تصاعدت خلال الأسابيع الماضية أعمال عنف سياسي ومجتمعي في غالبية الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية، وهو ما تسبب في إغلاق وتجميد الدراسة فيها، وتوعد مجلس رؤساء الجامعات باتخاذ "إجراءات رادعة تصل إلى الفصل النهائي لاحتواء الظاهرة"، في ظل شبه غياب للأمن الفلسطيني.
وشهدت جامعات الخليل والقدس ورام الله وجنين أعمال عنف وشجارات بين الطلبة كامتداد لمشاكل عائلية، أو خلافات شخصية وسياسية بين الطلبة، نظراً للانقسام بين حركتي "فتح" و"حماس".
شجار في الجامعة العربية الأميركية
ومطلع الأسبوع الماضي، قتل طالب جامعي، وأصيب آخرون في شجار بين طلبة الجامعة العربية الأميركية في جنين، وهو ما أدى إلى إغلاق الجامعة عدة أيام، وإلى اندلاع أعمال عنف بين الأمن الفلسطيني وأهالي القتيل الذين أغلقوا طرقاً رئيسة في جنين.
وعبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية عن "ألمه الشديد" من أحداث جنين، قائلاً إن ذلك يشير إلى "عدم التعاطي بعقلانية مع المشاكل"، متوعداً "باتخاذ إجراءات تمنع تكرار ما جرى في الجامعة العربية الأميركية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتقع معظم الجامعات التي تشهد أعمال عنف خلال الأسابيع الماضية في مناطق تخضع للسيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية، سوى جامعة القدس في بلدة أبو ديس شرق القدس.
لكن الناطق باسم الشرطة الفلسطينية لؤي أرزيقات أرجع تصاعد العنف إلى وجود الاحتلال الإسرائيلي، الذي يمنع الأمن الفلسطيني من الوصول إلى مناطق واسعة في الضفة الغربية، وإلى تصاعد خطاب الكراهية، وفقدان الثقة بين الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية، إضافة إلى التربية في المنازل على العنف.
وأضاف أرزيقات، لـ"اندبندنت عربية"، أن الشرطة تنشر التوعية بمخاطر العنف، إضافة إلى ملاحقة المجرمين وتسيير دوريات لمنع وقوع الجرائم.
انعدام الثقة
وأرجع سياسيون ومتخصصون تصاعد أعمال العنف إلى "أزمة سياسية عميقة في فلسطين، وانعدام الثقة بالمؤسسات الرسمية، وترهلها، وضعف أجهزة السلطة الفلسطينية، وعدم الفصل بين السلطات، وغياب المجلس التشريعي، بسبب عدم إجراء الانتخابات، إضافة إلى التربية وشيوع ثقافة العنف وأخذ الحق باليد".
وقال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، إن تصاعد أعمال العنف يعود إلى "الأزمة السياسية العميقة في فلسطين الناجمة عن إلغاء الانتخابات، وما يتركه من أثر عميق على النظام السياسي الفلسطيني".
وأضاف البرغوثي أن ذلك سبب عدم الفصل بين السلطات، في ظل عدم وجود مجلس تشريعي، وقضاء مستقل، وإلى انعدام الثقة بالمؤسسات الحكومية"، مشيراً إلى أن ذلك أدى إلى "تصاعد دور العشائرية والفلتان الأمني".
فصل نهائي
واتخذ مجلس رؤساء الجامعات الفلسطينية خلال اجتماع طارئ مجموعة خطوات "لصون حرمة الجامعات، والقضاء على كل أشكال العنف، من بينها تفعيل القوانين والأنظمة الرادعة، وإنزال أشد العقوبات بمن يعبث بأمن المؤسسات التعليمية، وتفعيل دوائر الإرشاد النفسي والاجتماعي لاحتواء هذه المظاهر الغريبة".
وتوعد المجلس بفصل نهائي من الجامعة لكل يُضبط حائزاً سلاحاً، أو من تسبب بالاعتداء على الغير أو إثارة القلاقل.
وأكد المجلس "تشديد العقوبات بحق مرتكبي الاعتداءات الجسدية واللفظية بكل أشكالها في مؤسسات التعليم العالي، وتعزيز عناصر الأمن في محيط المؤسسات، والتشديد على منع حمل الأسلحة النارية أو البيضاء منعاً باتاً بكل أشكالها".
انهيار أمني ومجتمعي وسياسي
ولم يكتفِ المجلس بالإجراءات التأديبية، لكنه شدد على "ضرورة إعداد البرامج التوعوية التربوية والإرشادية لمجالس الطلبة، وتنظيم ورش عمل تؤصل لدى الطلبة احترام الرأي والرأي الآخر".
وفي إشارة إلى دور الفصائل الفلسطينية بالعنف في الجامعات دعا المجلس تلك الفصائل إلى ضرورة "تعميق الفهم الوطني، وتقبل الرأي الآخر، وتغليب ثقافة الحوار على ثقافة العنف".
ويرى مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجي، هاني المصري، أن ما يحدث في الجامعات الفلسطينية "مقدمة لانهيار أمني ومجتمعي وسياسي مرشح للتفاقم في ظل غياب كبير للمؤسسات على اختلافها"، مضيفاً أن "الحكومة الفلسطينية لا تحكم، ولا تتمتع بالشفافية، وبأن منظمة التحرير مجمدة".
وأوضح المصري، أن الوضع الفلسطيني العام بحاجة إلى "تغيير جوهري، في ظل اتخاذ القرارات المهمة من شخص واحد جمع كل السلطات بين يديه".