في جلسة متقلبة بين الصعود والهبوط ارتفعت أسعار النفط في مستهل التعاملات وذلك مدفوعة بمخاوف من غزو روسي محتمل لأوكرانيا قد يؤدي لفرض عقوبات أميركية أوروبية من شأنها تعطيل صادرات النفط والغاز إلى أسواق تعاني بالفعل من شح. وكان الخام شهد ارتفاعاً في التعاملات المبكرة بدعم من تفاقم أزمة أوكرانيا، ثم تراجع قليلاً بضغط من مكاسب الدولار الأميركي للجلسة الخامسة في سبع جلسات، ثم غيرت الأسعار اتجاهها مع العودة للارتفاع مرة أخرى. وبحلول الساعة 11:00 صباحاً بتوقيت غرينتش، ارتفعت أسعار العقود الآجلة لخام برنت تسليم أبريل (نيسان) 2022، بنسبة 0.4 في المئة تعادل 0.40 سنت قرب مستوى 95 دولاراً عند 94.82 دولار للبرميل، بعد أن سجلت في وقت سابق 96.16 دولار وهو أعلى مستوى منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2014.وزادت أسعار العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط تسليم مارس (آذار) 34 سنتاً بنسبة 0.4 في المئة فوق مستوى 93 دولاراً عند 93.44 دولار للبرميل، بعد أن كانت تحوم قرب أعلى مستوى في الجلسة عند 94.94 دولار، وهو الأعلى منذ سبتمبر (أيلول) 2014.وفي الأسبوع الماضي سجلت أسعار النفط أطول سلسة مكاسب أسبوعية منذ أكتوبر الماضي على مدى ثمانية أسابيع متتالية، لتسجل أعلى مستوى لها منذ عام 2014، وسط مخاوف متزايدة في شأن الإمدادات العالمية مع تعافي الطلب من جائحة فيروس كورونا.
هجوم وشيك
وأدت تصريحات أميركية في شأن هجوم وشيك من روسيا على أوكرانيا لاهتزاز أسواق المال العالمية، ويخاطر غزو موسكو لكييف وما سيترتب على ذلك من إجراءات انتقامية من جانب الولايات المتحدة بحدوث تقلبات في تدفقات الطاقة الدولية. وقالت واشنطن أمس إن روسيا قد تغزو أوكرانيا في أي وقت وقد تخلق ذريعة مفاجئة لشن هجوم.
وشهدت نهاية الأسبوع الماضي إخفاق دبلوماسي في شأن أزمة أوكرانيا، بما في ذلك محادثات هاتفية بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
مستوى 100 دولار
وقال إدوارد مويا، كبير محللي السوق لدى "أواندا" في نيويورك، "إذا حدث تحرك للقوات فسيرتفع خام برنت فوق مستوى 100 دولار للبرميل بكل سهولة"، بحسب وكالة "بلومبيرغ". وأضاف، "ستظل أسعار النفط متقلبة للغاية وعرضة للتطورات المتزايدة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى الاقتصادي في بنك "أوه سي بي سي" في سنغافورة هوي لي أن ارتفاع النفط إلى 100 دولار للبرميل يلوح في الأفق، مضيفاً لوكالة "بلومبيرغ" "الصراع الشامل بين روسيا وأوكرانيا قد يرسل النفط الخام أعلى من ذلك بكثير. كانت قيود العرض هي المحرك الرئيس لارتفاع الأسعار قرب الـ 100 دولار، حتى مع بقاء الطلب عند المستويات الحالية".
ضربة مزدوجة
وذكرت وكالة "بلومبيرغ" أن وصول النفط إلى 100 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ 2014 في ظل مخاوف بحدوث غزو روسي محتمل لأوكرانيا، يهدد بتوجيه ضربة مزدوجة للاقتصاد العالمي من خلال خفض آفاق النمو الاقتصادي وزيادة التضخم. وأضافت الوكالة أن هذا المزيج الثنائي مثير للقلق بالنسبة للفيدرالي الأميركي والبنوك المركزية الأخرى في سعيها إلى احتواء أقوى ضغوط على الأسعار منذ عقود من دون عرقلة التعافي من الجائحة.وبحسب وحدة "بلومبيرغ إيكونوميكس" فإن نموذج (SHOK) أو الصدمة يظهر أن ارتفاع البرميل إلى مستوي 100 دولار المتوقع بنهاية الشهر الحالي مقابل 70 دولاراً في نهاية العام الماضي، من شأنه زيادة التضخم بنصف نقطة مئوية في الولايات المتحدة وأوروبا خلال النصف الثاني من هذا العام.من جهته، يرى بنك الاستثمار الأميركي "غولدمان ساكس" الذي يتوقع وصول سعر البرميل إلى 100 دولار في الربع الثالث من 2022، أن زيادة بنسبة 50 في المئة في أسعار الخام ترفع التضخم الرئيس بمتوسط 60 نقطة أساس، مع تضرر الاقتصادات الناشئة بشكل أكبر.وعلى نطاق أوسع، حذر بنك "جي بي مورغان" من أن الارتفاع إلى 150 دولاراً سيوقف نمو الاقتصاد العالمي ويزيد التضخم لأكثر من سبعة في المئة، أي أكثر من ثلاثة أضعاف المعدل المستهدف من قبل معظم صانعي السياسة النقدية.وقال محللو "جي بي مورغان" في مذكرة يوم الجمعة، إن الدورة الفائقة تسير على قدم وساق، ومن المرجح أن تتجاوز أسعار النفط إلى 125 دولاراً للبرميل مع زيادة علاوة أخطار الطاقة الفائضة.
بوادر توتر
وأضافوا أن من الملاحظ وجود بوادر توتر عبر تحالف "أوبك+" لا سيما وأن هناك 10 أعضاء فشلوا في تلبية زيادات الحصص في الشهر مع أكبر عجز أظهره العراق. وتكافح منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاؤها، المعروف باسم تحالف "أوبك+"، لزيادة الإنتاج على الرغم من التعهدات الشهرية بزيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يومياً حتى مارس (آذار) المقبل.
سد الفجوة
وحث المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول اليوم الإثنين تحالف "أوبك+" لمنتجي النفط على سد فجوة بين غاياتها وأفعالها. وأضاف بيرول في كلمة خلال مؤتمر للقطاع بالقاهرة نقلها التلفزيون المصري، أن "تسييس أسواق الغاز في أوروبا لا يفيد أحداً".واتفق تحالف "أوبك+" في وقت سابق من الشهر الحالي على التمسك بزيادات متواضعة للإمدادات في الوقت الذي تقلص فيه قيود على الإنتاج طبقتها في ذروة الجائحة حين انهار الطلب. وفي الوقت الذي يواجه فيه العديد من أعضاء "أوبك+" صعوبات لزيادة الإنتاج بعد نقص الاستثمار لسنوات، لم تحقق المجموعة الزيادة الشهرية للإنتاج التي تعهدت بها بواقع 400 ألف برميل يومياً. وقالت وكالة الطاقة الدولية التي مقرها باريس في أحدث تقاريرها الشهرية إن الفجوة بين الهدف والإنتاج الفعلي اتسعت إلى 900 ألف برميل يومياً. والسعودية والإمارات العضوان في "أوبك" يمتلكان أكبر طاقة إنتاج فائضة.