جدد رئيس الوزراء الليبي عبدالحميد الدبيبة عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، على الرغم من إعلان المفوضية العليا للانتخابات مخالفة رغبته هذه للشروط المحددة للترشح، وتعهداته السابقة في حوار جنيف، الذي أنتج السطات التنفيذية الحالية ومن بينها الحكومة التي يترأسها.
وعدت تصريحات الدبيبة التي انتقد فيها من جديد القوانين الانتخابية، ووصفه لها بـ "المعيبة" و"غير العادلة"، تعقيداً جديداً في سياق المسار الانتخابي، ومؤشراً آخر إلى الصعوبات التي قد تعوق الالتزام بموعدها في نهاية السنة الحالية، تضاف إلى التداعيات التي خلّفها إعلان سيف الإسلام القذافي دخول السباق الرئاسي.
وفي موازاة ذلك، أعلن قائد الجيش الوطني في بنغازي خليفة حفتر ترشحه بشكل رسمي للانتخابات الرئاسية المقبلة، مشعلاً المنافسة على المنصب مع سيف الإسلام القذافي ورئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة الذي يواجه مشكلات قانونية في الترشح.
الدبيبة يتمسك بالترشح للانتخابات
ولمّح رئيس الحكومة الليبية، الإثنين، 15 نوفمبر (تشرين الثاني)، من جديد إلى نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، منتقداً في كلمة له، خلال مشاركته في الفعاليات الطلابية والشبابية بطرابلس، قانون الانتخاب الذي يعوق ترشحه، قائلاً إنه " قانون معيب". وأضاف أن "قرار ترشحه للانتخابات المقبلة سيكون بيد الشعب فقط، وأنه سيعلن في القوت المناسب موقفه من الترشح ".
وتابع الدبيبة أن "الانتخابات تمر بمشكلة كبيرة جداً، ولا يمكن أن نتنازل عن مطلب أن يختار الشعب الليبي من ينتخبه، ولكن تم وضع قوانين تعرقل هذا المسار، كما أن الانتخابات يجب أن تكون وفق قاعدة دستورية وقانون يتفق عليه الجميع".
واعتبرت تصريحات الدبيبة تراجعاً منه عن تعهداته السابقة في حوار جنيف بداية العام الحالي بعدم الترشح لأي منصب في الانتخابات المقبلة، وتأكيده قبل أيام قليلة في مؤتمر باريس حول ليبيا أنه سيسلم السلطة حال أُجريت الانتخابات "بشكل نزيه وتوافقي".
رسالة ضمنية
ووجه الدبيبة رسالة ضمنية في شأن قبول أوراق ترشح سيف الإسلام القذافي للانتخابات الرئاسية، قال فيها "دامت رايتنا شامخة بهمم أبناء شعبنا وتضحياته، ودام هذا العلم بنجمته وهلاله رمزاً لوحدة الوطن وتضحياته بماضيه المجيد ومستقبله الموعود"، في إشارة إلى علم الاستقلال الذي اتخذ علماً للبلاد بعد الثورة، بديلاً عن العلم الأخضر الذي كان يتخذه نظام معمر القذافي. وأضاف رئيس الحكومة، "نحن ننظر إلى المستقبل ولا نلتفت إلى الوراء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هذا الموقف الخاص بترشح نجل القذافي للرئاسة لم يخالف التوقعات، كون الدبيبة ينتمي لمدينة مصراتة الأكثر عداوة في البلاد للقذافي وأبنائه، والتي أعلنت إغلاق مراكز الاقتراع بعد قبول اسم سيف الإسلام القذافي مرشحاً للانتخابات الرئاسية.
وعود لحشد المناصرين
واستمراراً لما دأب معارضو رئيس الحكومة على وصفه بالدعاية السياسية المدفوعة من خزانة الدولة، بينما يصنفه مؤيدوه على أنها إنجازات وخطة طموحة لدعم الشباب، قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية إنه "سيوفر لكل عائلة ليبية منزلاً صحياً لائقاً، وسيباشر إعطاء قروض الإسكان للشباب، وتخصيص قطع أراض لهم "، وتعهد الدبيبة بصرف الرواتب المتوقفة منذ سنوات، في ما يتعلق بما يعرف في ليبيا بـ "ملف الإفراجات المالية". وقال، "وجدنا عند تسلمنا الحكومة مئات الآلاف ممن لم يتقاضوا رواتبهم لسنوات، والآن قمنا بتسوية هذا الملف بشكل نهائي "، وأشار إلى أن "ليبيا خيراتها كثيرة، ولكن مشكلتنا في الفساد والإدارة، كما أنها البداية ونحن مستمرون في إقرار كل ما هو في مصلحة المواطنين".
ويصنف الدبيبة من بين الأسماء البارزة للمنافسة على المنصب الرئاسي مع سيف الإسلام القذافي وقائد الجيش في بنغازي خليفة حفتر، بعد أن نجح في تدعيم حظوظه وشعبيته بصرف المليارات من خزائن الدولة لتحسين الأوضاع الاقتصادية للمواطن، وتقديم منح وقروض للشباب، أكبر قوة انتخابية في ليبيا، كونهم يشكلون أكثر من 65 في المئة من نسبة السكان، بحسب الإحصاءات الرسمية للدولة.
برنامج انتخابي أم خطة حكومية؟
وفي ليبيا اعتبر كثر من المهتمين بالشأن السياسي أن ما طرحه الدبيبة في تصريحاته يعتبر برنامجاً انتخابياً استباقياً لإعلان ترشحه الرسمي للسباق الرئاسي، بالنظر إلى المدة الزمنية التي يحتاجها ليدخل حيز التنفيذ، والتي لا تتناسب مع المدة القصيرة الباقية لحكومته، كما يعتبر هذا البرنامج ثاني برنامج انتخابي معلن بعد برنامج رئيس تكتل إحياء ليبيا والمرشح الرئاسي عارف النايض، القائم على رؤية من أربع ركائز أساسية، كشف عنها في افتتاح المقر الرئيس للحزب في العاصمة طرابلس قبل أيام.
وتقوم الرؤية، بحسب إعلان تأسيس الحزب، على تحقيق السلام والأمن وسيادة القانون لضمان حياة الليبيين وتحقيق تنمية اقتصادية شاملة، من خلال تنويع اقتصاد البلاد وتأسيس قطاع خاص وبنية تحتية بسواعد شابة ليبية، لتحقيق التنمية البشرية، وتشمل أيضاً بناء القدرات البشرية لليبيين وإزالة العقبات وتعليم الشباب ليكونوا قادة المستقبل، وتحقيق الإدارة الرشيدة وإصلاح القطاع العام، عبر حكومة توفر الخدمات للجميع بفعالية وشفافية وتخضع للمساءلة.
حفتر يدخل المنافسة رسمياً
من جانبه، أعلن قائد الجيش الوطني في بنغازي خليفة حفتر، الثلاثاء، ترشحه رسمياً للانتخابات الرئاسية في ليبيا، بعد أن جمد مهماته الحالية قائداً للجيش في سبتمبر (أيلول) الماضي، استجابة للشروط التي تفرضها القوانين الانتخابية، وقال حفتر في كلمة بعد إعلان ترشحه رسمياً، "أعلن ترشحي للانتخابات الرئاسية، ليس طلباً للسلطة بل لقيادة شعبنا في مرحلة مصيرية نحو التقدم والازدهار، وترشحي للرئاسة جاء استجابة للجهود والمبادرات وامتثالاً لشروط الديمقراطية، وتطبيقاً لخريطة الطريق المتفق عليها بين الليبيين". وأضاف، "الانتخابات هي المخرج الوحيد من الأزمة الحادة والطريق الأمثل لعودة ليبيا إلى مكانها الطبيعي بين الأمم ".
ورأى حفتر أن على الشعب الاختيار بين طريقين لا ثالث لهما، "ليبيا تقف اليوم أمام طريقين، هما طريق الحرية والاستقلال والتقدم، وطريق الصراعات والعبث والتوتر، وعلى الشعب الليبي الاختيار بينهما". وواصل، "أبواب الأمل فتحت لاسترجاع الشرعية وامتلاك المبادرة لإعادة بناء الدولة واختيار قادتكم للعبور نحو شواطئ الأمان، وأحيي القوى الوطنية المخلصة على ما بذلته من جهود شاقة للوصول إلى هذه المرحلة التاريخية الفارقة"، وتعهد حفتر لليبيين بـ "الدفاع عن الثوابت الوطنية الراسخة، وعلى رأسها وحدة ليبيا وسيادتها واستقلالها"، مؤكداً أن "ليبيا لديها كنوز ومقدرات إذا وضعت في أيد أمينة ستغير مستقبلها"، وختم، "أتعهد ببدء مسار المصالحة والسلام والبناء إذا وفقت في الانتخابات المقبلة".
ومن المتوقع أن يسهم ترشح حفتر لمنصب الرئاسة خلال الانتخابات المقبلة، وحظوظه الوافرة للفوز بها، بحسب استطلاعات الرأي الحالية مع سيف الإسلام القذافي ورئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، في تشدد موقف الأطراف السياسية والعسكرية في الغرب الليبي من إجراء الانتخابات نهاية السنة الحالية.
وكانت مدن مصراتة والزاوية وغريان أعلنت بشكل رسمي إغلاق مراكز الاقتراع في حدودها الإدارية، احتجاجاً على القوانين الانتخابية الحالية والسماح بترشح سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر.