في معرضه الذي أقامه في نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي قدم الرسام المصري محمد الطراوي مجموعة متنوعة من الوجوه المرسومة بخامة الألوان المائية. عبرت الأعمال التي قدمها الطراوي في هذا المعرض عن رؤيته الجمالية للوجه الأنثوي أفضل تعبير. فقد راعى في رسومه تلك أن تكون معبرة عن أطياف وهويات وأدوار متنوعة للمرأة. ورغم تنوع الأعمال واختلافها إلا أنها اشتركت جميعها في إظهار سمات القوة الكامنة في المرأة. فمع نعومة الآداء اللوني الذي تضفيه خامة الألوان المائية على هذه الوجوه والتمعن في استلهام جماليات الجسد والملامح، أكدت الأعمال على نحو لافت هذه الروح المتحدية والثقة البادية على ملامح الوجوه المرسومة.
أقيم المعرض تحت عنوان "كوني أنت" فكان أشبه برسالة إلى نساء العالم لأن يكتشفن ما فيهن من قوة. كتب الفنان معلقاً على هذه الأعمال: "المرأة هي محل لأفكار وتصورات تُطرح على المستويين المرئي والمكتوب، فلم تعد صورتها كما كانت وعاءً يلغي بُعدها الإنساني. في حضرة المرأة تتجلى معاني العطاء والخير والمحبة والقوة معاً. إصنعي حياتك التي ترغبين أن تعيشيها، إصنعي ذاتك، أرسمي دروب أحلامك، أعيدي للحياة رونقها وتوازنها وللورود عطرها، أثبتي للعالم من تكونين".
إرث فني
رحل الفنان محمد الطراوي أول من أمس مخلفاً إرثاً فنياً كبيراً من الرسوم المائية، وتلخص هذه الكلمات الأخيرة له رؤيته للمرأة التي مثلت محوراً للعديد من معارضه وأعماله عبر مساره الفني. رسم الطراوي معظم أعماله بخامة الألوان المائية، وهي الخامة التي تفرد وبرع في العمل عليها، فكان أحد فرسانها القلائل على ساحة التشكيل المصري. تنوعت موضوعات الفنان الراحل بين المشهد الطبيعي والبورتريه، كما تفرد أيضاً بخلقه مساحته الخاصة، وبحثه الدؤوب عن علامات تميزه، والتي وجدها في استحضاره اللافت للطبيعة المصرية بكل مكوناتها.
عرف الفنان محمد الطراوي برسومه على صفحات مجلة "صباح الخير" المصرية التي التحق بالعمل بها فور تخرجه في كلية الفنون الجميلة. كما عرف بنشاطه ومساهماته الفاعلة في العديد من الفعاليات والمعارض المحلية والدولية. شارك الطراوي بالإشراف على عدد من النشاطات الفنية الهامة ومن بينها المعرض العام، وهو الحدث الأبرز في وسط التشكيليين المصريين، كما كان قيماً على صالون الشباب، وعضواً في لجنة تحكيم ملتقى الأقصرالدولي للتصوير، وغيرها من الفعاليات والأنشطة الأخرى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تخرج الفنان الراحل في كلية الفنون الجميلة في القاهرة عام 1980 وكان عضواً في نقابتي التشكيليين والصحافيين، والعديد من الجمعيات والكيانات الفنية المصرية، ك"أتيليه" القاهرة وجماعة فناني الغوري، كما ترأس تحرير مجلة "الخيال"، وهي أحد أهم الإصدارات الرسمية المتخصصة في مجالات الفنون البصرية في مصر. من بين الأعمال الهامة التي قدمها الفنان محمد الطراوي تأتي مشاركته في وضع رسوم متحف دنشواي، الذي أقيم تخليداً لذكرى ضحايا المحاكمات الجائرة التي نفذها البريطانيون لفلاحي قرية دنشواي في دلتا مصر، وقد عبرت رسومه أبلغ تعبير عن الأحداث المأساوية التي شهدتها هذه القرية. ومن مشاريعه اللافتة كذلك يأتي مشروعه الأبرز لتسجل معالم الطبيعة اليمنية عند زيارته لها في تسعينيات القرن الماضي، وله مجموعة كاملة من الرسوم والأعمال التصويرية التي وثق خلالها جمال الطبيعة في مناطق اليمن المختلفة.
رحل الفنان محمد الطراوي تاركاً أثراً لا يمحى في قلوب محبيه، بأعماله المتنوعه وتجربته الثرية. وقد نعته وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم معربة عن تعازيها للوسط الفني، وواصفة أعماله بأنها تمثل إرثاً من الإبداع الخالد. كما نعته نقيبة التشكيليين المصريين صفية القباني مؤكدة أن الحركة التشكيلية المصرية قد فقدت فناناً وإنساناً قديراً امتلك أدواته، وكان ماهراً في استخدامها وترويضها في أعماله طوال مسيرته الفنية الحافلة.