للمرة الأولى منذ احتلال القدس، اقتحم أكثر من 1200 مستوطن يهودي المسجد الأقصى المبارك، في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، بحماية القوات الإسرائيلية، وذلك في الذكرى الـ 52 لما يسميه الإسرائيليون "توحيد القدس"، بعد احتلال الجزء الشرقي منها.
وخلال تصديهم للقوات الإسرائيلية والمستوطنين، أصيب عشرات الفلسطينيين بجروح، إصابة أحدهم بالغة، واعتقل آخرون.
"المصلى القبلي"
وقالت الشرطة الإسرائيلية إن "المصلّين المحتجين على زيارات اليهود تحصنوا داخل المسجد الأقصى، وألقوا الكراسي والحجارة على عناصر الشرطة التي تمكنت من تفريقهم".
وأغلقت الشرطة الإسرائيلية "المصلى القبلي" في الأقصى بالسلاسل الحديدية، لمحاصرة حوالي الفي فلسطيني داخله، لكن المصلين فكّوا ما تبقى منها عقب انسحاب الشرطة.
واستبقت القوات الإسرائيلية اقتحام المستوطنين بحملة اعتقالات، شملت أكثر من 40 فلسطينياً في مدينة القدس، من بينهم أمين سر حركة "فتح" شادي المطور.
رفض واستنكار
من جهته، استنكر مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس الاقتحامات التي وصفها بـ "المسعورة والواسعة للمسجد الأقصى"، وأكد "عدم قبوله بالإجراءات التعسفية بحجة الأعياد اليهودية"، معتبراً أن "التصعيد يهدف إلى زعزعة الوضع التاريخي والقانوني والديني القائم في المسجد الأقصى".
وفي خطوة احتجاجية سلّمت الخارجية الأردنية الحكومة الإسرائيلية مذكرة احتجاج دبلوماسية، تؤكد فيها "رفض الأردن الممارسات الإسرائيلية وانتهاكاتها لحرمة الأماكن المقدسة"، وتطالبها بوقفها "بشكل فوري".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحذرت الخارجية الأردنية من "التبعات الخطرة للممارسات الإسرائيلية الاستفزازية التصعيدية المُدانة والمرفوضة، والتي ستجر المنطقة إلى دوامة جديدة من العنف، تهدد أمن المنطقة برمتها".
في غضون ذلك، احتفل عشرات آلاف الإسرائيليين "بيوم القدس" في مسيرة في شوارع المدينة، بلغت ذروتها عند حائط البراق، الذي يعتبره اليهود "أقدس الأماكن لأنه آخر بقايا (الهيكل) الذي دمره الرومان في العام 70 ميلادياً".
وتعتبر إسرائيل القدس بكاملها، بما في ذلك الجزء الشرقي منها، عاصمتها "الموحدة"، في حين يتمسك الفلسطينيون بجعل القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين.
من جانبها، طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي "بالخروج عن صمته والتحرك سريعاً في تحمل مسؤولياته، عبر اتخاذ إجراءات عملية كفيلة بإجبار إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على الانصياع للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية قبل فوات الأوان".
وقالت الخارجية الفلسطينية إن "سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحاول تثبيت حق اليهود في الصلاة في المسجد الأقصى، وإلزام المسلمين بقبول مبدأ التقاسم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى بين المسلمين واليهود"، إضافة إلى "تحدي العالم الاسلامي وقراراته التي اتخذها في مكة المكرمة، والقول إن "قرارات الاحتلال وإجراءاته فقط هي التي تسري وتطبق على أرض الواقع وفي داخل المسجد الأقصى وباحاته".
وتعترف إسرائيل التي وقعت معاهدة سلام مع الأردن عام 1994، "بإشراف الأردن على المقدسات الإسلامية في المدينة".
بدوره قال ممثل منظمة التعاون الإسلامي في فلسطين أحمد الرويضي، إن "اقتحام المسجد الأقصى يعتبر اعتداءً على الوصاية الأردنية للمسجد، وينذر بحرب دينية في العالم كله".
وأشار الرويضي إلى أن "سلطات الاحتلال تعتزم تصعيد اعتداءاتها بعد انتهاء شهر رمضان المبارك، واستهداف باب الرحمة"، محذراً من "تسونامي يستهدف المسجد الأقصى بكل مكوناته".
وأوضح الرويضي أن "سلطات الاحتلال الإسرائيلي بدأت فعلياً بالتخطيط لتقسيم المسجد الأقصى مكانياً وزمانياً، مشيراً الى أن "مسؤولي الاحتلال سيستخدمون الأقصى خلال الحملة الانتخابية المقبلة".
وطالب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صالح رأفت الأردن ومصر، بسحب سفيريهما من تل أبيب وطرد السفيرين الإسرائيليين من القاهرة وعمان، كرد على اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى.
ودعا رأفت "الدول العربية والإسلامية إلى وقف أي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل"، مؤكداً "ضرورة اتخاذ إجراءات في المؤسسات الدولية، لمعاقبة إسرائيل على هذه الجرائم".