوزارية في الحكومة الجديدة.
استقلالية أم مغامرة؟
ويرى المؤيدون لفكرة انتخاب العرموطي رئيساً لمجلس النواب الأردني أن ذلك قد يؤدي إلى تعزيز استقلالية المجلس كجهاز رقابي وتشريعي.
وعلى صعيد الأداء والملفات يتوقع هؤلاء أن يتخذ العرموطي مواقف صارمة في قضايا مثل التطبيع والعلاقات مع إسرائيل، والسياسة الخارجية للمملكة، مما قد يخلق توتراً إضافياً بين المجلس والحكومة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إضافة إلى ذلك فإن العرموطي، المعروف بمواقفه الشعبية، قد يدفع نحو تسريع مناقشة تشريعات اقتصادية هامة، وفتح ملفات تتعلق بمكافحة الفساد.
لكن المتخصص بالشأن البرلماني الكاتب وليد حسني يعتقد أن ترشيح الإسلاميين للعرموطي مغامرة يدرك الإسلاميون أخطارها وفي مقدمها بالطبع الفشل المؤكد لحمل العرموطي لسدة الرئاسة وسط اختلال موازين القوى لنواب العمل الإسلامي مقابل القوة التصويتية للكتل الأخرى.
ويضيف حسني، "الحكومة لن ترضى بأن يكون للنواب الإسلاميين مراكز قيادية تتربع على سدة رئاسة السلطة التشريعية الأولى في مجلس النواب، والإسلاميون يرمون من هذا الترشيح إلى ما هو أبعد من ذلك، فهم يدركون أن فرصهم معدومة في حمل النائب العرموطي لسدة الرئاسة، وأن معادلة القوة والواقع ليست في جانبهم، لكنهم يريدون من ذلك تحسين شروط تفاوضهم على ما وراء مقعد الرئاسة".
اختبار لجدية "الإخوان"
ويرى تيار ثالث أنه في حال فوز الإسلاميين برئاسة مجلس النواب فإن ذلك يعد اختباراً لجدية الإسلاميين في ممارسة العملية الديمقراطية وفق مبدأ "المشاركة لا المغالبة"، مع تصاعد التوقعات التي ترى أن ثمة توجهاً رسمياً لاحتواء جماعة الإخوان وتقويم سلوكهم السياسي تحت مظلة الدولة ودمجهم في النظام الرسمي.
في المقابل يعتقد المحلل السياسي أحمد أبو غنيمة أن ترشيح الإسلاميين للعرموطي يضع مراكز القرار في الدولة أمام قرار مهم في وقت تشهد فيه البلاد تحديات داخلية وخارجية، تستدعي بالضرورة وجود برلمان قوي، ليكون شريكاً فاعلاً في اتخاذ القرار السياسي الأردني.
في حين يرى النائب السابق هايل الدعجة أن هذا الترشيح لا يخدم الإسلاميين، بخاصة مع الخطأ الكبير والكارثي الذي وقعت فيه جماعة الإخوان المسلمين بعد تبنيها حادثة البحر الميت ضد جنود إسرائيليين، والتي أعلنت فيها عن عضوية اثنين من المنفذين في الجماعة.
ويعتقد الدعجة أن وجود إسلامي على رأس الهرم التشريعي قد يؤدي إلى ضغوط خارجية على الأردن الرسمي، متوقعاً ألا يتمكن صالح العرموطي من الفوز بالمنصب حتى لا يعطى مجلس النواب صبغة إخوانية، وحتى لا يبدو أن المجلس بات تحت سيطرة الجماعة.
وإلى جانب العرموطي يبرز اسم الرئيس السابق لمجلس النواب أحمد الصفدي كمرشح قوي ممثلاً عن حزب الميثاق الذي حصد حزبه نحو 26 مقعداً برلمانياً، إضافة إلى النائب مازن القاضي الذي شغل منصب وزير الداخلية في حكومة سابقة.