تسير أسواق السندات العالمية في طريقها نحو أسوأ عام لها منذ 1999، بعد أن ضرب ارتفاع التضخم العالمي فئة الأصول التي عادة ما تكون حساسة لارتفاع الأسعار. وحقق مؤشر "باركليز" العالمي للسندات الإجمالية (وهو معيار عريض قدره 68 تريليون دولار من الديون السيادية والشركات) عائداً سلبياً بنسبة 4.8 في المئة حتى الآن في عام 2021.
"تجارة الانكماش"
الانخفاض كان مدفوعاً إلى حد كبير بفترتين من عمليات البيع المكثفة للديون الحكومية. ففي بداية العام، تخلص المستثمرون من السندات الحكومية طويلة الأجل في ما يسمى بـ "تجارة الانكماش"، إذ راهنوا على أن التعافي من الوباء سيقود إلى فترة من النمو والتضخم المستدامين. بعد ذلك، في الخريف، تعرضت الديون قصيرة الأجل لضربة كبيرة، إذ أشارت البنوك المركزية إلى أنها كانت تستعد للاستجابة لمستويات التضخم المرتفعة برفع أسعار الفائدة.
وفي الولايات المتحدة، التي تضم أكثر من ثلث المؤشر وشهدت ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى في أربعة عقود عند 6.8 في المئة في نوفمبر (تشرين الثاني)، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 1.49 في المئة من 0.93 في المئة في بداية العام، ما يعكس هبوط أسعار السندات. وارتفع العائد على عامين إلى 0.65 في المئة من 0.12 في المئة.
وقال جيمس آثي، مدير المحفظة في "أبردين ستاندرد إنفستمنتس" لـ "فايننشال تايمز"، "لا ينبغي أن نتفاجأ كثيراً من أن السندات استثمار سيئ عندما يصل التضخم إلى 6 في المئة". وأضاف، "الأخبار السيئة لمستثمري السندات هي أن العام المقبل يبدو صعباً أيضاً. لدينا احتمال حدوث صدمة أخرى إذا تحركت البنوك المركزية بشكل أسرع من المتوقع، ولا أعتقد أن (السندات الأكثر خطورة) مسعرة بشكل خاص".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أربعة عقود من ارتفاع أسواق السندات
خلال أربعة عقود من ارتفاع أسواق السندات، كانت سنوات العوائد السلبية قليلة نسبياً ومتباعدة، إذ سجل المؤشر الإجمالي العالمي عوائد أضعف في عام 1999، عندما خسر 5.2 في المئة مع فرار المستثمرين من أسواق السندات إلى سوق الأسهم المزدهر في عصر الدوت كوم.
وعلى الرغم من خسائر عام 2021 واحتمال التشديد النقدي العام المقبل من الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى، يجادل بعض مديري الصناديق بأنه من السابق لأوانه استدعاء الوقت في السوق الصاعدة 40 عاماً للدخل الثابت.
وكانت العوائد طويلة الأجل قد بلغت ذروتها في مارس (آذار)، وتراجعت حتى مع تحرك الأسواق للأسعار في ثلاثة ارتفاعات في أسعار الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي، وأربعة من بنك إنجلترا العام المقبل، إلى جانب انخفاض في مشتريات الأصول من البنك المركزي الأوروبي.
ووفقاً لما قاله نيك هايز، مدير محفظة في "مديرو أكسا" للاستثمار، فإن القوة الأخيرة للديون طويلة الأجل هي علامة على أن المستثمرين يعتقدون أن محافظي البنوك المركزية سوف يعرقلون الانتعاش الاقتصادي، أو يطلقون عمليات بيع في سوق الأسهم، إذا تحركوا لتشديد السياسة بسرعة كبيرة.
وقال هايز، "إذا ارتدت سوق الأسهم قليلاً، فسيرغب الناس فجأة في السندات مرة أخرى. أنا لا أقول إننا نحصل على عوائد من رقمين في العام المقبل، ولكن الحقيقة البسيطة هي أنه إذا نظرت إلى الوراء على مدى العقود، فإن العام السلبي يميل إلى أن يتبعه عام إيجابي".