يشهد العراق أحداثاً أمنية ذات تداعيات خطرة. فقد هاجم تنظيم "داعش" قرية الرشاد في محافظة ديالى، ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات، وجرت محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، فجر الأحد، السابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، عبر طائرات مسيرة. ويرجح مراقبون أن يؤثر ذلك على الاتفاق بين الكاظمي والرئيس الأميركي جو بايدن، الخاص بانسحاب القوات الأميركية المقاتلة من البلاد في نهاية 2021.
ففي نهاية يوليو (تموز) الماضي، اتفق الطرفان، بعد استكمال مباحثات الفرق الفنية الأخيرة، على أن العلاقة الأمنية بين بغداد وواشنطن "ستنتقل بالكامل إلى المشورة والتدريب والتعاون الاستخباراتي، ولن يكون هناك أي وجود لقوات قتالية أميركية في العراق في حلول 31 ديسمبر (كانون الأول) 2021".
واعتبر الرئيس العراقي برهم صالح، في تغريدة عبر "تويتر"، أن "نتائج الحوار الاستراتيجي العراقي الأميركي مهمة لتحقيق الاستقرار وتعزيز السيادة العراقية، وتأتي ثمرة عمل حثيث من الحكومة برئاسة مصطفى الكاظمي، وبدعم القوى الوطنية، وتستند إلى مرجعية الدولة".
كذلك، كتب رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، على "تويتر"، أن بلاده "حققت إنجازاً كبيراً" باتفاق انسحاب القوات القتالية الأميركية، وأنها تخطو نحو تحقيق كامل قدراتها، ونجحت دبلوماسياً وسياسياً بإنجاز الاتفاق الاستراتيجي مع واشنطن ضمن متطلبات المرحلة الجديدة".
توقيت انسحاب القوات الأميركية
في الأثناء، أكد عضو "الاتحاد الوطني الكردستاني"، صالح فقي، أن انسحاب القوات الأميركية في هذا التوقيت أمر خاطئ.
وقال فقي في تصريح صحافي إن "التحركات الأخيرة لداعش تثبت حاجة العراق إلى الوجود الأميركي في الوقت الحالي، ويجب التأني في تطبيق قرار الانسحاب".
ورجح المتخصص في الشأن الأمني، علي البيدر، أنه "يُعاد النظر في الخطط الأمنية للعراق بشكل عام، ومنها قضية وجود القوات الأجنبية التي ستنظر إلى العراق بشكل مختلف هذه المرة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع البيدر، "الولايات المتحدة حريصة على حماية التجربة الديمقراطية التي أسستها بعد الإطاحة بنظام صدام حسين، وقد تكون صمتت طيلة المدة الماضية على عمليات العبث بتلك التجربة، لكن أن يصل الأمر إلى هكذا مرحلة فلن تقف الإدارة الأميركية مكتوفة الأيدي"، واضاف، "قد يصار إلى تعزيز الوجود الأميركي عسكرياً في العراق، وربما سيكون بطلب عراقي هذه المرة، بعد استشعار الجميع خطورة ما يحدث، وأن الجماعات المسلحة لم تكن تمزح وعازمة على إزالة أي عقبة تعترض توسع نفوذها حتى لو كانت تلك العقبة رئيس الوزراء".
ورأى أن "العراق بحاجة ماسة إلى تلك القوات، والشعب العراقي يؤمن بذلك، وكذلك الأمر بالنسبة إلى فئة واسعة من المنظومة السياسية باستثناء تلك التي تمتلك أذرعاً مسلحة"، مضيفاً، "ربما يلجأ المجتمع الدولي بعد محاولة اغتيال الكاظمي إلى إعادة البلاد إلى البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو ما يجعل قرار وجود تلك القوات خارجياً ومفروضاً على العراق".
مصالح واشنطن
أما الكاتب المتخصص في الشؤون السياسية والاقتصادية، صالح لفته، فاعتبر أن "ما يجري من أحداث في الساحة العراقية، ومنها محاولة اغتيال رئيس الوزراء، ستشكل عامل ضغط من دول لمطالبة الرئيس الأميركي بوجود طويل الأمد في العراق، خوفاً من تكرار السيناريو الأفغاني وانزلاق العراق إلى الفوضى، أو ترك الساحة فارغة تملؤها دول ترى الولايات المتحدة وحلفاؤها أنها تشكل تهديداً لمصالحها، فيعيد الجانب الأميركي حساباته ويرى أن بلاده تحتاج إلى بقاء قوات مقاتلة في العراق لوقت أطول"، وتابع لفته، "وجود القوات الأميركية وانسحابها غير مرتبطين بشخص رئيس الوزراء العراقي، سواء كان الكاظمي أو غيره، بل إن الأمر مرتبط أكثر بالإدارة الأميركية وقيادة جيوشها ورؤيتها لمصالحها في المنطقة".
وسأل لفته، "صحيح أنه جرى اتفاق بين الكاظمي وبايدن في شأن سحب القوات المقاتلة واختصار المهمة على التدريب، لكن من يستطيع إجبار واشنطن على تطبيقه إذا ما رغبت في تغيير فقراته أو التريث في الانسحاب، إذا ما كان الانسحاب يضر بمصالحها ونفوذها في المنطقة؟".