لوَّح الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الاثنين، بفرض عقوبات جديدة على نظام بيلاروس، وأبدت بروكسل عدم ثقتها بالتطمينات التي قدمتها مينسك بشأن إعادة المهاجرين الموجودين في خيام عند الحدود البولندية "إلى بلادهم"، بعد أن اتهمتها بتدبير تدفقهم.
وعبر مكبرات الصوت عمد حرس الحدود البولنديون إلى تحذير مئات المهاجرين المحتشدين عند معبر بروسغي البيلاروسي المقابل لبلدة كوزنيتسا البولندية، "انتبهوا! العبور غير الشرعي للحدود ممنوع. قد تتعرضون لملاحقات جزائية".
وبعد أن علقوا عند الحدود بين بيلاروس وبولندا، يتهيأ مهاجرون يتراوح عددهم بين ألفين وثلاثة آلاف شخص، غالبيتهم من كردستان العراق، وبينهم أطفال كثر، لقضاء ليل الاثنين في خيام بأجواء جليدية.
وفي تصريح أدلى به لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف قال أريان والي زلمي، وهو كردي عراقي يبلغ 25 عاماً، "ننتظر هنا بين الجنود البولنديين والبيلاروسيين، لا يسمحون لنا بالذهاب إلى أي مكان".
وعبر الهاتف أيضاً، قال سائق شاحنات سابق من الجنسية العراقية عالق مع زوجته وأولاده الثلاثة، وبينهم رضيع وطفل يبلغ ثمانية أعوام مبتور الأطراف، "أريد الذهاب إلى أي بلد. نحن جميعاً متعبون وعلى آخر رمق".
ويتهم الاتحاد الأوروبي بيلاروس بإرسال المهاجرين إلى الحدود رداً على العقوبات التي فرضتها الكتلة على مينسك.
عقوبات جديدة
والاثنين، أعلن مسؤول السياسية الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عقب اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء، أن التكتل سيتبنى "في الأيام المقبلة" فرض عقوبات جديدة على شخصيات ومنظمات ضالعة في تدفق المهاجرين.
وشدد على أن هذه العقوبات ستطاول "عدداً كبيراً" من الشخصيات والكيانات. والاثنين، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن "تتهيّأ" لفرض عقوبات جديدة على مينسك "بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي".
وشددت الخارجية الأميركية على أنها "ستواصل محاسبة" نظام لوكاشينكو على خلفية مواصلته انتهاك "الديمقراطية وحقوق الإنسان والمعايير الدولية".
وأوروبياً، تصاعدت الضغوط على المسؤولين الروس والبيلاروسيين، لا سيما خلال محادثات هاتفية بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وأيضاً بين المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو.
وبحسب الإليزيه، تعهد الرئيس الروسي أن "يبحث" مع لوكاشينكو أزمة المهاجرين. وجدد لوكاشينكو الذي لم يعترف الاتحاد الأوروبي بفوزه في أغسطس (آب) 2020 بولاية رئاسية جديدة، نفيه الضلوع في أزمة المهاجرين.
وأكد أن بلاده تعمل على إعادة المهاجرين المحتشدين عند حدودها إلى بلدانهم قائلاً، "نحن مستعدون (...) لإعادتهم جميعاً في طائرات إلى بلدانهم".
ونقلت وكالة "بيلتا" الرسمية عنه قوله، إن "العمل جارٍ بشكل نشط في هذه المنطقة لإقناع الناس... أرجوكم، عودوا إلى دياركم، لكن أحداً لا يرغب في العودة". وقال، "من الواضح أنه لم يعد لديهم أي مكان يعودون إليه، أي منزل، ولم يعد لديهم ما يطعمونه لأولادهم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن، يبدو أن تصريحات لوكاشينكو لم تقنع وزراء الخارجية الأوروبيين. وقال وزير الخارجية الليتواني غابرييليوس لاندسبيرغيس، إنه "ليس لديه سبب" لتصديق لوكاشينكو. وأضاف، "دعونا نأمل فقط في هذه المرحلة بأن يقول أمراً حقيقياً".
من جهتها، أعلنت وارسو، الاثنين، أنها ستبدأ في ديسمبر (كانون الأول) بناء جدار على طول الحدود مع بيلاروس يُتوقع إنجازه في الربع الأول من عام 2022، وفق بيان لوزارة الداخلية البولندية.
منع عبور الغاز الروسي
والاثنين، أكد لوكاشينكو أنه جاهز للرد إذا فُرضت عقوبات أوروبية جديدة على بلاده، وكان قد أعلن سابقاً أنه سيمنع عبور الغاز الروسي إلى أوروبا، إلا أن موسكو سارعت إلى التقليل من أهمية هذا التهديد، ودعا بوتين الأوروبيين إلى استئناف الحوار.
ونفى الرئيس الروسي، نهاية الأسبوع، صحة الاتهامات التي توجه إلى موسكو بأنها تسهم في تفاقم الأزمة، وألقى باللوم على السياسات الغربية في الشرق الأوسط.
وقال الكرملين، الاثنين، إنه "من الخطأ" تحميل الرئيس البيلاروسي المسؤولية الكاملة عن أزمة الهجرة عند الحدود مع بولندا.
وأضاف الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، "لوكاشينكو ليس المتسبب بالوضع الحاصل عند الحدود... من الخطأ تماماً تحميل لوكاشينكو كامل المسؤولية".
أزمة الهجرة
وتمنع بولندا المهاجرين العالقين عند حدودها من دخول أراضيها، علماً بأن الاتحاد الأوروبي شهد في عام 2015 أزمة هجرة من دول شرق أوسطية تشهد حروباً ومن أفغانستان أدت إلى زعزعة استقراره. وهي تعيد إلى بيلاروس كل من تتمكن من القبض عليه خلال محاولة العبور إلى أراضيها.
من جانبها، أعلنت شركة الطيران الوطنية البيلاروسية "بيلافيا" منع المسافرين السوريين والعراقيين واليمنيين والأفغان من الصعود على متن رحلاتها القادمة من الإمارات بطلب من الأخيرة.
وجاءت الخطوة بعد أن حظرت "بيلافيا"، الجمعة، السوريين والعراقيين واليمنيين من الصعود على متن الرحلات القادمة من تركيا بطلب من أنقرة.
وأخيراً، أعلنت الحكومة العراقية أنها ستسير، الخميس، أول رحلة لإعادة المهاجرين العراقيين على أساس "طوعي".