Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يصطدم مشروع إنشاء مطار ثان في لبنان باتهامات التقسيم؟

أبدت دول مانحة رغبتها في تخصيص ما بين 75 و100 مليون دولار من مساهماتها لإنشاء مرفأ جوي مدني ثانٍ في البلاد

مدرج مطار القليعات في شمال لبنان (اندبندنت عربية)

منذ سنوات ومطار بيروت الدولي تحت مجهر التقارير الاستخباراتية الدولية، التي لطالما أشارت إلى سيطرة "حزب الله" على المنفذ الجوي الوحيد للبنان. وتقول تلك التقارير إن الحزب حول المطار إلى "مركز لتهريب المخدرات والسلاح والمسلحين، بما يخدم إيران"، مستغلاً نفوذه لتسهيل سفر هؤلاء من وإلى مناطق الصراع في الدول العربية.
وما يؤكد الأهمية الاستراتيجية لمطار بيروت بالنسبة إلى "حزب الله"، مواجهته العسكرية لقرار اتخذته الحكومة اللبنانية في 5 مايو (أيار) 2008، بإقالة قائد جهاز أمن المطار وفيق شقير الذي يدين بالولاء للحزب، إذ كان هذا القرار إلى جانب قرار تفكيك شبكة الاتصالات الخاصة بالحزب سبباً في أحداث بيروت التي جرت بعد يومين، في 7 مايو، من العام نفسه.
وكان موقع "ويكيليكس" نشر مذكرة سرية تحمل الرقم "08BEIRUT686" صادرة عن السفارة الأميركية في بيروت في 14 مايو (أيار) 2008، أشارت إلى أنه "بينما يحتاج مطار القليعات إلى معدات الملاحة والأمن والتشغيل الأرضي، فإن مطار بيروت يبقى بعيداً جداً من الأمان، إضافة إلى أنه عرضة للاستيلاء الفوري من قبل حزب الله".

مطار دولي ثانٍ

ونتيجة للوضع الملتبس حول مطار بيروت، عمدت بعض الدول الغربية المانحة التي أسهمت سابقاً في عقد مؤتمر "باريس 3"، الذي دعم الاقتصاد اللبناني والخزينة بـ7.6 مليار دولار، إلى التعبير عن رغبتها في تخصيص ما بين 75 و100 مليون دولار من مساهماتها لإنشاء مطار مدني دولي ثانٍ في لبنان يكون بديلاً من مطار رفيق الحريري الدولي الراهن في حال تعطله عن العمل بسبب وقوعه في مناطق خارجة عن سيطرة الدولة.
وتشير المعلومات إلى دراسات عدة أُجريت لأكثر من موقع، بغية إنشاء مطار ثانٍ في لبنان، إضافة إلى مطار رياق، ومطار القليعات المُستخدَم كقاعدة عسكرية حالياً. وتم بحث إمكانية توسيع مطار حامات شمال بيروت وتطويره بأحدث المعدات الجوية لاستقبال الطائرات التجارية الضخمة. كما بُحِث في ثمانينيات القرن الماضي مشروع لإنشاء مطار دولي في خليج جونيه (محافظة جبل لبنان) بعد ردم عدة كيلومترات منه بأتربة وصخور من الجبال الملاصقة له.
وأكدت مصادر مواكبة لمؤتمر "باريس 3" أن دولاً، مثل فرنسا وألمانيا واليابان، طرحت إمكانية تمويل إنشاء مطار جديد بعد تحديد السلطات اللبنانية الموقع المناسب، إلا أن هذا الأمر لم يُبَت في لبنان نتيجة تعقيدات سياسية وطائفية عدة.

لبنان الحر

في السياق، لفتت مديرة "المجلس العالمي لثورة الأرز"، المحامية ريجينا قنطرة، إلى أن المجلس تقدم بمشروع قانون للكونغرس الأميركي تحت تسمية "المناطق الآمنة في لبنان"، مُرفقة بخريطة مبدئية تحتمل التعديل والتدقيق، "تهدف إلى فصل المناطق الآمنة التي لا تخضع حتى الآن لسيطرة ميليشيات حزب الله، لتصبح تحت رعاية الجيش اللبناني المُطالَب بالانتشار منعاً للمظاهر المسلحة واستعمال السلاح وتخزينه وإقامة مخيمات التدريب، إضافة إلى منع التسلل إلى تلك المناطق وغزوها وفرض الهيمنة على قرارها ووضع اليد على أرضها ومداخيلها".
وأشارت قنطرة إلى أن "المشروع المقدم إلى الكونغرس يلحظ إنشاء مرافئ حدودية برية بحرية وجوية آمنة، تربط لبنان الحر بالعالم الحر تصديراً واستيراداً وسياحةً، من دون نقمة التهرب المالي وتهريب السلاح والمتشددين ذهاباً وإياباً، فيكون لتلك المناطق مطار مدني وأخرى عسكرية إضافة إلى عدد من المرافئ البحرية".


وأكدت قنطرة أن "هذا المشروع قادر على إنعاش الاقتصاد وتنمية البنى التحتية وإنشاء المعامل وازدهار التجارة والسياحة، إضافة إلى عودة الانفتاح على الدول الشقيقة التي ستستفيد من بيئة مناسبة للاستثمار والتعاون المشترك". واعتبرت أن "هيمنة حزب الله على مفاصل السلطة اللبنانية ضرب مختلف قطاعات البلاد، إذ باتت المنافذ الحدودية خطراً على دول الجوار ومنصةً لتصدير الأذى إلى دول الخليج"، مشددةً على أن "أبرز سبب لهجرة اللبنانيين هو ما تسبب به الحزب من أضرار على قطاعات الاستشفاء والتعليم والمصارف، إضافة إلى تشويه صورة لبنان في العالم".

"جواسيس" الإدارات الرسمية

وأفاد مصدر وزاري لبناني سابق بأن "حزب الله يخترق كل المراكز الحيوية في البلاد سواء عبر جواسيس ومراقبة مستمرة أو عبر موظفين وحتى مسؤولين يتم تسليمهم مواقع إدارية حساسة"، مشدداً على أن "لدى الحزب النفوذ الأكبر في المطار وهو قادر على تمرير ما يريد عبر المنافذ الحدودية البحرية والبرية والجوية". وكشف عن أن "المحاولة الوحيدة التي قامت بها السلطة لتحرير المطار كانت في عام 2008 عندما اتخذت قراراً لم يُنفذ بإقالة رئيس جهاز أمن المطار وفيق شقير حينها، إذ اجتاح حزب الله العاصمة بيروت". وأشار المصدر ذاته إلى أن "هيمنة الحزب حولت مطار بيروت والمرفأ إلى حدود إيرانية، حيث يستطيع إدخال وإخراج بضائع أو أشخاص. كما يستطيع إخراج هؤلاء عبر الحدود السورية الخاضعة لسيطرته أيضاً وصولاً إلى إيران، كون أن الحرس الثوري الإيراني يمتلك ممرات عبر الحدود السورية - العراقية والحدود العراقية - الإيرانية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


معايير دولية

في المقابل، يرفض مدير مطار بيروت، المهندس فادي الحسن، كل التقارير التي تشير إلى سيطرة "حزب الله" على المطار، مؤكداً أن "الأجهزة اللبنانية الرسمية موجودة وتقوم بواجباتها داخل المطار وهي الوحيدة المولجة حماية أمن المطار والمسافرين. وتراعي الإجراءات المتّبعة كل معايير السلامة العامة في العالم". وأشار إلى أن "كل الأخبار المتداوَلة عن وجود ممرات لجهات سياسية خارج الأطر المعروفة أو وجود أنفاق تحت البنية التحتية للمطار غير صحيحة"، مشدداً على "وجود أجواء سلبية لتشويه سمعة مطار بيروت ما يسبب ضرراً كبيراً للمصالح اللبنانية".
وعن إمكانية إنشاء مطار رديف في إحدى المناطق اللبنانية، أكد الحسن أن "هذا أمر يتعلق بالرؤية المستقبلية للحكومة"، معتبراً أن "تطوير المطار الحالي يمكن أن يعالج الازدحام وجعله يواكب تطور المطارات الإقليمية والدولية".

طرح تقسيمي

بدوره يرفض مصدر قريب من "حزب الله" اتهامه بإحكام السيطرة على المطار، قائلاً إن "الحزب يواجه كماً هائلاً من التشويه الإعلامي والمعلومات المغلوطة ضمن الحملة الأميركية والإسرائيلية لمحاصرته وتحريض الرأي العام ضده". وأكد المصدر أن "لبنان دولة صغيرة لا تحتاج إلى مطار ثانٍ وأن التكاليف التي يمكن صرفها على إنشاء مطار جديد يمكن استثمارها في تطوير البنى التحتية المهترئة في البلاد".
ورأى أن "البعض يريد استغلال وجود المطار قرب الضاحية الجنوبية لبيروت والاتهامات التي تطال الحزب بالتدخل لطرح إنشاء مطار جديد، ليس لمخاوف أمنية إنما لأحلام طائفية وتقسيمية"، متهماً حزب القوات اللبنانية بالترويج لهذا الطرح لتبرير إنشاء مطار ومرفأ في مناطق نفوذه. وقال "القوات اللبنانية كان في صلب استراتيجيته خلال الحرب (الأهلية اللبنانية) إنشاء مطار جديد في منطقة جبيل وسوّق له آنذاك تحت عنوان: حالات حتماً".

منصة تهديد

وكان النائب السابق في كتلة القوات اللبنانية، إيلي كيروز، طالب بإنشاء مطار جديد للبنان، "كي لا يبقى المطار الوحيد تحت رحمة حزب الله وسيطرته ومنصّة للتهريب وتهديد أمن المواطنين اللبنانيين والأجانب وشاهداً على غياب الدولة ومؤسساتها"، لافتاً إلى أن "التطورات الأمنية في مطار بيروت فرضت مجدداً الحاجة الملحة إلى مطار جديد".
وذكر كيروز أنه تقدم في عام 2012 بسؤال إلى الحكومة حول موقفها وخطط عملها لتأهيل مطار القليعات المعروف بمطار "الرئيس رينيه معوض" أو مطار حامات المعروف بمطار "الشيخ بيار الجميل الدولي" وتخصيصه للطيران المدني إلى جانب "مطار رفيق الحريري الدولي"، حتى لا يبقى مطار بيروت تحت رحمة الحزب.

ورأى كيروز أن "تأهيل مطار جديد تتوفر فيه المواصفات الضرورية يحقق للبنان قفزة نوعية اقتصادية وإنمائية وتجارية وسياحية، ويرفع قدرة لبنان على استيعاب حركة المسافرين والنقل والتجارة الدولية بما يتناسب مع تطلعات عام 2030".

جدوى اقتصادية

وتشير دراسة مقدمة إلى مجلس الوزراء حول أهمية إنشاء مطار جديد في منطقة القليعات شمال لبنان، إلى أن كلفة استملاكات الأراضي المحاذية لمطار القليعات منخفضة ولا تتعدى الـ400 مليون دولار. كما أن طوبوغرافية المنطقة هي الأنسب على الأراضي اللبنانية لإنشاء مطار، نظراً إلى عدم وجود مرتفعات ملحوظة تعيق حركة الإقلاع والهبوط.
ووفق الدراسة أيضاً، فإن لقرب مطار القليعات من سوريا فائدة بجذب المسافرين السوريين من المدن القريبة كطرطوس، وبانياس، واللاذقية، وحمص، وحماة، وحلب، إذ سيكون أقرب إلى تلك المدن من دمشق. إضافة إلى إنماء مناطق شمال لبنان، بما فيها الكورة، وطرابلس، والضنية، وزغرتا، وبشري، وعكار، وشمال البقاع، وتوفير عشرات آلاف فرص العمل خلال عملية الإنشاء والبناء.
كما أن وجود المطار شمال طرابلس سيعزز حتماً استثمار شاطئ عكار سياحياً، عبر توفير السياحة الاقتصادية (المنخفضة الكلفة) كما في بلدان أخرى كتركيا واليونان وقبرص، نظراً إلى انخفاض قيمة العقارات في تلك المنطقة مقارنة بمناطق أخرى في لبنان.

المزيد من تقارير