في مؤشر واضح وجديد على أزمة السيولة المالية لدي الحكومة القطرية، تراجع حجم أصول البنوك المحلية بنسبة 3% في أبريل (نيسان) الماضي إلى 1.409 تريليون ريال (389.4 مليار دولار أميركي)، مقابل نحو 1.452 تريليون ريال (401.4 مليار دولار) في مارس (آذار) السابق له، بحسب النشرة الشهرية المجمعة لمصرف قطر المركزي، الصادرة اليوم الأحد. ويأتي تراجع الأًصول المصرفية في ظل الضغوط المالية على البنوك القطرية مع قرب الذكرى الثالثة لمقاطعة أربع دول عربية للدوحة.
وفي 5 يونيو (حزيران) 2017، أعلنت أربع دول عربية (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر) مقاطعة الدوحة إثر اتهامات للأخيرة بدعم جماعات إرهابية والعمل على زعزعة استقرار الدول الأربع المقاطعة، وهي التهم التي تنفيها قطر، الدولة الخليجية الصغيرة والغنية بالغاز، فيما ترد الدوحة على أن المقاطعة ما هي إلا محاولة للتأثير على قرارها السيادي. وترتب على المقاطعة آثار سلبية اقتصاديا وسياسيا على الدوحة، إضافة إلى حظر النقل الجوي والبري مع هذه الدول.
ولكن في المقابل، وعلى أساس سنوي ارتفعت أصول البنوك العاملة في قطر خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي بنسبة 4.1% على أساس سنوي إلى 1.409 تريليون ريال (389.4 مليار دولار)، مقابل 1353.3 مليار ريال (374.1 مليار دولار) بالشهر المماثل من 2018، وفقا للميزانية الشهرية المجمعة للبنوك الصادرة عن مصرف قطر المركزي. وأشار مصرف قطر المركزي، إلى تراجع ودائع القطاع العام القطري بنحو 31.6 مليار ريال (8.68 مليار دولار) خلال الشهر الماضي، إلى 272.2 مليار ريال (74.82 مليار دولار)، مقابل ودائع بقيمة 303.8 مليار ريال (83.5 مليار دولار) في شهر أبريل (نيسان) 2018. ويظهر هذا التراجع، الحاجه الماسة لحكومة قطر إلى السيولة مع انخفاض الإيرادات في بعض القطاعات، وتباطؤها في قطاعات أخرى.
ورغم السعي للحصول على رد من المركزي القطري، فإنه لم يرد أي اتصال، إلا أن مصدراً قطرياً، فضّل عدم ذكر اسمه، قال "بنظرة سريعة نجد أن الموجودات (الأصول) المصرفية تشهد تبايناً خلال الأشهر الثلاثة الماضية ما بين الارتفاع، لكن شهدت تراجعاً في شهر أبريل (نيسان) الماضي".
وأضاف، في اتصال هاتفي، أن "تراجع الأصول الشهر الماضي كان متوقعاً بعدما سجلت زيادة في مارس (آذار)، الذي يسبقه بنحو 42 مليار ريال (11.5 مليار دولار)"، فيما أرجع هذا الهبوط في الأساس إلى "تسجيل تحوّلات في بعض البنود أو نقلها" من دون الإشارة إلى ماهية تلك البنود.
القطاع المصرفي بين أزمة النقد الأجنبي وتراجع الإيرادات
ويقول محللون مصرفيون، إن القطاع المصرفي في قطر لا يزال يواجه أزمة وفرة في السيولة وخصوصاً النقد الأجنبي، بفعل تراجع الإيرادات، إلى جانب استنزاف الحكومة القطرية للسيولة من البنوك عبر الاقتراض منها بشكل مكثف منذ قرار المقاطعة العربية، وارتفاع النفقات اللازمة لتلبية الموازنة المحلية، وللإنفاق على المشاريع المتعلقة بكأس العالم 2022.
يشار إلى أنه يعمل في قطر نحو 19 بنكاً، تتوزع بين 7 بنوك تجارية، و5 إسلامية، إضافة إلى 7 فروع لمصارف أجنبية.
وحسب البيانات، ارتفعت التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنوك القطرية بنسبة 4% على أساس سنوي عند 940.23 مليار ريال (260 مليار دولار) بنهاية الشهر الماضي، مقارنة بـ 903.89 مليار ريال (250 مليار دولار) في الشهر المماثل من العام الماضي.
وسجلت الودائع تراجعا على أساس شهري بنسبة 5.4% إلى 801 مليار ريال بضغط من تراجع الودائع الحكومية بنسبة 27%.
فيما سجلت القروض والتسهيلات في أبريل (نيسان) انخفاضا مقارنة بشهر مارس (آذار) الماضي بنسبة 2.8% إلى 940 مليار ريال بدعم من انخفاض الاقتراض الحكومي بنسبة 12% إلى 301 مليار ريال.
وفي مارس (آذار) 2018، أظهر تقرير رسمي لصندوق النقد الدولي، تخارج نحو 40 مليار دولار على شكل ودائع لمقيمين وأجانب واستثمارات من البنوك العاملة في السوق القطرية، منذ قرار المقاطعة، إلا أن تدخل القطاع الحكومي أسهم في تخفيف الأثر والحفاظ على استقرار النظام المصرفي للبلد الغني بالغاز.
وكذلك دفعت أزمة السيولة لدي المصارف القطرية إلى التوجه إلى أسواق الدين والتوسع بالاقتراض من الخارج، وكان في مقدم البنوك بنك قطر الوطني- أكبر بنك حكومي في البلاد- الذي اقترض مؤخراً 850 مليون دولار عبر إصدار سندات فورموزا في شهر أبريل (نسيان)، بالإضافة إلى سندات بمليار دولار في الشهر السابق له.
وتجدر الإشارة إلى أن احتياطيات قطر من السيولة الأجنبية لدى البنك المركزي تحقق نوعا من الأمان المالي باحتياطيات تقدر بنحو 51 مليار دولار بنهاية مارس 2019، فضلا عن الأصول الضخمة لدى الصندوق السيادي والتى تقدر بنحو 320 مليار دولار مما يجعل انهيار الاقتصاد الغني بالغاز الطبيعي المسال أمراً مستبعداً في الوقت الراهن.
المصارف القطرية تواجه الانكشاف في العقار
على صعيد متصل أشارت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في تقرير حديث لها نشر أخيرا "إن المصارف القطرية تواجه ضغوطا من الانكشاف المرتفع على سوق العقارات المتراجعة والتي تضررت بفعل تزايد المعروض المرتبط بإقامة بطولة كأس العالم لكرة القدم في 2022. ونقلت وكالة " رويترز " عن وكالة فيتش " إن تراجعا في أسعار الإيجارات بلغ ما نسبته 20% في السنوات الأخيرة. حيث يتوقع أن تشهد هذه الأسعار إنخفاضا في ظل طرح المشروعات المرتبطة بالبطولة في السنوات المقبلة .
وأشارت فيتش إلى أن الأصول العقارية المتدهورة باتت تشكل خطرا على الوضع الاقتصادي خاصة مع نقص السيولة وخروجها منذ عام بدأت في 2017 عندما خرجت ودائع لا تقل قيمتها عن 30 مليار دولار من النظام المصرفي القطري .
وتشير الوكالة الدولية إلى انكشاف المصارف القطرية التي ركزت على سوق العقار المحلي، وأنها باتت في وضع يشكل خطرا على جودة الأصول. وأصبحت البنوك بحسب فيتش أكثر انكشافا .