على الرغم من سلسلة فضائح أضعفتها، تمكنت الحكومة البريطانية برئاسة بوريس جونسون الثلاثاء من تمرير تدابير كبح تفشي المتحورة "أوميكرون" في البرلمان، متخطية تمرداً على نطاق غير مسبوق للغالبية المستاءة من هذه الإجراءات.
وتعد المملكة المتحدة من الدول الأكثر تضرراً من جراء الجائحة وقد أحصت أكثر من 146 ألفاً و500 وفاة، وهي تواجه وفق رئيس الحكومة بوريس جونسون "موجة هائلة" من الإصابات بالمتحورة الجديدة من فيروس كورونا السريعة التفشي.
ويسعى جونسون إلى احتواء هذا التسارع من خلال حملة مكثفة لإعطاء جرعات معززة من اللقاحات. وأعلن الأسبوع الماضي فرض قيود جديدة لمكافحة تفشي كورونا من ضمنها وضع الكمامة في الأماكن المغلقة، وفحوصات يومية للمخالطين، والعمل عن بعد وإلزامية الجواز الصحي لحضور المناسبات الكبرى.
لكن نحو 60 نائباً من المحافظين يلوحون بمعارضة بعض من هذه التدابير التي يصفونها بأنها تقمع الحريات وتلحق الضرر بالاقتصاد. لكن البرلمان أقر التدابير بموافقة 369 نائباً ومعارضة 126.
تدابير أقل صرامة
وقال وزير الصحة البريطاني أمام النواب "أنا مقتنع بأن هذه التدابير متوازنة ومتناسبة"، مؤكداً أنها "أقل" صرامة بأشواط "من تلك المفروضة في غالبية دول أوروبا".
وتابع "يمكنني أن أؤكد للمجلس أننا سنعيد النظر بهذه التدابير وأننا لن نبقي عليها يوماً واحداً أكثر من اللازم".
وبحسب وزير الصحة البريطاني ستؤدي المتحورة "أوميكرون" إلى إصابة مئتي ألف شخص يومياً، علما بأن الإصابات المسجلة الثلاثاء بمختلف المتحورات لا تتعدى 59 ألفاً.
رفع أسماء دول من قائمة حظر السفر
وقال جاويد للبرلمان إن بلده ستستبعد اليوم الأربعاء كل الدول الإحدى عشر التي أضيفت لقائمة حظر السفر المرتبطة بجائحة كورونا نظراً لوجود حالات إصابة محلية الآن بسلالة "أوميكرون".
وكانت الحكومة البريطانية قد أضافت دولاً في جنوب القارة الأفريقية إلى قائمة حظر السفر في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، الأمر الذي يعني أن دخول البلاد كان متاحاً فقط للمواطنين أو المقيمين الذين يخضعون لحجر صحي عند الوصول بهدف إبطاء انتشار "أوميكرون".
وقال جاويد "يوجد الآن انتشار محلي لأوميكرون في المملكة المتحدة وينتشر أوميكرون على نطاق واسع للغاية في أنحاء العالم، قائمة السفر الحمراء أقل فعالية الآن في إبطاء تسلل أوميكرون من الخارج".
لكن بريطانيا لا تزال تلزم جميع الوافدين بالخضوع لفحص يثبت خلوهم من الفيروس أو إجراء اختبار في مدة لا تتجاوز 48 ساعة قبل القدوم إليها.
وذكر وزير النقل غرانت شابس أنه سيجري إعادة النظر في هذه الإجراءات في الأسبوع الأول من يناير (كانون الثاني). وتشمل الدول التي سترفع بريطانيا أسماءها من قائمة حظر السفر أنغولا وبوتسوانا وإيسواتيني وليسوتو ومالاوي وموزامبيق وناميبيا ونيجيريا وجنوب أفريقيا وزامبيا وزيمبابوي.
اللقاحات قد لا تقاوم "أوميكرون" من دون جرعة معززة
في الأثناء، أفادت دراسة نُشرت الثلاثاء، بأن اللقاحات الثلاثة المضادة لفيروس كورونا المصرح باستخدامها في الولايات المتحدة بدت أقل قدرة بشكل ملحوظ على توفير الحماية من المتحورة "أوميكرون"، وذلك خلال تجارب معملية، لكن من المحتمل أن تستعيد اللقاحات فاعليتها إلى حد بعيد من طريق جرعة معززة.
ولم تخضع الدراسة التي أجراها باحثون في "مستشفى ماساتشوستس" العام التابع لـ "جامعة هارفارد" و"معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" بعد لمراجعة النظراء.
وأجرت الدراسة اختبارات على دم أشخاص حصلوا على لقاحات "مودرنا" و"جونسون أند جونسون" و"فايزر /بيونتيك" ضد فيروس مصمم ليشبه السلالة "أوميكرون".
ووجد الباحثون أن قدرة الأجسام المضادة على مقاومة السلالة كانت منخفضة أو منعدمة، عند الحصول على اللقاحات وفقاً للنظم المعتادة، وهي جرعتان بالنسبة إلى لقاحي "مودرنا" أو "فايزر/ بيونتيك" أو جرعة واحدة من لقاح "جونسون أند جونسون".
ووجدت الدراسة أن عينة الدم المسحوبة من المتلقين الجدد لجرعة معززة أظهرت مقاومة قوية للسلالة.
ورجح العلماء أن "أوميكرون" أكثر عدوى من السلالات السابقة المثيرة للقلق، وهو ما ظهر في شكل زيادة قابلية العدوى بمقدار المثلين مقارنة مع سلالة "دلتا" المنتشرة حالياً، التي قد يتفوق عليها "أوميكرون" قريباً.
وتتماشى النتائج مع دراسات أخرى نُشرت نتائجها في الآونة الأخيرة. وقال باحثون في "جامعة أكسفورد" يوم الاثنين، إنهم وجدوا أن نظام لقاحي "فايزر" و"أسترازينيكا" المكون من جرعتين لا يحفز ما يكفي من الأجسام المضادة لمواجهة السلالة الجديدة.
وقالت شركة "فايزر/ بيونتيك" الأسبوع الماضي، إن نظاماً من ثلاث جرعات من اللقاح المضاد لـ "كوفيد-19" سيكون قادراً على تحييد السلالة الجديدة "أوميكرون" خلال تجربة معملية، لكن الحصول على جرعتين أدى إلى تحفيز الأجسام المضادة بشكل أقل.
ولم تنشر "مودرنا" و"جونسون أند جونسون" حتى الآن أي بيانات خصوصاً بهما بشأن مدى مقاومة لقاحيهما للسلالة الجديدة. ورفضت "جونسون أند جونسون" التعليق على الدراسة الجديدة ولم ترد شركة "مودرنا" على طلب للتعليق.
تدابير صحية في اسكتلندا
وبدأت الموجة تؤثر على المسارح إذ ألغيت عروض عدة بسبب رصد إصابات في صفوف فرقها.
وتعرقل موجة الإصابات هذه الدوري الإنجليزي لكرة القدم، إذ أرجأ نادي مانشستر يونايتد مباراة الثلاثاء ضد برنتفورد بسبب إصابة عدد من اللاعبين والموظفين بالفيروس.
في اسكتلندا التي تفرض تدابير صحية خاصة بها، حذرت رئيسة الوزراء نيكولا ستورجون من تسارع كبير في وتيرة الإصابات، وأشارت إلى إدخال مصابين بالمتحورة "أوميكرون" إلى المستشفى.
وقال ستورجون "لا نطلب منكم إلغاء مشاريعكم الميلادية أو تغييرها"، لكنها طالبت الاسكتلنديين بـ"حصر الفعاليات الاجتماعية المقامة في الأماكن المغلقة" بثلاث أسر على الأكثر.
عدد ضحايا كورونا في الولايات المتحدة يتخطى 800 ألف
تجاوز عدد الوفيات بكورونا في الولايات المتحدة الثلاثاء عتبة 800 ألف، وفقاً لإحصاء أعدته جامعة جونز هوبكنز، في رقم يزيد عن عدد سكان ولايات بأسرها مثل داكوتا الشمالية أو آلاسكا.
وفي الولايات المتحدة التي تتصدر رسمياً قائمة الدول الأكثر تضرراً من كورونا على صعيد الوفيات، حصدت الجائحة أرواح 450 ألف شخص في 2021.
وسجلت الولايات المتحدة هذه الحصيلة الضخمة من الوفيات على الرغم من أنها نجحت في تنظيم حملات تلقيح فعالة ضد الفيروس تعد من الأفضل في العالم. وتسجل الولايات المتحدة حالياً ما معدله 1150 حالة وفاة يومياً ناجمة عن كورونا، وفقاً للأرقام الصادرة عن مراكز الوقاية من الأمراض والوقاية منها "سي دي سي".
والغالبية العظمى ممن يحصد الفيروس أرواحهم في الولايات المتحدة حالياً هم أشخاص غير محصنين. وحتى اليوم تلقى حوالى 72 بالمئة من سكان الولايات المتحدة جرعة واحدة على الأقل من أحد اللقاحات المضادة لكورونا، وهي نسبة تقل عن تلك المسجلة في دول عديدة أخرى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومساء الثلاثاء وقف قادة الكونغرس دقيقة صمت إحياءً لذكرى ضحايا الجائحة. وقال زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ السناتور تشاك شومر في بيان "سنتذكر أن 800 ألف محبوب لم ينجوا: أب أو جد، أم أو جدة، صديق، وجه مألوف في الحي". وأضاف "جميعنا نعرف شخصاً خطفه هذا المرض".
والولايات المتحدة هي وفق الأرقام الرسمية الدولة الأكثر تضرراً من الجائحة على صعيد الوفيات، متقدمة في ذلك على البرازيل والهند والمكسيك وروسيا.
وحصدت الجائحة حتى اليوم أرواح 5.3 مليون شخص على الأقل في سائر أنحاء العالم منذ بدأت في نهاية 2019، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية الثلاثاء استناداً إلى مصادر رسمية. لكن منظمة الصحة العالمية ترجح أن يكون عدد الوفيات الفعلي أعلى من ذلك بمرتين إلى ثلاث مرات.
الصحة العالمية: انخفاض طفيف في فعالية اللقاحات
قالت منظمة الصحة العالمية الثلاثاء إن لقاحات كورونا صارت أقل فعالية بدرجة طفيفة على ما يبدو في منع الإصابات الحادة والوفاة لكنها توفر "حماية كبيرة".
وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن السلالة "أوميكرون" رصدتها حتى الآن 77 دولة وإن من الممكن أن تكون موجودة في معظم أنحاء العالم لكن يجب ألا يُنظر إليها باعتبارها "معتدلة".
وقال في إيجاز على الإنترنت "ينتشر أوميكرون الآن بمعدل لم نشهده في أي سلالة أخرى سابقة... حتى إن كان أوميكرون يسبب أعراضاً مرضية أقل حدة فإن هذا العدد من الإصابات به يمكن أن يقوض مرة أخرى النظم الصحية غير الجاهزة".
وقال مايك رايان مدير الطوارئ في منظمة الصحة العالمية إن اللقاحات لم تفشل وإنها توفر حماية كبيرة من الإصابات الحادة والوفاة.
وقال تيدروس من دون تحديد "الأدلة المستجدة تشير إلى انخفاض طفيف في فعالية اللقاحات ضد مرض كوفيد-19 الحاد والوفاة به وانخفاض في منع المرض الخفيف أو الإصابة بالفيروس".
وأشار إلى أن ظهور "أوميكرون" دفع بعض الدول إلى طرح برامج جرعات تنشيطية ضد كورونا لجميع سكانها البالغين على الرغم من أن الباحثين لم يتوصلوا إلى أدلة على فعالية الجرعات التنشيطية ضد هذه السلالة.
وقال "تشعر منظمة الصحة العالمية بالقلق من أن مثل هذه البرامج ستكرر تخزين لقاحات كوفيد-19 الذي شهدناه هذا العام وتفاقم الفوارق (بين الناس)".
فرنسا تسجل 63405 إصابات جديدة
سجلت فرنسا الثلاثاء 63405 إصابات بفيروس كورونا وهو ثاني أكبر عدد من الإصابات اليومية الجديدة هذا العام منذ أبريل (نيسان).
وأظهرت بيانات من وزارة الصحة الفرنسية أن الإصابات الجديدة دفعت المتوسط المتحرك لسبعة أيام من الإصابات الجديدة إلى 49506 إصابات وهو أعلى مستوى في عام 2021.
ودفعت الإصابات الجديدة الإجمالي التراكمي إلى 8.33 مليون إصابة.
الصحة المغربية تحذر من انتكاسة وبائية
حذرت وزارة الصحة المغربية مساء الثلاثاء مما أسمته انتكاسة وبائية في البلاد، بسبب "تخلي عدد كبير من المواطنات والمواطنين عن التدابير الوقائية الأساسية"، كما دعت إلى الإسراع في أخذ جرعات اللقاح.
وأشار بيان وزارة الصحة إلى "تغير المنحنى الوبائي الوطني الذي تميز بتحسن سابق قبل أن تشرع الحالات في الارتفاع خلال الأسبوعين الأخيرين وهو ما يدل على أن الفيروس لا يزال بيننا".
وأضافت أنه "للحفاظ على المكتسبات الحالية التي تتميز بالتحكم في الوضع الوبائي، بالرغم من الارتفاع الملاحظ في عدد الحالات، فإن الوزارة تدعو إلى مجموعة من الإجراءات الصحية.. والإقبال السريع على مراكز التلقيح لتلقي الجرعات الأولى والثانية أو الجرعة الثالثة المعززة".
وسجلت الوزارة في وقت سابق تراجع الإقبال على مراكز التطعيم، بعد فرض جواز التلقيح في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وما صاحبه من جدل واحتجاجات.
كما أرجع مراقبون التراجع في الإقبال على التطعيم إلى إعلان حاصلين على اللقاحات في وسائل الإعلام عن تعرضهم أو ذويهم لمضاعفات بسبب اللقاح، وصلت إلى حدوث عاهات وفي بعض الحالات إلى الوفاة.
ونفت الوزارة ذلك في وقت سابق وقالت إن ما حدث لهم لا علاقة له باللقاح وأنه آمن.