كشف تقرير لشبكة "سي أن أن" الأميركية عن عكوف السعودية على تصنيع صواريخ باليستية بمساعدة الصين، وفق معلومات عن عمليات نقل متعددة واسعة النطاق لتكنولوجيا الصواريخ الباليستية بين البلدين، اطلع عليها مسؤولون أميركيون في عدد من الوكالات من ضمنها مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض.
وتشير صور الأقمار الاصطناعية التي حصلت عليها الشبكة الأميركية إلى أن السعودية تقوم بالفعل بتصنيع صواريخ باليستية في موقع أنشئ مسبقاً بمساعدة صينية، وفقاً للخبراء الذين حللوا الصور والمصادر التي أكدت أنها تعكس تطورات تتفق مع أحدث تقييمات الاستخبارات الأميركية.
وامتنع مجلس الأمن القومي ووكالة الاستخبارات المركزية عن التعليق، فيما لم ترد الحكومة السعودية وسفارة الرياض لدى واشنطن على طلب "سي أن أن" للتعليق بعد.
"شراكة استراتيجية"
ورداً على سؤال بشأن إذا ما كانت هناك أي عمليات نقل لتكنولوجيا الصواريخ الباليستية الحساسة بين الصين والسعودية، وصف متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية العلاقة بين بكين والرياض بأنها قائمة على أساس "شراكة استراتيجية شاملة"، مشدداً على أن البلدين "يحافظان على تعاون ودي في كل المجالات، بما في ذلك التجارة العسكرية".
وأضاف المتحدث باسم الخارجية الصينية، في حديثه إلى شبكة "سي أن أن" أن "مثل هذا التعاون لا ينتهك أي قانون دولي ولا يعزز انتشار أسلحة الدمار الشامل".
وأفادت مصادر "سي أن أن" بأن "إدارة بايدن تستعد لمعاقبة بعض الكيانات المشاركة في عمليات النقل، على الرغم من أن البعض في الكونغرس قلقون من أن البيت الأبيض ليس على استعداد لفرض عقوبات كبيرة على الحكومة السعودية".
"تطورات حتمية"
وفيما لا يعرف كثير عن الصواريخ الباليستية التي تصنعها السعودية في موقع واحد على الأقل، وفق ما أوردته الشبكة الأميركية، فإن جيفري لويس، خبير الأسلحة والأستاذ في معهد ميدلبري للدراسات الدولية، يعتقد أنه بالنظر إلى أن المنشأة المعنية بُنيت بمساعدة صينية وفق المعلومات الواردة، وبما أن السعودية قد اشترت أخيراً تكنولوجيا صواريخ باليستية من الصين، فمن المحتمل أن تكون الصواريخ التي يتم إنتاجها هناك ذات تصميم صيني".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكر التقرير الذي نشرته "سي أن أن" أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن "تواجه الآن أسئلة ملحّة بشكل متزايد في شأن إذا ما كان التقدم السعودي في مجال الصواريخ الباليستية يمكن أن يغير بشكل كبير ديناميكيات القوة الإقليمية، ويعقّد الجهود لتوسيع شروط الاتفاق النووي مع إيران ليشمل قيوداً على تكنولوجيا الصواريخ الخاصة بها، وهو هدف تشترك فيه الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل ودول الخليج".
لكن مايكل دوران، الباحث في معهد "هدسون" في واشنطن، يخالف ما ذكرته الشبكة الأميركية بأن هذه الصواريخ ستكون عقبة أمام محادثات فيينا مع إيران، مشيراً إلى أن التوجه السعودي هو "النتيجة المتوقعة لمغازلة إيران"، في إشارة إلى انفتاح إدارة بايدن على التفاوض مع طهران بشأن العودة إلى الاتفاق النووي الذي ترفضه عواصم خليجية منها الرياض.
من جانبه، كتب نورمان رول، المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، الـ "سي آي أي"، قائلاْ "في عالم يتآكل فيه الأمن الجماعي ويتجاهل المجتمع الدولي هجمات إيران الروتينية بالصواريخ والطائرات من دون طيار عبر وكلائها ضد دول الجوار وممرات الشحن، فإن مثل هذه التطورات حتمية".
منشأة اليورانيوم
العام الماضي، أفاد تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية بأن السعودية شرعت في تشييد منشأة لاستخراج اليورانيوم في مدينة العلا شمال غربي البلاد بمساعدة صينية، في إطار تعزيز برنامجها النووي ذي الأغراض السلمية، وفقاً لمصادر غربية مطلعة.
وأوضحت الصحيفة الأميركية أن المنشأة الجديدة بُنيت بمساعدة كيانين صينيين لم يمكن التعرف إلى هويتهما، ولا توجد معلومات إضافية متعلقة بالمنشأة، وإذا ما كانت قد بدأت عملياتها.
في حين قال خبراء الحد من انتشار الأسلحة النووية، إن "الموقع لا ينتهك الاتفاقات الدولية التي تُعدّ السعودية طرفاً فيها".
من جانبها، نفت وزارة الطاقة السعودية بشكل قاطع المعلومات الخاصة بالموقع الجغرافي، وقالت في بيان لها وفقاً لـ "وول ستريت جورنال"، إن "المملكة تعاقدت مع الصينيين لاستكشاف اليورانيوم في مناطق معينة"، من دون الكشف عن تفاصيل إضافية.
وقطع بيان وزارة الطاقة السعودية حينها الطريق على التكهنات بشأن عدم سلمية المنشأة بالتأكيد أن "البرنامج النووي السعودي يتوافق تماماً مع جميع الأُطر والقوانين الدولية المتعلقة بالطاقة النووية واستخدامها السلمي".