لا يزال أعضاء البرلمان البريطاني المنتمون إلى الأقليات الإثنية أو العرقية يواجهون الأحكام المسبقة. لا شك أن العنصرية المباشرة في مجتمع ويستمينيستر (مقر البرلمان) الواسع ومن لف لفيفه اختفت بشكل شبه كامل، ولكن ما زال ذلك التعصب الخبيث ينشر براثنه بشكل أو بآخر في المستويات الحكومية الدنيا، مما يثير جلبة متكررة في خلفية المقر السياسي. لعلنا نعتبر الإقرار بذلك أمراً غير مهم، ولكن يُنظر إلى الأقليات العرقية بمعايير مختلفة ويُتوقع منها تحمل الإهانات خلافاً للآخرين.
كشفت وزيرة النقل السابقة نصرت غاني أنه قيل لها بأن "إسلاميتك" تطرح مشكلة، وهي السبب المباشر في إقالتها من منصبها، لأن ذلك كان يتسبب في شعور بعض الزملاء "بعدم الراحة". وكانت مجريات الحديث بين غاني ومسؤول الانضباط الحكومي مارك سبنسر ووجهت بالنفي من قبل هذا الأخير، بيد أن مجرد التلميح إلى ذلك هو أمر مضر ومؤذ، ومن المعلوم أن تحقيقاً مناسباً سيُفتح في هذا الشأن لإرساء الوقائع.
لا يتعلق الأمر بحزب المحافظين مطلقاً وهو وصف زائف، ولا يجوز إذا ما اعتُبر كذلك. في الواقع، يتمتع الحزب بسجل رائع في تعيين أشخاص أكفاء موهوبين يعكسون بريطانيا العصرية والحديثة. وهنا لا يمكن سوى توجيه الشكر المستحق إلى ديفيد كاميرون (رئيس الوزراء السابق) لأنه رأى صلب المشكلة التي نواجهها، وبفضل جهوده أصبح بوسعنا التفاخر بأننا نحظى بمروحة واسعة ومجموعة متنوعة من المواهب والكفاءات المنتمية إلى الأقليات العرقية في أعلى المراتب، ولكن مع كل ذلك، بقيت المسائل العالقة في مكانها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يتحمل نواب البرلمان المتحدرين من أقليات عرقية أو إثنية الإذلال ويُتوقع منهم تجاهلها، ولكن قد يجد أي شخص ذلك التعاطي المذل أمراً فظاً ووقحاً. لم أعد أذكر عدد المرات التي كان يتم فيها الخلط بين وزير الصحة المحافظ ساجد جاويد وعمدة لندن المنتمي إلى حزب العمال صادق خان والعكس صحيح. فلا يتشارك الشخصان أي سمات أو نقاط تشابه في الشكل الخارجي على الإطلاق، أما القاسم المشترك الوحيد بينهما فهو أنهما يحملان إرثاً باكستانياً وهما أيضاً يتحدران من أبوين من سائقي الحافلات. بالتالي، تُعد نقاط الاختلاف بينهما أكثر وضوحاً في ما يتعلق بتاريخهما وتطلعاتهما، ولكن السهولة التي يتم الخلط فيها بينهما ما هي إلا ضرب من الكسل. ويُحسب لهما بأنهما لا يأخذان ذلك على محمل الجد، وحتى أنه بوسعهما إطلاق النكات في هذا السياق. ولكن هذا لا يجعل من الأمر أقل ظلماً وهي إهانة يرتكبها الأشخاص في المجتمع السياسي بكافة أقسامه.
عندما كنت أعمل في الدائرة الحكومية، أتذكر واقعة مثيرة للغضب حدثت في اجتماع عمل موسع. عندما كان يتم تقديم ساجد جاويد الذي كان يشغل منصب وزير دولة للأعمال آنذاك، تعرض لما يزيد على 14 إعادة أو تكراراً لاسمه قبل أن تتم دعوته إلى اعتلاء المسرح لإلقاء خطابه. لم يكلف رئيس المنظمة نفسه عناء حفظ اسم ساجد جاويد، ولم يشعر بأي انزعاج لجعله مادة للسخرية أمام مئات المستثمرين الأجانب في المملكة المتحدة. لم يتطرق رئيسي في العمل مطلقاً إلى تلك الحادثة، ولكنني صُعقت من تلك اللامبالاة.
عندما تكون من الأقليات الموجودة في مركز مرموق، هنالك خطر دائم محدق في أن تقوم هويتك بتشويش الموقع وتؤثر على خياراتك السياسية أيضاً. لماذا يجب أن تخضع الخيارات المرتبطة بالهجرة أو الاندماج لهويتك وحسب؟ نعم لا شك أن خلفياتنا هي التي تصقل معتقداتنا، ولكن الوقائع والإحاطات الإعلامية والحقائق السياسية تسهم في ذلك أيضاً. لنأخذ وزيرة الداخلية بريتي باتيل على سبيل المثال، إنها تعيش وسط معركة خاسرة، فتجدونها متشددة للغاية أحياناً أو مرنة للغاية أحياناً أخرى، ولن تحتاجوا سوى إلى النظر إلى حسابها على "تويتر" لرؤية نوع الغضب والحنق الذي تواجهه عندما يتم الغمز من قناة اختلافها. لا بأس في عدم الاتفاق معها، ولكن أن يتم الحكم عليها انطلاقاً من خلفيتها، فهذا أمر خارج عن الموضوع.
لا بد من القول إننا قطعنا شوطاً كبيراً، ويمكننا الشعور بالفخر من تاريخ تمثيلنا في الحكومة، ومن كوننا قمنا بعمل رائع مقارنةً مع أي دولة أوروبية أخرى. لقد تم هدم ذلك الشعور بأن بعض الوظائف "ليست مخصصة لأشخاص مثلنا" ولهذا علينا التحرك فوراً عندما نرى أمثلة عن أشخاص يُعاملون بشكل مختلف أو يعيّرون بسبب اختلافهم. علينا التحرك مهما كان القيام بذلك مؤلماً.
* عملت سلمى شاه مستشارة لوزير الداخلية البريطاني، ساجد جاويد، في الفترة ما بين عامي 2018 و2019. كانت أيضاً مستشارة خاصة في وزارة الثقافة والإعلام والرياضة والشؤون الرقمية
© The Independent