أعلنت الحكومة الشرعية اليمنية، الثلاثاء 16 نوفمبر (تشرين الثاني)، بدء تنفيذ جملة من القرارات المالية والإدارية، تضمنت إجراءات عقابية تجاه عدد من منتسبيها في خطوة غير مسبوقة تسعى لإصلاح منظومتها الإدارية، ووضع حد للفساد المستشري وتبديد المال العام، الذي تتهم به ومنع المزيد من الانهيار الاقتصادي.
وكرس اجتماع عقده رئيس الوزراء اليمني، معين عبد الملك، في العاصمة المؤقتة عدن، (جنوب البلاد) ضم رؤساء الأجهزة المعنية بمكافحة الفساد، "للوقوف على الإجراءات المتخذة على ضوء تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وما تم من إحالة لعدد من الملفات بمخالفات جسيمة لجهات ومسؤولين، وسير متابعة هذه القضايا"، وبحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية "سبأ".
إجراءات صارمة
وتأتي المعالجات الحكومية في وقت تتزايد فيه الانتقادات تجاه الحكومة وأدائها في الملف الخدمي والاقتصادي، إذ تتهم من قطاع واسع في الداخل اليمني ومراقبين اقتصاديين بعدم حزمها في معالجة ملفات الفساد والثراء غير المشروع، ما فاقم الصعوبات المعيشية لليمنيين وأسهم في انهيار الاقتصاد، في ظل أزمة إنسانية هي الأسوأ على مستوى العالم، بحسب تصنيف الأمم المتحدة.
وفي ضوء المعالجات التي أقرتها الشرعية، إزاء أحد أهم الملفات الشائكة، بسبب ما يصفه البعض ارتباط بعض مسؤولي الدولة بقوى نافذة، وجه رئيس الحكومة باتخاذ إجراءات صارمة للتصدي لحالات الفساد وإحالة المتورطين في قضايا الاستيلاء على المال العام على الأجهزة القضائية، مشدداً على تفعيل الرقابة المالية المصاحبة على المستوى المركزي والمحلية.
محاكمة محافظ المهرة السابق
ووجه الاجتماع الحكومي بإحالة محافظ المهرة السابق، راجح باكريت، على القضاء في قضايا فساد.
وبهذا الخصوص ناقش الاجتماع الذي جرى بحضور كل من وزيري الشؤون القانونية وحقوق الإنسان أحمد عرمان، والعدل بدر العارضة، ورئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة القاضي أبو بكر السقاف، ومدير مكتب رئيس الوزراء أنيس باحارثة، والقائم بأعمال نيابة الأموال العامة القاضي ناصر باعامر، سير إجراءات التحقيق في ملف المخالفات المالية والإدارية المرتكبة بالوقائع والأدلة من قبل محافظ المهرة السابق، التي ترقى إلى جرائم جسيمة بحق المال العام واتخاذ الإجراءات حيالها وفقاً للقانون.
وكانت النيابة العامة التابعة للشرعية اليمنية قد اتهمت محافظ محافظة المهرة، راجح سعيد باكريت، في يوليو (تموز) 2019، بالإضرار بمصلحة الدولة، وتعطيل القوانين.
وحينها، أمرت النيابة العامة في بلاغ رسمي لمحافظ البنك المركزي بعدن بوقف الصرف من حساب السلطة المحلية بالمهرة، والتحفظ على جميع الإيرادات الحكومية.
جرائم جسيمة
ومن ضمن ما خرجت به، أقرت الشرعية اليمنية استكمال إجراءات إيقاف رئيس هيئة المنطقة الحرة عدن وجميع المتورطين في تسهيل الاستيلاء على أراضي المنطقة الحرة عدن، باعتبارها جرائم جسيمة في حق المال العام.
وشدد رئيس الوزراء على أهمية أن تضطلع النيابات المختصة بمسؤولياتها وسرعة إحالة كل قضايا الفساد على المحاكم المختصة، حتى تكون تلك الإجراءات الرادع لمن تسول له نفسه العبث بالمال العام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويواجه رئيس هيئة المنطقة الحرة في عدن تهماً بالاستيلاء على أراضٍ تابعة للدولة تقع في نطاق المنطقة الحرة، التي تضم أرصفة وميناء عدن.
صحوة حكومية
وفيما يمكن اعتباره صحوة حكومية لتفعيل عمل الأجهزة الرقابية للدولة في ظل اتهامات واسعة للحكومة بممارسة الفساد، وجه رئيس الحكومة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة باستكمال مراجعة أعمال جميع الوحدات الاقتصادية ورفع نتائج تقارير المراجعة، وإحالتها على الجهات المختصة.
وعلى الرغم من حالة الارتباك الأمني وتشتت عمل الأجهزة العسكرية في عدن، فإن رئيس الحكومة اليمنية توعد "بعدم التهاون مع أي جهة تمتنع عن تقديم بياناتها المالية للأجهزة المعنية لمراجعتها والعمل بشفافية ومسؤولية وتصحيح كل الاختلالات سواء المالية أو الإدارية".
إعادة الثقة بالدولة
الاجتماع كشف عن أن الشرعية تضع في أولوياتها مهمة إعادة الثقة بالدولة ومؤسساتها وأجهزتها المختلفة، وتقويتها للقيام بدورها، كون تحقيق "إصلاحات حقيقية يساعد الحكومة على تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وانعكاس ذلك على الجوانب المعيشية والخدمية للمواطنين".
وتطرق رئيس الوزراء إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتعزيز الإيرادات وترشيد النفقات، ضمن خطة شاملة للإصلاحات في الجوانب المالية والنقدية والإدارية وغيرها.
وعلاوة على الوضع الإنساني الأسوأ على مستوى العالم، خلفت الحرب الدائرة في اليمن منذ نحو ستة أعوام، عشرات آلاف القتلى ودفعت نحو 80 في المئة من السكان إلى الاعتماد على الإغاثة الإنسانية، كما تسببت في نزوح نحو 3.3 مليون شخص، وبات معظم السكان على شفا المجاعة.