في المملكة المتحدة، حذر عدد من المستشارين العلميين لدى الحكومة البريطانية من أن التهديد الحقيقي الذي تطرحه المتحورة الجديدة من كورونا "أوميكرون" لن يتبدى [ترتسم معالمه] على الأرجح قبل مطلع العام الجديد.
وفق خبراء في "المجموعة العلمية لنمذجة الإنفلونزا الوبائية" (SPI-M) "كلما تفاقمت المشكلة [الإصابات]، كلما عرفنا (الخطر الذي تمثله المتحورة الجديدة) في وقت أبكر"، ولكن من المتوقع أنه قبل شهر من الآن لن تكشف البيانات ما إذا كانت "أوميكرون" ستؤدي إلى زيادة في حالات دخول المستشفيات بين صفوف الأشخاص الملقحين.
في الوقت الحاضر، رصدت أكثر من 40 حالة من "أوميكرون" في المملكة المتحدة، لكن دراسة تحليلية تشير إلى أن حالات العدوى الفعلية ربما تتخطى الرقم المذكور بأشواط، وسط مخاوف من أن أوجه قصور في شبكة اختبارات الكشف عن "كوفيد" في البلاد قد تؤدي إلى نقص في الإبلاغ عن إصابات "أوميكرون".
وفق "منظمة الصحة العالمية"، "في غضون أيام" ستقدم المختبرات معلومات توضح لنا قدرة المتحورة الجديدة على العدوى، لكنها في المقابل لن توفر صورة كاملة بشأن الطريقة التي تفضي فيها "أوميكرون" إلى تضاؤل المناعة التي اكتسبها الجسم سواء من طريق أخذ اللقاحات المضادة أو التعرض لعدوى طبيعية، أو إلى أي مدى تؤثر في الحصانة.
قال أعضاء في "المجموعة العلمية لنمذجة الإنفلونزا الوبائية"، علماً أنها لجنة فرعية من المجموعة الاستشارية العلمية للطوارئ "سايج" Sage، إن المسؤولين في المملكة المتحدة وخارجها سيعرفون على الأرجح في غضون أربعة أسابيع على أقل تقدير ما إذا كانت "أوميكرون"، التي طرأت عليها طفرات جينية كثيرة مقلقة، تنجح في التملص من المناعة الموجودة مسبقاً لدى الناس، وفي حمل المصابين على دخول المستشفى لتلقي العلاج.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"إذا لم نشهد ارتفاعاً حاداً في أعداد الحالات [الإيجابية (تأكيد الإصابة) من أوميكرون] أو الإصابات التي تتطلب دخول المستشفى في خلال الأسابيع الأربعة إلى الستة المقبلة، يمكننا حينها أن نشعر بالارتياح"، على ما قال مات كيلينغ، بروفيسور في الرياضيات وعلوم الحياة في "جامعة وارويك" البريطانيةUniversity of Warwick وأحد الأعضاء الخبراء في "المجموعة العلمية لنمذجة الإنفلونزا الوبائية".
"ولكن مع ذلك، ربما يتسنى لنا أن نتأكد من أن ثمة مشكلات تتهددنا في وقت أقرب [أبكر] كثيراً. يمكننا أن نبدأ في رؤية ارتفاعات كبيرة في إصابات [أوميكرون] في غضون أسبوع أو أسبوعين، ولو أن الانعكاسات البالغة الوطأة على معدل دخول المستشفى ستستغرق وقتاً أطول"، قال البروفيسور كيلينغ.
تذكيراً، حذر مسؤولون في جنوب أفريقيا من أن إصابات المتحورة الجديدة تشهد فعلاً ارتفاعاً مهولاً في البلاد. يبدو أن [أوميكرون] مسؤولة عن ارتفاع في حالات [كورونا] أكثر شدة في حدته وأسرع في وتيرته مقارنة مع الزيادات المفاجئة المذكورة سابقاً، مع أن حالات الدخول إلى المستشفيات تسجل الارتفاعات عينها على منوال الزيادات المسجلة في أوقات سابقة.
تضاعفت إصابات "كوفيد" المسجلة في جنوب أفريقيا بين الثلاثاء والأربعاء من الأسبوع الحالي، مرتفعة من أربعة آلاف و373 حالة إلى ثمانية آلاف و561 حالة. ولكن لم تتضح بعد حصة "أوميكرون" ضمن تلك الحالات.
أخيراً، قفزت حالات الدخول إلى المستشفى في مقاطعة غوتنغ، التي تعد بؤرة تفشي "أوميكرون" في جنوب أفريقيا، ولكن لا بد من أن تتوفر بيانات إضافية بغية تحديد الفئات العمرية والحالة التطعيمية المتصلة بالمصابين الذين تستقبلهم مراكز الاستشفاء.
في سياق متصل، ذكر البروفيسور أدريان هيل، أحد العلماء الذين عملوا على تطوير لقاح أكسفورد ضد فيروس "كورونا"، أن تسجيل "نسبة كبيرة من الإصابات الشديدة وحالات دخول المستشفيات بين أوساط كبار السن في جنوب أفريقيا" سيشكل مصدر "قلق". وأشار إلى أن "الأمر لم يحدث حتى الآن، ولكن لم يمض وقت طويل بعد".
من جانبها، ذكرت "منظمة الصحة العالمية" أن تقارير وردتها بشأن مجموعة من الإصابات "التي تبدأ من الخفيفة وصولاً حتى الشديدة الوطأة"، بينما قال علماء من "المعهد الوطني للأمراض المعدية" في جنوب أفريقيا (NICD)، إنهم يعتقدون أن الحالات التي تصاب مجدداً بفيروس كورونا، إنما بمتحورة "أوميكرون" "ستكون منخفضة الخطورة".
"نسعى إلى إثبات ذلك [المضاعفات غير الخطيرة لدى متعافي كورونا الذين يلتقطون عدوى "أوميكرون"] ومراقبتها بعناية شديدة في جنوب أفريقيا"، وينطبق الأمر نفسه على الأشخاص الملقحين"، على ما قالت آن فون غوتبيرغ، عالمة الأحياء الدقيقة في "المعهد الوطني للأمراض المعدية".
وقال البروفيسور هيل، إن المتفرجين العلميين المرتبكين [بشأن "أوميكرون"] ليسوا بعد في وضع يسمح لهم باستخلاص استنتاجات قاطعة انطلاقاً من الانتشار الوبائي في جنوب أفريقيا، ولكنه أضاف أنه "في حال لم تشهد البلاد تفشياً للحالات الخطيرة [الناتجة عن أوميكرون] في غضون شهر أعتقد أننا سنكون أكثر ارتياحاً."
تحدث في هذا الشأن أيضاً غراهام ميدلي، رئيس "المجموعة العلمية لنمذجة الإنفلونزا الوبائية"، وبروفيسور في نمذجة الأمراض المعدية في "كلية لندن للصحة وطب المناطق الاستوائية" (LSHTM)، فقال إننا "كي نرصد التأثير الذي تطرحه "أوميكرون" على معدل الحالات التي تتطلب دخول المستشفى، سنحتاج إلى تسجيل بضعة آلاف من الإصابات، ونأمل في ألا نصل إلى هذا العدد قبل أسابيع عدة من الآن".
وأضاف ميدلي أنه "كلما ازدادت المشكلة [الإصابات]، كلما عرفنا [الخطر الذي تطرحه المتحورة الجديدة] في وقت أبكر".
شهدت إنجلترا ما يقدر بنحو 60 حالة "أوميكرون" بحلول 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفق تحليل نهض به الدكتور نيك ديفيز، عضو في "كلية لندن للصحة وطب المناطق الاستوائية" بصفته عالماً في الأحياء التطورية والأوبئة. آنذاك، أكدت الفحوص إصابة عدد قليل فقط من الأشخاص بالمتحورة الجديدة.
يشير تحليل الدكتور ديفيز أيضاً إلى أن عدد عينات "كوفيد" التي يرجح أنها ناجمة عن متحورة "أوميكرون" قد ارتفع من حوالى 0.1 إلى 0.3 في المئة في الأيام الأخيرة.
تجيء النتائج التي توصل إليها الدكتور ديفيز في ظل مخاوف من أن ما بين ثلث المختبرات الطبية في المملكة المتحدة ونصفها فقط مزودة بالتكنولوجيا اللازمة لرصد حالات "أوميكرون" المشتبه فيها، ما يعني أن الفحوص ربما تغفل عن اكتشاف بعض الإصابات.
الخميس الماضي، قالت الدكتورة جيني هاريز، الرئيسة التنفيذية لـ"وكالة الأمن الصحي" في المملكة المتحدة، إن المسؤولين يتوقعون "رصد مزيد من الحالات خلال الأيام المقبلة، شأن بلاد أخرى في مختلف أنحاء العالم، ومع تعزيز اكتشاف الحالات عبر تركيز الاهتمام على اقتفاء الأشخاص الذين خالطوا المصابين".
وفي الوقت نفسه، رجحت وكالة الصحة العامة التابعة للاتحاد الأوروبي، أن "أوميكرون" قد تكون مسؤولة عن أكثر من نصف مجمل إصابات "كوفيد" في مختلف أنحاء القارة خلال بضعة أشهر. وأضافت أنه حتى الآن لم ترصد في المنطقة أي إصابة خطيرة من المتحورة الجديدة.
سجلت أوروبا حتى اليوم 79 إصابة من متحورة "أوميكرون" رصدت للمرة الأولى في جنوب أفريقيا الشهر الماضي، وفق توقعات صادرة عن "المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها".
التوقع الذي توصل إليه "المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها" يعتمد على نمذجة رياضية حاسوبية يمكن أن تضفي مصداقية على التقديرات المبكرة حول القدرة العالية على العدوى التي تتمتع بها "أوميكرون"، ما يشير إلى أنها ستواصل انتشارها إلى أن تتفوق على نظيرتها "دلتا" المسيطرة عالمياً.
© The Independent