رداً على ما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي حول مواجهة القطاع المصرفي المصري أزمة سيولة، مما يعرض أموال المودعين للخطر، كشف اتحاد البنوك المصرية أن ما يُثار مجرد شائعات كاذبة ومضللة.
واعتبر الاتحاد أن ذلك مقصود وموجه لمحاربة النجاحات الاقتصادية والمكتسبات التي حققتها عملية الإصلاح الاقتصادي في القطاع المصرفي والاقتصاد المصري، وكانت محل إشادات مؤسسات التمويل والتقييم الدولية التي شهدت لمصر التفوق والريادة في تحقيق معدلات نمو تفوق النمو في دول المنطقة.
وذكر الاتحاد أنه على مدار العقود الماضية واجه القطاع المصرفي تحديات سياسية واقتصادية محلية ودولية بمنتهى الصلابة والقوة وتصدى لها بكفاءة وفاعلية من خلال إجراءات استباقية حققت له الامتياز بأن يصبح من أفضل القطاعات المصرفية. ومن تلك المحطات الأزمة المالية العالمية في 2007 وأحداث الربيع العربي وثورتا 25 يناير (كانون الثاني) 2011 ويونيو (حزيران) 2013، إضافة إلى أزمة الدول الناشئة عام 2018 وجائحة كورونا التي بدأت عام 2019.
صافي الأصول الأجنبية تحول إلى رصيد فائض
وأوضح اتحاد البنوك المصرية أنه بفضل الخطة الشاملة لتطوير القطاع المصرفي التي بدأت مطلع عام 2003 بقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الذي وضع الحجر الأساس لمرحلة جديدة لانطلاقة القطاع المصرفي، تلاها برنامج متكامل للإصلاح المالي والمصرفي تم تطبيقه خلال الفترة من 2004 حتى 2009، استطاع القطاع المصرفي المصري رفع رؤوس أموال مؤسساته وتحسين ملاءتها المالية بشكل غير مسبوق وتحقيق متطلبات الاتفاقيات الدولية بما فيها اتفاقيات "بازل" وما توليه من اهتمام بمعايير كفاية رأس المال وتحقيق السلامة المصرفية في نواحي السيولة وإدارة المخاطر وكفاية رأس المال، فضلاً عن الالتزام بمعايير المحاسبية بما يضمن مزيداً من الشفافية وإتاحة البيانات الرقابية المطلوبة.
وأشار الاتحاد إلى أنه خلال العام المالي 2016/ 2017، استطاع القطاع المصرفي المصري أن يلعب دوراً بارزاً في إنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي الوطني الشامل بالتعاون مع صندوق النقد الدولي بعد إصدار البنك المركزي المصري قرار تحرير سعر الصرف في أول نوفمبر (تشرين الثاني) 2016. إذ قام القطاع المصرفي المصري بتلبية الطلب المتزايد من العملاء على العملة الأجنبية بالأسعار الرسمية. ما أسهم في ضبط سوق الصرف والقضاء على سوق العملة الموازية بشكل نهائي، مع تحسن ملحوظ في المراكز المالية بالعملات الأجنبية لدى البنوك والبنك المركزي، وتحول صافي الأصول الأجنبية لدى الجهاز المصرفي إلى رصيد فائض وصل إلى 114 مليار جنيه في أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
وذكر الاتحاد أنه خلال العام المالي 2020/ 2021، بدأ البنك المركزي المصري تطبيق السياسة النقدية التيسيرية لمساندة القطاعات الاقتصادية في مواجهة التداعيات السلبية التي خلفتها جائحة كورونا، إذ تضمنت تلك السياسة تخفيض سعر الفائدة بنحو 4 في المئة لتحفيز الاقتصاد على النمو منذ بداية عام 2020 لمواجهة تبعات جائحة كورونا، وتأجيل جميع الاستحقاقات الائتمانية للعملاء لمدة 6 أشهر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتضمنت السياسة تلك تنفيذ مبادرات لتحفيز قطاعات الاقتصاد المصري بمبادرة تمويلية قيمتها 100 مليار جنيه (6.393 مليار دولار) للقطاع الصناعي الخاص والقطاع الزراعي بسعر إقراض سنوي 8 في المئة متناقص، إضافة إلى مبادرة لتمويل قطاع السياحة وتجديد المنشآت السياحية وتمويل سداد رواتب العاملين بهذا القطاع الذي تضرر بشكل ملحوظ جراء استمرار التداعيات السلبية لجائحة كورونا.
وجرى دعم متوسطي ومحدودي الدخل من خلال مبادرة التمويل العقاري بقيمة تمويلية 100 مليار جنيه (6.393 مليار دولار) بفائدة 3 في المئة وآجال سداد تصل إلى 30 سنة. ويُعد ذلك أمراً غير مسبوق بهدف دعم فئات الشعب المختلفة في الحصول على المسكن المناسب، ذلك بخلاف مبادرة أخرى للتمويل العقاري بقيمة تمويلية تصل إلى 50 مليار جنيه لمصلحة متوسطي الدخل، بسعر عائد 8 في المئة على أساس متناقص لمدة حدها الأقصى 20 سنة.
إضافة إلى عدد من المبادرات التي تم إطلاقها منذ عام 2016 لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بنحو 200 مليار جنيه (12.78 مليار دولار) بسعر إقراض 5 في المئة سنوياً، وقد عُدلت نسبة تمويلاتها في محافظ البنوك من 20 في المئة إلى 25 في المئة بناء على تعليمات البنك المركزي المصري لإتاحة التمويل لأكبر عدد من هذه المشروعات وتشجيع البنوك على زيادة محافظ تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر. وقد بلغت تمويلات البنوك المصرية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر نحو 400 مليار جنيه (25.575 مليار دولار) في نهاية العام 2021.
السيولة تقفز إلى 90 في المئة من الناتج المحلي
وأشار اتحاد البنوك المصرية إلى أن هذه المبادرات هي دلالة قوية على تمتع الجهاز المركزي المصري بقدر كبير من السيولة تعزز قدرته على التوظيف الإقراض، وظهرت نتيجتها الإيجابية في عدد من المؤشرات. وقد شهد الاقتصاد المصري ارتفاع السيولة المحلية لنحو 90 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في أكتوبر 2021، مع ارتفاع معدلات التوظيف ليصل حجم القروض والتسهيلات الائتمانية الممنوحة للعملاء إلى نحو 48.5 في المئة من حجم ودائع العملاء في أكتوبر 2021.
كذلك ارتفع حجم أصول القطاع المصرفي المصري لنحو 8.758 تريليون جنيه (559.97 مليار دولار) في أكتوبر الماضي. وعكست مؤشرات السلامة المالية للبنوك المصرية تصاعد نسبة القاعدة الرأسمالية إلى الأصول المرجحة بأوزان المخاطر لنحو 19.3 في المئة في سبتمبر (أيلول) 2021. وقفز صافي الاحتياطيات من النقد الأجنبي من حوالى 16.7 مليار دولار في يونيو 2014 إلى حوالى 41 مليار دولار في نوفمبر 2021.
في السياق ذاته، أظهر مؤشر القروض غير المنتظمة إلى إجمالي القروض تحسناً في الأداء، إذ انخفض المؤشر من 8.5 في المئة في يونيو 2014 إلى 3.6 في المئة في سبتمبر 2021.
وعلى الرغم من التحديات الدولية والتداعيات السلبية التي خلفتها جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي ككل، فإن القطاع المصرفي ما زال يتمتع بقوة ومتانة مراكزه المالية وارتفاع معدلات السيولة، مما يستدعي تدخل البنك المركزي المصري من خلال أدوات السياسة النقدية والسوق المفتوحة لسحب فائض السيولة من القطاع المصرفي بشكل أسبوعي مما يدل على ارتفاع معدلات السيولة في القطاع.