في مسعى لتفعيل دور الدبلوماسية اليمنية وتنشيط حضورها الرسمي على المستوى الدولي، تنتظر العديد من السفارات والبعثات السياسية اليمنية تغييرات واسعة تطال سفراءها ومسؤوليها المباشرين لضخ دماء جديدة في شرايين خارجية البلد المنهك جراء الحرب.
ومنذ الانقلاب الحوثي على الدولة في سبتمبر (أيلول) 2014 شن قطاع واسع من اليمنيين نقداً لاذعاً طال الدبلوماسية اليمنية وعملها في المحافل الدولية، سواء من جانب الاهتمام بالرعايا اليمنيين، أو عملها السياسي، واتهموها بالتسيب والإهمال والفساد وتضخم البعثات الدبلوماسية من دون نتائج موازية.
حراك متنام
وعلى الرغم من النشاط الملحوظ الذي شهدته الدبلوماسية اليمنية مع مجيء أحد أبرز الشخصيات اليمنية قرباً من الرئيس هادي، وزير الخارجية، أحمد عوض بن مبارك، وقيامه بجولات مكوكية لا تهدأ أزاحت السلبية السياسية مع الخارج على صعيد التواصل مع الشركاء الدوليين، إلا أن جملة من المعيقات لا تزال تضعف ذلك الدور في ظل قائمة طويلة من الاحتياجات الملحة للشعب اليمني، لعل أهمها موجات النزوح التي قدرتها بعض الإحصائيات بالملايين الهاربين من سعير الحرب، وما يشهده الداخل من أزمة إنسانية هي الأسوأ على مستوى العالم.
إضافة لما تتطلبه من جهد دبلوماسي يحشد الدعم العاجل لملايين الجياع والمشردين في أصقاع الأرض، فضلاً عن الجهد السياسي الذي يقابل المآلات الصعبة التي فرضتها تداعيات الانقلاب الحوثي ومواجهة حراك مناوئيها في صنعاء الذين يقدمون أنفسهم للمجتمع الدولي كسلطة أمر واقع حتى بات الاعتراف بها مخرجاً من الأزمة اليمنية، وهو ما تسعى الجهود الجديدة لمواجهته.
فراغ مخل
ولعل أبرز المعالجات المنتظرة أمام ابن مبارك الذي كان سفيراً لدى واشنطن، شغور عدد من السفارات من منصب السفير في دول كبرى ومؤثرة كالولايات المتحدة والصين وتركيا وإسبانيا واليابان وإثيوبيا، في حين عُين ناطق الحكومة الرسمي، راجح بادي، مطلع الأسبوع الجاري، سفيراً لدى قطر، للمرة الأولى منذ ست سنوات، في إطار ملء هذا الفراغ.
يأتي هذا بعد أن مضى على سفارات اليمن في الصين واليابان وتركيا وإثيوبيا أكثر من ثلاث سنوات من دون سفراء.
فراغ المجال السياسي لممثلي اليمن وفي هذا التوقيت، بحسب مراقبين، يلحق بالقضية اليمنية الكثير من الضرر كما أن الجمود الدبلوماسي الخارجي بعدم تعيين سفراء في السفارات الشاغرة، مثل الولايات المتحدة، التي تضم آلاف المغتربين اليمنيين، والصين صاحبة ثاني اقتصاد في العالم والعضو الدائم في مجلس الأمن، انعكس سلباً على المواطنين كما هي الحال بالجانب السياسي والإنساني الذي يتطلب حضوراً فاعلاً ودعماً استثنائياً لمواجهة الظروف الصعبة التي يشهدها اليمن على كافة الأصعدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن المرتقب أن تشهد الأيام المقبلة، صدور قرارات رئاسية بتعيين عدد من السفراء لدى عدد من الدول، إذ كشف مصدر في الخارجية اليمنية، أن الوزارة بعثت ملفات ترشيح عدد من السفراء إلى عدد من العواصم الدولية المهمة على رأسها العاصمة الأميركية واشنطن، وذلك "بتفعيل دورها الدبلوماسي في واحدة من أهم وأخطر الفترات السياسية التي تشهدها البلاد".
مراجعات واعدة
ووفقاً للمصدر، فإن الوزير أحمد عوض بن مبارك، "ينفذ برنامجاً إصلاحياً بني على تقييم موضوعي شامل لعمل الدبلوماسية اليمنية تتخللها مراجعات جذرية".
وتهدف هذه المراجعات، إلى "إعادة الروح لهذا الجهاز المجمد بسبب جملة من الأسباب والتجاوزات التي طرأت عليه منذ الانقلاب الحوثي". مؤكداً أن هذه الإجراءات "كفيلة بتطوير الدبلوماسية اليمنية وحشد الدعم الدولي للقضية اليمنية وفضح الممارسات الحوثية والجهات المتماهية مع هذا المشروع المدعوم من إيران".
والأحد الماضي، أعلنت الرئاسة اليمنية، تعيين المتحدث السابق باسم الحكومة، راجح بادي سفيراً لدى الدوحة، في إطار عمليات ملء السفارات الشاغرة منذ سنوات.
وهذه المرة الأولى التي تعين فيها الحكومة اليمنية سفيراً لها لدى الدوحة، منذ قرارها إلى جانب السعودية ومصر والإمارات والبحرين قطع العلاقات معها مع بداية ما عرف بالأزمة الخليجية في يونيو (حزيران) 2017، حتى انتهاء المقاطعة في 5 يناير (كانون الثاني) الماضي، بصدور بيان القمة الخليجية الـ41 بمدينة العلا السعودية، معلناً عن نهاية الأزمة.
وفي حديث سابق لـ"اندبندنت عربية"، قال السفير بادي، إن أولى المهام التي يسعى إلى الاضطلاع بها في مهمته الجديدة، تتمثل في "استعادة علاقات البلدين وتفعيل زخمها التاريخي، ووطي صفحة الخلافات والشوائب التي اعترت هذه العلاقات في الفترة السابقة".
ووصف قطر بالدولة "المهمة والمحورية في المنطقة"، مشيراً إلى أن "العلاقات اليمنية - القطرية تاريخية ونسعى إلى إعادة زخمها ودورها الطبيعي".
تجدر الإشارة إلى أن قطر، وفقاً لبادي، تتكفل بدفع مرتبات البعثات الدبلوماسية اليمنية في الخارج منذ انطلاق عاصفة الحزم في مارس (آذار) 2015، نظراً لسيطرة الميليشيات الحوثية على البنك المركزي بصنعاء ونقص السيولة الذي تعاني منه اليمن جراء الحرب.