لقي الهجوم الذي تبنته ميليشيات الحوثي على منشآت مدنية في أبو ظبي إدانة دولية واسعة، في الوقت الذي شن فيه تحالف دعم الشرعية في اليمن هجوماً هو الأعنف منذ سنوات على مواقع حوثية في صنعاء.
وقال التحالف إنه باشر "ضربات جوية متفرقة لمعاقل ومعسكرات الحوثيين بالعاصمة صنعاء"، وصفها سكان محليون لوكالات أنباء بأنها "الأعنف منذ 2019".
وبعد أن تبنت مليشيا الحوثي الاعتداء الذي أوقع ثلاثة قتلى، أكد التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن شروع الطائرات الهجومية (أف-15) و (أف-16) في "التحضير لعمليات مشتركة"، لافتاً إلى أنه استجابة للتهديد سينفذ "عملية ردع شاملة لتحييد مصادر التهديد"، تأتي القيادات التي وصفتها بـ "الإرهابية" في مقدمتها.
تضامن سعودي وأميركي
بدورها دانت الولايات المتحدة الهجوم بشدة، وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، في بيان صادر عن البيت الأبيض "إن الحوثيين أعلنوا مسؤوليتهم عن هذا الهجوم، وستعمل الإدارة الأميركية مع الإمارات والشركاء الدوليين لمحاسبتهم"، مشدداً على التزام الولايات المتحدة بأمن الإمارات و "الوقوف معها في مواجهة جميع التهديدات التي تتعرض لها".
في غضون ذلك، أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في اتصال هاتفي مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد إدانته للهجوم السافر الذي تعرضت له السعودية والإمارات من قبل ميليشيا الحوثي.
وأكد القائدان خلال الاتصال، وفق ما نقلت قناة وكالة الأنباء الإماراتية "وام"، أن العدوان الذي استهدف بلديهما سيزيد من "عزم البلدين وتصميمهما على الاستمرار في التصدي لتلك الأعمال الإرهابية العدوانية التي تنفذها قوى الشر والإرهاب التي عاثت في اليمن الشقيق فساداً فقتلت أبناء الشعب اليمني العزيز واستمرت في نشر أعمالها الإرهابية بهدف زعزعة أمن المنطقة واستقرارها".
واعتبرا أن تلك المحاولات "بائسة وفاشلة هدفها نشر الفوضى في المنطقة، مما يؤكد ضرورة وقوف المجتمع الدولي في وجه هذه الانتهاكات الصارخة للقوانين والأعراف الدولية وبرفضها وإدانتها لهذه الجرائم الإرهابية التي تهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي".
كما تلقت القيادة الإماراتية اتصالات تضامن وإدانات من زعماء ومسؤولين عرباً ودوليين، نددوا بالعملية التي وصفوها بـ "الإرهابية" التي تعرضت لها العاصمة الإماراتية.
من جانبه، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في تغريدة على "تويتر" أن "الاعتداءات التي قامت بها ميليشيا الحوثي الإرهابية على المملكة ودولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة هذا اليوم تشكل تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة، وتؤكد أن هذه الميليشيا أصبحت مصدراً رئيساً لتهديد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي".
وتابع "المملكة والتحالف مستمرون في دعمهم للجهود الأممية والدولية لإحلال السلام في اليمن، ومبادرة المملكة لإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية لا تزال مطروحة.. وفي ذات الوقت نحن في كامل استعدادنا وجاهزيتنا للتعامل مع مزيد من التعنت الحوثي، والدفاع عن أمن المملكة ومنطقتنا".
الحوثي يعد بمزيد من العدوان
يأتي ذلك في وقت هدد فيه المتحدث باسم الحوثيين بارتكاب جرائم عدون جديدة في الإمارات، داعياً المدنيين إلى الابتعاد عن "المنشآت الحيوية"، في تصعيد كبير جديد في حرب اليمن التي تدعم فيها الإمارات والسعودية القوات الحكومية في مواجهة الحوثيين.
وأعلن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن في وقت مبكر صباح اليوم الثلاثاء، أنه بدأ شنّ غارات جوية على صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون بعد الاعتداء الذي استهدف العاصمة الإماراتية، فيما توعدت ابو ظبي بالرد على الاعتداء "الآثم" و"الإرهابي" الذي استهدفها. وهو الاعتداء الأول من نوعه الذي يستهدف الإمارات.
في صنعاء، تحدث المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع في بيان نقلته قناة المسيرة التابعة لحركة "أنصار الله" (الحوثيون)، عن "عملية عسكرية نوعية وناجحة"، مشيرا إلى استهداف "عدد من المواقع والمنشآت الإماراتية الهامة والحساسة" بصواريخ بالستية وطائرات مسيرة.
وادعى استهداف "مطاري دبي وأبوظبي ومصفاةَ النفطِ في المصفحِ" في العملية التي أطلقوا عليها اسم "إعصار اليمن". ولم تعلن السلطات الإماراتية عن وقوع أي حادث في إمارة دبي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الإمارات تحتفظ بحق الرد
وكانت شرطة أبو ظبي أعلنت صباح أمس الاثنين اندلاع حريق في "ثلاثة صهاريج نقل محروقات بترولية (..) بالقرب من خزانات أدنوك"، شركة أبو ظبي النفطية، وعن "حريق بسيط في منطقة الإنشاءات الجديدة في مطار أبوظبي الدولي".
وأضافت أن "التحقيقات الأولية تشير إلى رصد أجسام طائرة صغيرة يحتمل أن تكون لطائرات بدون طيار وقعت في المنطقتين".
وفي وقت لاحق، أعلنت وزارة الخارجية في بيان أن "دولة الإمارات تحتفظ بحقها في الرد على تلك الهجمات الإرهابية وهذا التصعيد الإجرامي الآثم"، مؤكدة أن هذا الاستهداف "لن يمر دون عقاب".
وندّدت السعودية والبحرين والأردن وقطر والكويت والمغرب والولايات المتحدة وفرنسا وباكستان بالهجوم.
وأكدت الرياض في بيان "وقوفها التام مع دولة الإمارات الشقيقة أمام كل ما يهدد أمنها واستقرارها"، مشيرة إلى أن "هذا العمل الإرهابي الذي تقف خلفه قوى الشر ميليشيا الحوثي الإرهابية يعيد التأكيد على خطورة هذه الجماعة الإرهابية وتهديدها للأمن والسلام والاستقرار بالمنطقة والعالم". وندّدت منظمة التعاون الإسلامي "بأشد العبارات بالهجوم الإرهابي".
تنديد دولي
ودان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الهجوم، ودعا "كافة الأطراف إلى التحلي بأقصى قدر من ضبط النفس". وقال المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك أن غوتيريش طلب من الحوثيين "منع أي تصعيد في سياق توترات متزايدة في المنطقة"، مذكرًا بأن "الاعتداءات ضد مدنيين أو بنى تحتية مدنية ممنوعة بموجب القانون الإنساني الدولي".
ويدور نزاع في اليمن بين القوات الحكومية التي يساندها التحالف منذ العام 2015 ومليشيا الحوثي المدعومة من التي تسيطر على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء منذ 2014، قبل أن تعلن قوات "ألوية العمالقة" الموالية للحكومة اليمنية والمدعومة من الإمارات، استعادة السيطرة على محافظة شبوة الغنية بالنفط في شمال البلاد، ويعلن التحالف إطلاق عملية واسعة النطاق لتحرير اليمن من قبضة الحوثيين، بما في ذلك مأرب والحديدة وتعز، وربما صنعاء.
وتأسّست "ألوية العمالقة" في أواخر العام 2015 في منطقة الساحل الغربي، وتضم 15 ألف مقاتل على الأقل. وقامت بدور قتالي فعال في مواجهة الحوثيين على طول شريط ساحلي يبلغ طوله 300 كيلومتر، من منطقة باب المندب حتى الحديدة على ساحل البحر الأحمر.
"العمالقة" أفقدت الحوثي صوابه
ودانت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا الهجوم، مؤكدة أنه "يدل على تخبط الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران وإحباطها بعد الانتصارات التي حققتها قوات الجيش الوطني وألوية العمالقة المسنودة بقوات التحالف العربي لدعم الشرعية في جبهات القتال بمأرب وشبوة".
ويأتي هذا التطور بعد أسبوعين على مصادرة المليشيا في الثاني من يناير (كانون الثاني) سفينة "روابي" التي ترفع علم الإمارات في جنوب البحر الأحمر قبالة مدينة الحديدة اليمنية.
وطالبت الإمارات في رسالة موجهة إلى مجلس الأمن الدولي بالإفراج الفوري عن السفينة، مؤكدة أنها تضم على متنها 11 شخصا من جنسيات مختلفة.
وكانت السعودية قالت إن السفينة تضم تجهيزات سعودية لمستشفى عسكري ميداني.
ودعا مجلس الأمن الدولي الجمعة في بيان تم تبنيه بالإجماع إلى "الإفراج الفوري" عن السفينة وعن "طاقمها"، وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية.
ورفضت المليشيا دعوة مجلس الأمن، قائلين إن "سفينة روابي لم تكن محملة بالتمور أو لعب الأطفال وإنما كانت محملة بالأسلحة لدعم جماعات متطرفة تهدد حياة البشر"، على حد زعمهم الذي فنده التحالف بنشر صور السفينة أمام وسائل الاعلام.