مع انحسار حال عدم اليقين المتعلقة بوباء كورونا التي ميزت العامين الماضيين، حملت توقعات حديثة تقديرات بنمو الاقتصاد السعودي، الأكبر حجماً في المنطقة العربية، خلال عام 2022 بنسبة 7.7 في المئة، على أساس سنوي، بدعم من نمو قطاع النفط، وكذلك المستويات القوية للقطاع غير النفطي.
وتنبأ تقرير حديث أصدرته شركة "جدوى للاستثمار" (شركة سعودية مرخصة من هيئة السوق المالية) بمستويات قوية من النمو الاقتصادي في السعودية خلال العام الحالي بالنظر إلى الطلب المرتفع على النفط الناجم عن التعافي المستمر في السوق العالمية.
ووفق توقعات التقرير، سيرتفع إجمالي الناتج المحلي لقطاع النفط في السعودية، أكبر منتج للنفط في منظمة "أوبك" وأكبر مصدر للنفط في العالم، بنسبة 15.5 في المئة على أساس سنوي، مع وصول الطلب العالمي إلى مستويات قياسية وزيادة الإنتاج، لا سيما مع التزامها بزيادة إنتاج النفط بنحو 100 ألف برميل يومياً بحسب اتفاق تحالف "أوبك+".
تخفيف قيود التباعد
كما توقع التقرير أن تحقق كل القطاعات في الاقتصاد غير النفطي نمواً خلال العام الحالي مع المزيد من تعليمات تخفيف قيود التباعد الاجتماعي ما سيساعد على تعزيز النمو في قطاعات تجارة الجملة، والتجزئة والمطاعم والفنادق، كما أن تسريع برنامج الرقمنة، بخاصة من خلال زيادة استخدام المدفوعات الرقمية، إلى جانب زيادة أعداد المعتمرين والحجاج، على أساس سنوي، سيدعمان النمو في قطاعات النقل والتخزين والاتصالات.
ولفت التقرير إلى أنه على الرغم من النمو المتواضع للنشاط غير النفطي، على أساس سنوي، إلا أن الاقتصاد سيستفيد من الاستمرار في تنفيذ رؤية المملكة 2030 والتي ستسترشد بمجموعة من الالتزامات لمدة خمس سنوات، وأضاف التقرير، "في غضون ذلك، على الرغم من أن قطاع التشييد والبناء ربما يواجه بعض المشاكل في العمالة وسلاسل التوريد في عام 2022، لكن ضخامة قيمة مشاريع صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي السعودي) والحكومة المركزية التي يجري تنفيذها، ستدعم تعزيز النمو في هذا القطاع".
مرحلة حاسمة
وبحسب التقرير، يمثل العام المقبل مرحلة حاسمة في جهود المملكة في الطريق نحو نمو اقتصادي أكثر استدامة، مرتبط بتنويع قاعدة اقتصادها غير النفطي، ويشير التقرير إلى المساهمة الكبيرة الأخرى في نمو الأنشطة غير النفطية والتي ستأتي من قطاع "الصناعة"، حيث ينتظر مع الاستثمار في برامج الصناعة المحلية، أن يؤدي المزيد من التحسن في التجارة العالمية، إلى دفع الصادرات غير النفطية إلى مستويات قياسية تتخطى تلك التي تحققت العام الماضي، كما يتوقع أن يشهد قطاع الخدمات المالية والتأمين وخدمات الأعمال مستويات نمو قوية في العام الحالي، تعود، في جزء منها، إلى المزيد من الارتفاع في القروض إلى القطاع الخاص، كما تعود أيضاً إلى التدفق المستمر للاكتتابات العامة الأولية على السوقين الرئيسية والموازية، علاوة على ذلك، بعض القطاعات الاقتصادية الأصغر ستستفيد من انطلاق برامج مستهدفة بعينها لدعم النمو.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب التقرير، سيستفيد قطاع الخدمات المجتمعية والاجتماعية والشخصية من تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للرياضة، بينما سيستفيد قطاع الكهرباء والغاز والمياه من البرنامج الوطني الطموح للطاقة المتجددة، وبشكل عام، يتوقع التقرير أن يسجل القطاع غير النفطي نمواً بنسبة 3.4 في المئة في عام 2022 حيث من المقرر أن تسجل مختلف القطاعات نمواً، بقيادة قطاعي الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق، مع تخفيف القيود المرتبطة بالوباء.
وقالت شركة "جدوى" إن من المتوقع أن تسجل السعودية فائضاً مالياً قدره 120 مليار ريال سعودي (32 مليار دولار)، بما يعادل 3.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع أن تنخفض النفقات بنسبة 6 في المئة سنوياً إلى 955 مليار ريال (254.7 مليار دولار).
العوائد النفطية
وسيبلغ إجمالي عائدات النفط الحكومية 710 مليارات ريال (189.4 مليار دولار)، والتي ستؤدي إلى جانب الإيرادات غير النفطية التي تبلغ حوالى 365 مليار ريال (97.4 مليار دولار)، إلى إجمالي الإيرادات الحكومية 1.07 تريليون ريال (258.4 مليار دولار) في عام 2022.
كما يتوقع ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 1.7 في المئة على أساس سنوي، حيث أن المستويات المرتفعة للتضخم المسجلة في العديد من الاقتصادات المتقدمة لا تنتقل بشكل كامل إلى الاقتصاد المحلي.
مخاطر محدودة
وقالت شركة "جدوى" للاستثمار في تقريرها، إن السعودية، التي أعطت أكثر من 59 مليون جرعة من لقاح كورونا حتى الآن وقامت بتطعيم 70 في المئة من سكانها بالكامل، من غير المرجح أن تعاني من تكرار الاضطرابات المرتبطة بالوباء، وأضاف التقرير، "نتيجة لذلك، نرى أن جائحة كورونا تمثل مخاطر محدودة للاقتصاد السعودي في المستقبل".
وبالنظر إلى عام 2023، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد السعودي بنسبة 3.1 في المئة مع ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي النفطي بنسبة 2 في المئة سنوياً، وفقاً لـ "جدوى"، وأشارت إلى أن تراجع الاستثمارات العالمية لسنوات عدة في التنقيب عن النفط والاستثمار في إنتاجه يعني أن إنتاج العديد من منتجي النفط سينخفض على الأرجح، وهذا سيُترجم إلى ارتفاع الطلب على النفط الخام السعودي على الرغم من الانخفاضات السنوية المعتدلة في الطلب العالمي الإجمالي على النفط العام المقبل.
وقالت إنه في ما يتعلق بالقطاع غير النفطي، فإن استمرار الكشف عن المبادرات الحكومية في إطار خطة "رؤية 2030" سيساعد في دفع النمو في عام 2023، مضيفة أن صندوق الثروة السيادي المعروف باسم صندوق الاستثمارات العامة سيحفز النمو في قطاع البناء نتيجة التقدم في المشاريع الضخمة ودعم التنمية الوطنية من خلال ضخ 150 مليار ريال (40 مليار دولار) سنوياً.
توقعات 2023
في عام 2023، من المتوقع أن يصل إجمالي الإيرادات الحكومية إلى حوالى 1.01 تريليون ريال (269.3 مليار دولار)، حيث تشكل الإيرادات النفطية 633 مليار ريال (168.8 مليار دولار)، أو 63 في المئة من الإجمالي، وتوقعت "جدوى"، تراجع الإنفاق الحكومي 1.5 في المئة سنوياً إلى 941 مليار ريال (251 مليار دولار)، ومن المتوقع أن يتقلص الفائض المالي إلى 73 مليار ريال (19.5 مليار دولار) أو 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل.
إصدارات الدين
في الوقت نفسه، لن تؤدي أي إصدارات دين إضافية إلى دفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 26.3 في المئة في نهاية عام 2023، وفقً للتقرير.