تقول مديرة البحوث الاقتصادية في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي المتخصصة في الاقتصاد السلوكي ماري كلير فيلفال، إن الأزمة الصحية الناجمة عن جائحة كورونا أظهرت مدى هشاشتنا، لكنها أثبتت قدرتنا على التكيف أيضاً.
صمود وتكيف
كان الوباء دليلاً تعليمياً للغاية على هشاشتنا على مستوى عالمي وعلى ترابطنا، لكن أيضاً على قدرتنا الهائلة على الصمود والتكيف.
ومع الجائحة والتدابير التي اتخذتها الحكومات لمكافحة انتشار الفيروس، أدركنا مدى اعتمادنا على بعضنا من الناحيتين الاقتصادية والإنتاجية، وأيضاً من حيث صحتنا وحياتنا الاجتماعية.
هذه الأزمة ذكرتنا بمسؤوليتنا الفردية في المصير المشترك للمجتمع. لم نغير تفضيلاتنا الاجتماعية بشكل جذري، ولم نصبح أكثر تعاطفاً أو أكثر كرماً بالضرورة، ولا مواقفنا تجاه المخاطرة، لكننا تعلمنا قواعد ومعايير سلوكية جديدة في المجتمع أكثر حذراً لأنفسنا وللآخرين.
الاستثمار في العلم
تسبب الوباء في فرض قيود مهمة علينا "عمليات إغلاق وحملات تلقيح وتقييد الحركة"، لكنه سمح لنا أيضاً باختبار قدرة مجتمعاتنا على التعامل مع صدمة عالمية شديدة في الحياة الواقعية.
لقد أظهر الوباء بطريقة مذهلة أهمية العلم والبحث والحاجة إلى الاستثمار فيهما بشكل أكبر، وكذلك أضاء أهمية تغيير بعض أنماط حياتنا.
تأثرت سلوكياتنا في المجتمع، وبشكل أكثر جوهرية الأعراف الاجتماعية التي تكمن وراءها، تأثراً عميقاً.
العمل عن بعد
على الصعيد المهني، اكتشفنا طرقاً جديدة للعمل وتنظيم أنفسنا، وأدى تطور العمل عن بعد إلى إحداث تغيير في ما يتعلق باختيار موقع الموظفين وفي سوق العقارات للشركات، واستبدل السفر المرتبط بالعمل إلى حد كبير بمؤتمرات افتراضية، وهو ما تطلب تعلم رموز جديدة لاتصالات المجموعات.
وقد أدى ذلك إلى خلق قيود جديدة على التنسيق، لكن في الوقت نفسه ولد مزيداً من المرونة في أساليبنا التنظيمية، ومن المفارقات أن هذه الأزمة عززت ترسخنا محلياً "تقييد السفر والرغبة في التركيز أكثر على مصادر التوريد المحلية"، وأيضاً انفتاحنا على الخارج "وفضولنا حول طريقة تعامل البلدان الأخرى مع الجائحة خصوصاً".
ممارسات جديدة
لا تترجم كل التغييرات السلوكية تلقائياً إلى عادات جديدة، ويمكن لمس ذلك عندما نتخذ قرارات جيدة في بداية العام "مثل ممارسة المشي بشكل أكثر انتظاماً وركوب الدراجات الهوائية والانضمام إلى صالة ألعاب رياضية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكي تصبح هذه الممارسات الجديدة عادات تجب مزاولتها فترة طويلة بما يكفي، ويجب التذكير بها بشكل منتظم، ويمكننا الاعتقاد أن قواعد النظافة والتدابير التقييدية الأخرى التي يجري التذكير بأهميتها بانتظام منذ نحو عامين، بدأت خلق عادات سنحتفظ بها بالنسبة إلى معظمنا.
وهذه هي الحال بالنسبة إلى غسل اليدين بشكل متكرر واستخدام مطهر اليدين، وقد لا نتردد في وضع الكمامة عندما تصاب بنزلة برد في المستقبل.
سيبقى التقبيل بلا شك ممارسة أقل تكراراً خارج دائرة الأسر والأصدقاء المقربين.
ومن ناحية أخرى، اختبر كثر شكلاً جديداً من تنظيم الوقت ومساحة العمل، وقد يكون هناك طلب لمزيد من المرونة في سلوك البحث عن وظيفة، وستقيم عروض العمل ليس فقط من حيث الرواتب وآفاق التطوير، بل أيضاً من حيث مرونة الشركات في تنظيم أماكن العمل الخاصة بها.