تنوعت أدوار سحر فوزي بين المسرح والسينما والتلفزيون. بدايتها الفنية كانت من خلال المسرح من خلال أوبريت "ضيعة حب" ولمع اسمها في كثير من الأعمال التلفزيونية وأبرزها في شخصية أم بشير في مسلسل "باب الحارة" الذي تصور حالياً الجزء الـ12 منه. أما سينمائياً فمشاركتها في السينما محدودة بسبب قلة الإنتاجات السينمائية في سوريا.
مشاركات خجولة
سحر فوزي كان يفترض أن تباشر في تصوير عمل جديد لشركة إنتاج "ريد رويز" لكن مرض منتجة العمل وبطلته صفاء سلطان أرجآ تصويره، وهي تقول في هذا الصدد: "عرض علي مرتين أن أخوض تجربة الإنتاج وأن أستلم إدارة الشركة من دون تدخل من الجهة الممولة، ولكني لم أقبل لأنني شعرت بأن المسألة ليست سهلة على الإطلاق. أي عمل لا يمكن تسويقه إلا إذا كان مهماً ويشارك فيه نجوم، هذا الأمر يتطلب ميزانية عالية جداً، وفي حال توفر هذان العنصران ولم يكن التسويق مضموناً سوف تقع الخسارة مهما كان العمل مهماً. لذا فضلت عدم المخاطرة، وأنا بطبعي إنسانة حذرة. ولكني مع أن يدخل الممثل عالم الإنتاج لأنه يكون على دراية بكل تفاصيل المهنة وحيثياتها، ويتفاعل مع وجع الممثل. أما إذا كان المنتج غير ممثل فأفضل أن يكون مثقفاً؛ لأن هذا الأمر ينعكس على اختيار النصوص والإخراج وكل تفصيل في العمل. وللأسف المنتجون المثقفون معدودون جداً، وتحول المشروع الفني في جزئه الأكبر إلى تجارة، ومن يدخلونه يفعلون ذلك من خلفية تجارية، ويهمهم الربح والتسويق وليس السوية الفنية العالية".
عندما دخلت فوزي المجال لم يكن هناك هذا العدد الكبير من الممثلين، كما توضح وتضيف: "والدي كان أستاذ موسيقى، وأنا نشأت في جو فني، وشاءت الصدف أن أطلب لعمل مسرحي عبارة عن أوبريت بعنوان "ضيعة الحب". ومن ثم دخلت التلفزيون السوري من خلال مسلسل "الحراز"، وهو أول عمل ملون. لا شك أن الجمال يلعب دوراً في المهنة ولكن الممثل هو الأهم، أما الكاريزما فهي من الله ولا تتوفر عند جميع الممثلين".
وعما إذا كان جمالها وموهبتها والكاريزما عوامل ساعدتها للوصول إلى المكان الذي تستحقه، تجيب: "أي فنان سوف يجيب بالنفي مهما كانت المكانة التي وصل إليها، لا سيما أن ظروفي أجبرتني على الابتعاد قليلاً. كل الشخصيات التي لعبتها كانت جميلة وأضافت إلى تجربتي. لكنني لا أوجد في المكان الذي أستحقه وأطمح للأفضل. الظروف تعاكسنا دائماً في السنوات 12 الأخيرة، والحرب دمرت الإنتاج في سوريا بشكل شبه كامل، ونعمل في الخارج بمشاركات خجولة جداً".
سينما ومسرح وتلفزيون
بين السينما والمسرح والتلفزيون، ترى فوزي أن وجود الفنان في أي مجال من هذه المجالات يحقق له المتعة لأن لكل منها خصوصية، وتستدرك: "نحن في سوريا مقلون سينمائياً مع أن السينما هي التي تخلد الفنان وليس التلفزيون. وأنا كفنانة سورية أتمنى أن يصبح عندنا سينما جماهيرية وشباك تذاكر، وأن يسعى الناس لحضور أفلام في الصالات. ولكن هذا الأمر لم يتحقق حتى الآن، وحتى المسرح الذي شهد نشاطاً في العامين الأخيرين وشاركت فيه أسماء مهمة، لكننا بحاجة إلى مسرح جماهيري، يحقق دخلاً للفنان لا يؤمنه له المسرح الحالي. وأنا شاركت في أعمال مسرحية من إنتاجي، وكنت أصرف من المدخول الذي يؤمنه لي التلفزيون على المسرح. وتمكنت من الاستمرار لفترة معينة ثم تعبت. شاركت مع الفنان دريد لحام في "كاسك يا وطن" و"شقائق النعمان" ولكنني لم أصورهما، كما تعاونت مع الفنان محمود جبر في "حمام مقطوعة ميتو"، ومع عبد الله عباسي في "شي بيجنن". ومن إنتاجي شاركت في "المخرج والطباخ" و"زوجتي خارج المنزل"، إضافة إلى مشاركتي في مسرحيات للأطفال". وتتابع: "معظم نشاطي الفني كان في التلفزيون لأن الفنان يهمه الانتشار. الجمهور أصبح كسولاً، ولا يوجد ما يشجع على مشاهدة فيلم سينمائي أو عرض مسرحي، أما التلفزيون فهو في كل البيوت، ونحن ندخله بسهولة".
وعن تجربة الدوبلاج التي خاضتها فوزي بفرح تقول: "كانت تجربة ممتعة جداً بالنسبة لي. الفنان لا يقدم الشخصية كما هو يرسمها ويحضر لها بل هو يشتغل على شخصية جاهزة. وهناك فرق بين أن يكون الممثل ببغاء ومنفذاً للشخصية وأن يضيف إليها من خلال صوته. وأنا من خلال أعمال الدوبلاج طوعت الشخصية لصالحي وأعطيتها هويتي وصوتي ولعبت بالأداء والإحساس. في مصر مثلاً، لا يشاهدون التلفزيون السوري، ولكن الناس يعرفونني بمجرد أن يسمعوا صوتي".
قلق فقدان الصوت
وعن أهمية الصوت بالنسبة للممثل وما إذا كانت قد شعرت أنها سوف تفقد مهنتها عند تعرضها لمشكلة في الحبال الصوتية، تجيب فوزي: "أنا مدخنة وأعاني من حالة تحسس عالية، وكنت أضغط على صوتي كثيراً خلال التمثيل. وعندما تبين أن هناك ورماً في الحبال الصوتية تخلصت منه بالجراحة ولكنه كان ورماً حميداً. في تلك المرحلة عشت قلق فقدان صوتي نهائياً، وفي آخر عمل لي قبل الجراحة بذلت جهداً لكي أتمكن من لفظ الجملة، وهنا شعرت بخطورة كبيرة. يومها طلب الطبيب أن أخضع للجراحة على الفور، وهذا ما حصل فعلاً وهو استغرب كثيراً، وظن أنني سوف أتراجع، وبعد الجراحة استعدت صوتي الطبيعي. نحن عشنا تجربة مريرة مع الفنان الكبير نضال سنجري، ورحيله شكل ألماً عند كل السوريين وليس لدى الفنانين وحسب".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من ناحية أخرى تنفي فوزي أن تكون الشخصية التي قدمتها في "باب الحارة" هي الأهم في مسيرتها وتضيف: "في بدايته كان لهذا العمل وقع كبير عند الناس حول كل العالم، وهو حقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً. كلنا نعمل من أجل النجاح ولكن نجاح هذا العمل فاق كل التوقعات، وانطبعت كل شخصياته في ذاكرة الناس. ومع أنني شاركت بأدوار أهم منه بكثير، ولكن العمل الناجح يحقق النجاح لكل من يشارك فيه. مثلاً يمكن أن ألعب شخصية مهمة بمساحة دور كبيرة، ولكن العمل لا ينال حقه فيذهب التعب سدىً. في المقابل يمكن أن أشارك بشخصية صغيرة لها حضور وبصمة في العمل، فتترك أثراً أكثر من شخصية كبيرة على مدار العمل. وأنا شاركت في أعمال مهمة من بينها الأجزاء الثلاثة من مسلسل "البواسل" للمخرج نجدة أنزور وفي مسلسل "الاجتياح" للمخرج شوقي الماجري وقد حاز جائزة "إيمية". كما شاركت كضيفة في "مذكرات عشيقة سابقة" و"سمرا" وآخر أعمالي كان "لا حكم عليه" مع قصي خولي.
وعن المخرجين الذين تفضل العمل معهم، توضح فوزي: "استمتعت كثيراً بالعمل مع نجدة أنزور وهيثم حقي وشوقي الماجري ورشا شربتجي. هناك مخرجون يستسهلون، فيستلمون النص ويختارون الممثلين ويباشرون بالتصوير فوراً. وآخرون يتعبون على النص ويعدلون فيه ويتخلصون مما هو دون المستوى فيه، ويحرصون على اختيار الممثلين المناسبين. بمجرد أن يجتمع المخرج مع الكاتب في ورشة عمل من أجل إنضاج النص، فإن كل الأمور الباقية تصبح تحصيل حاصل، لأنه يكون هناك حرص من المخرج على النص الذي تبناه وعلى اختيار الشخصيات المناسبة وتكون الأعمال مميزة".