وجدت دراسة جديدة أنّ عدد النساء اللواتي يتلقين علاجاً بسبب مشكلات لعب القمار، تضاعف في غضون خمسة أعوام، إذ وصل عدد المعرّضات لخطر المعاناة من مشكلات مرتبطة بألعاب القمار إلى مليون امرأة.
وكشفت الدراسة التي أجرتها جمعية "غامبل أوير" Gamble Aware الخيرية أنّ عدد النساء اللواتي يخضعن للعلاج بسبب هذه المشكلة ارتفع من 1100 في 2015-2016 إلى نحو 2500 في 2020-2021.
وقد حذّرت تلك الجمعية الخيرية الرائدة في علاج مشكلات القمار في المملكة المتحدة، من أنّ هذا العدد قد لا يمثّل سوى نسبة قليلة من العدد الفعلي للنساء اللواتي يعانين من التبعات السلبية المرتبطة بلعب القمار.
وفي حديثها إلى "اندبندنت"، لاحظت الرئيسة التنفيذية لـ"غامبل أوير"، زوي أوزموند، إنّهم توصّلوا إلى رقم المليون امرأة تقريباً استناداً إلى توقّعات مبنية على أرقامٍ أحصاها جهاز خدمات العلاج والدعم التابع للجمعية، بين عامي 2019 و2021.
وعرّفت السيدة أوزموند أضرار القمار على أنها المراهنة بمبلغ يتخطّى ميزانيتكم، و"الانشغال التام" بلعب القمار، وفشل محاولات السيطرة على اعتياد لعب القمار والتوقف عنه، والمراهنة بمبالغ مالية متزايدة.
وكذلك أشارت إلى أنّ النساء أكثر ميلاً للعب القمار بواسطة بطاقات الحكّ ("سكراتش") أو الـ"بينغو"، أو المشاركة بألعاب إلكترونية، فيما حذّرت من أن الجمعية تتابع ازدياد عدد النساء اللواتي يلعبن القمار على الإنترنت.
وأضافت السيدة أوزموند، "إن ما يدفع النساء إلى لعب القمار هو الرغبة بالهروب من ضغوطات الحياة اليومية، التي تسبّبها مثلاً رعاية الأطفال ومساعدتهم في إنجاز فروضهم المنزلية، وإدارة الأمور المالية والعمل أيضاً. إنه شكل للهروب من الواقع".
ولاحظت أنه "في الحقيقة، تشعر النساء بالوصمة [حيال لعب القمار] أكثر بكثير من الرجال، ما يدفعهن إلى الشعور بإحراج وخجل أكبر بسبب ما يفعلنه، ويقلّل إمكانية طلبهن المساعدة والتوجيه".
في هذه الأثناء، يرجّح أن يراهن الرجال أكثر على المباريات الرياضية وزيارة وكلاء المراهنات واستخدام آلات المراهنة الإلكترونية.
وأضافت أوزموند، "ما يسعى إليه الرجال هو الإثارة ورفع هرمون الأدرينالين والأمل بإحراز ربح كبير، ولهذا يستمرون في زيادة مراهناتهم لتعويض خساراتهم. ما زال القمار موضوعاً مرتبطاً بجنسٍ من دون آخر. قد تعتقد النساء بأنّ لعب القمار أمر آمن، لكن عليهنّ الانتباه إلى الإشارات التحذيرية كي لا يفقدن السيطرة".
وبيّنت السيدة أوزموند إن لعب القمار منتشر بشكل أكبر بكثير من السابق، مضيفةً أنّه "في كل مكان".
وكذلك أوضحت أنّ "كوفيد يعني قضاء مزيد من الوقت داخل المنزل. ومزيد من الوقت على الإنترنت. ومع خروجنا من الجائحة، يزيد عدم اليقين في حياتنا. ويشكّل القمار شكلاً من اللهو والهروب من الواقع".
وأشارت إلى أن "أي شخص يساوره القلق بشأن لعب القمار، سواء عليه أو على شخص من أحبائه، يمكنه أن يزور موقع BeGambleAware.org للحصول على إرشاد ودعم مجاني وسري، أو الاتصال بخط المساعدة الوطني المتعلّق بلعب القمار على الرقم 0808 8020 133 وهو متوافر على مدار الساعة، كل أيام الأسبوع".
وفي سياق مماثل، وجد باحثون أنّ امرأتين من كل خمسة نساء يعانين من أضرار كبيرة بسبب القمار، قد يتجنّبن طلب الدعم أو العلاج بسبب الوصمة المرتبطة بهذا النشاط إلى اليوم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي ذلك الصدد، لاحظت ليز كارتر، المعالجة النفسية المتخصصة بمواضيع الإدمان لدى النساء، أن "مظاهر سلوكيات الإدمان تتفاوت بين الرجال والنساء. ونعلم مثلاً بأنّ سهولة توافر القمار على الإنترنت تجذب عديداً من النساء إلى ألعاب تبدو بريئة ومقبولة اجتماعياً".
وأضافت، "تعطي هذه الألعاب الانطباع بأنها آمنة ومألوفة، نظراً لتشابهها بالألعاب الإلكترونية المجانية التي اعتدنا جميعاً على لعبها. وإضافة إلى ذلك، يشكّل الأمل بجني الأرباح المادية محفّزاً قوياً. قد لا يؤدي لعب القمار دائماً إلى الأذى، لكن من الضروري أن تكون النساء على علم بعلامات الإنذار المبكرة".
في سياق متصل، أطلقت جمعية "غامبل أوير" حملة جديدة يوم الاثنين الفائت هدفها تسليط الضوء على علامات الإنذار التي تنبّه إلى معاناة النساء مشكلة مع القمار، وعلى وسائل المساعدة المتاحة لهنّ.
وتلفت الجمعية إلى أنّ عبارة "أضرار القمار" تشير إلى أثره السلبي على "موارد (الأفراد) وعلاقاتهم وصحتهم"، وتتعدّد علامات الإنذار، من قبيل فقدان الإحساس بالوقت وإنفاق مبالغ لا يمكنكم تسديدها، والحرص على إخفاء لعب القمار عن الأشخاص المقرّبين منكم.
وفي الإطار نفسه، ذكرت سيدة تبلغ من العمر 59 سنة، وتعيش في منطقة "نيوكاسل آبون تاين"، وتسمّى بيف، أنها "بدأت بالمراهنة على الإنترنت حين كنت في منتصف الأربعينات من عمري. وحينها، لم أشعر بأن الأمر مؤذٍ، إذ كنت أقوم برهانات قيمتها 10 جنيهات، هنا وهناك".
وأضافت، "لكن، سرعان ما تضخّم الموضوع. ووجدت أنني أقضي كل وقت فراغي في لعب القمار وأختلق الأعذار كي لا أختلط بالباقين. انشغلت بتطبيقات اللعب لدرجة أنني لم أعِ ما يجري حولي".
وكذلك حرصت بيف على إخفاء موضوع لعبها القمار عن الآخرين، وفي النهاية تراكمت الديون عليها.
وأضافت، "حاولتُ علاجات مختلفة لكنني لم أجد علاجاً ناجحاً سوى حين حاولت أختي مساعدتي في تلقّي الدعم من خلال "منظمة غوردون مودي" لعلاج الإدمان على القمار. لم أقم بأي رهان منذ دخلتُ ذلك المكان قبل ثلاثة أعوام. أعطوني نصائح من دون أن يحكموا عليّ، وزوّدوني بأدوات تمكنني من عيش حياة خالية من المراهنات والقمار".
© The Independent