على الرغم من أن علاقة منظمة التحرير الفلسطينية بالنظام السوري لم تنقطع منذ بدء الانتفاضة في سوريا، وأبواب السفارة الفلسطينية في دمشق ظلت مفتوحة، فإن تلك العلاقات بقيت في حدها الأدنى حتى قبل ثلاث سنوات، مع بدء توافد مسؤولين فلسطينيين إلى دمشق.
وعلى الرغم من العلاقة التاريخية المتوترة بين الجانبين، بسبب ما اعتبر حينها رغبة دمشق في السيطرة على منظمة التحرير، فإن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أسهم في ترسيخ علاقة جيدة بالرئيس السوري بشار الأسد.
ووافقت الحكومة السورية في عام 2015، على إعادة فتح مكتب "حركة فتح" في دمشق بعد أكثر من ثلاثة عقود على إغلاقه في عام 1982، إثر انشقاق عدد من قادة الحركة الموالين لدمشق.
ويأتي التقارب الفلسطيني مع دمشق في ظل تبني الأردن والإمارات والبحرين استراتيجية مختلفة لتعزيز العلاقات مع النظام السوري، وفتح صفحة جديدة معه، وإنهاء عزلته العربية.
وقال أمين سر اللجنة المركزية لـ"حركة فتح" جبريل الرجوب إثر زيارة أجراها على رأس وفد من الحركة إلى دمشق، "فـتحت الأبواب أمامنا في دمشق، وأجرينا لقاءات مع مسؤولين سياسيين وأمنيين تخطر ولا وتخطر على البال"، مضيفاً أن الزيارة "تؤسس لإقامة علاقة متطورة مع الحكومة السورية".
وكشف الرجوب عن اتصالات فلسطينية سورية "لتحديد موعد لزيارة الرئيس عباس إلى دمشق في ظل "رغبة وإرادة سورية وحرصها على تطوير علاقة راسخة مع منظمة التحرير"، مشيراً إلى أن تلك العلاقات ترتكز على "الإرث القديم بين الجانبين السلبي والإيجابي منه".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشدد الرجوب على أن عباس "لا يحتاج إلى إذن من أحد لزيارة دمشق، ولا أحد وصي عليه". لكن ما يهم القيادة الفلسطينية، بحسب الرجوب، هو "الحفاظ على منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للفلسطينيين، وإقامة دولة فلسطينية وحق العودة، وعدم التدخل بشؤونها الداخلية".
وقال القيادي الفلسطيني الذي حمّله عباس رسالة إلى الأسد، إن "حركة فتح تؤيد الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وحماية الجيش السوري". وأضاف أن "التسوية السياسية في سوريا هي الحل الوحيد أمام السوريين"، مطالباً المعارضة السورية "بالعودة إلى حضن الوطن".
وأوضح الرجوب أن "منظمة التحرير تبنت موقفاً منحازاً إلى جانب سوريا منذ بداية الأزمة، ولم تنحز إلى جانب المعارضة"، في إشارة إلى "حركة حماس" التي قال إن النظام السوري "دعمها واحتضنها كما لم يفعل مع أحد غيرها".
وصرح بأن منظمة التحرير تؤيد عودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية باعتبارها "عضواً مؤسساً لها".
من جهة أخرى، اعتبر مدير عام مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي أن "العلاقة بين منظمة التحرير ودمشق لم تكن متوترة طيلة سنوات الأزمة، وإن كانت بمستويات متدنية قبل أن تبدأ وفود عالية المستوى في الوصول إلى سوريا خلال السنوات الماضية".
وأشار الرنتاوي إلى عدم وجود جديد في زيارة وفد حركة فتح إلى دمشق سوى أن القيادة الفلسطينية "أصبحت أكثر جرأة في البوح بمواقفها" حيال النظام السوري، مضيفاً أن "ذلك جاء بسبب التوجه العربي الآخذ بالانفتاح على دمشق".
وتابع الرنتاوي قائلاً إن "الانقسام بين حركتي (حماس) وفتح شجع الأخيرة على الإبقاء على شعرة معاوية مع دمشق في ظل تورط (حماس) بعلاقات مع المعارضات السورية المسلحة".
ورأى أنه "لا مصلحة للحركة الوطنية الفلسطينية باتخاذ مواقف ضد الشعوب العربية، والرهان الخاسر مرة جديدة على الحكومات العربية على الرغم من أنها خيبت أملها".