أدت الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا اليمين القانونية أمام مجلس النواب، في غياب 13 وزيراً فيها، بعد تعذر وصولهم إلى طبرق.
وذكرت الحكومة الجديدة ومصادر إعلامية متطابقة أن تعذر وصول الوزراء يعود لـ"احتجاز بعضهم على يد مسلحين موالين لرئيس الحكومة المقالة عبد الحميد الدبيبة، أو بسبب الحظر الجوي الذي فرضه الدبيبة في سماء ليبيا لمنع الوزراء من الوصول إلى مقر البرلمان".
ولم ترد حكومة الدبيبة حتى اللحظة على هذه المزاعم، على الرغم من أن مصادر بقطاع الطيران قالت، إن الرحلات الداخلية لا تعمل، وفقاً لوكالة "رويترز".
ولاحقاً، وجه الدبيبة بصفته وزيراً للدفاع أوامره للوحدات المكلفة بمهام الحماية والتأمين للتعامل مع أي تشكيل أو رتل يتحرك من دون إذن الوزارة. وحذر في بلاغ رسمي كل الوحدات والتشكيلات العسكرية، الخميس، من تحرك أي أرتال لسيارات مسلحة أو عسكرية أو شبه عسكرية من دون إذن تحرك مسبق.
وقال الدبيبة في تغريدة على "تويتر": "إجراء الانتخابات هو احترام لإرادة 2.8 مليون ليبي وسيُنهي أزمة الشرعية وتُنتج أجساماً تشريعية وتنفيذية جديدة تصل بالبلاد إلى الأمن والاستقرار، وهذا ما أكده الناطق الرسمي للأمين العام للأمم المتحدة، والذي يتناغم مع أهدافنا".
وعززت هذه التطورات الخطيرة القلق بشأن احتمال نشوب صدامات مسلحة بين قوات عسكرية موالية لرئيسي الحكومتين المتنازعتين على السلطة والمنتميين لمدينة مصراتة، ما دفع البعثة الأممية للتدخل في محاولة لخفض التصعيد وحل الأزمة الحالية بطرح خطة جديدة على مجلسي النواب والدولة لإجراء انتخابات عامة، في أقرب وقت ممكن.
كلمة باشاغا
وتعهد رئيس الحكومة الليبية الجديدة فتحي باشاغا عقب أدائه وعدد من الوزراء اليمين الدستورية أمام مجلس النواب، بأنه "سيعمل بعزيمة من أجل إنهاء المراحل الانتقالية ودعم العملية الانتخابية".
ودان باشاغا "حالة التصعيد غير المبررة من إغلاق المجال الجوي أمام وزراء الحكومة واحتجاز بعضهم ومنعهم من الوصول إلى طبرق لأداء اليمين القانونية أمام البرلمان"، بحسب تعبيره.
وأضاف، "سلمنا السلطة في ما سبق بكل ود، والآن هناك من يريد جر البلاد إلى الحرب من أجل التمسك بالسلطة" في إشارة إلى الدبيبة الذي يرفض تسليم مهماته إلى باشاغا المكلف من البرلمان.
وجرى أداء اليمين الدستورية في حضور 92 نائباً من مجلس النواب، حيث أدى أغلب وزراء الحكومة اليمين، فيما تعذر حضور البقية.
وكشف المتحدث باسم باشاغا أحمد الروياتي في تصريح صحافي، أن "سيارة أحد وزراء الحكومة تعرضت لإطلاق نار".
وكان باشاغا قد قال في وقت سابق، إن "وزيرين من حكومته تعرضا للاحتجاز والمنع من السفر إلى طبرق لأداء اليمين القانونية"، معتبراً أن "إغلاق المجال الجوي في ليبيا يعد أول خرق لوقف إطلاق النار الموقع في عام 2020".
البرلمان يدين تصعيد الدبيبة
ودان مجلس النواب، في بيان له، منع وزراء حكومة باشاغا من السفر إلى مدينة طبرق لأداء اليمين الدستورية أمام البرلمان.
وقال بيان النواب، "نستنكر اختطاف المرشحين لوزارتي الخارجية والثقافة، ونتابع بقلق بالغ خطف الوزيرين". ولفت إلى أنه" يدين ما حدث من اعتداء على باقي الوزراء والرماية بالرصاص عليهم لمنعهم من الوصول إلى مدينة طبرق لأداء اليمين".
واستنكر البرلمان "ما تم من قفل للأجواء، وما تم من قفل للطريق الساحلي، وما ترتب عليهما من معاناة للمرضى والمسافرين، ونعتبر ما حدث تهديداً لمنجزات لجنة 5+5 واعتداء على حرية التنقل، ويؤكد ما أعلنه مجلس النواب سابقاً بشأن ما حدث من تهديد للنواب لمنعهم من حضور الجلسات ومساومات لشراء الذمم في سبيل عرقلة النصاب القانوني".
وحمل البيان "حكومة الوحدة الوطنية المسؤولية الكاملة عن سلامة المختطفين وسلامة المهددين من وزراء ونواب"، وطالب "النائب العام بفتح تحقيق عاجل فيما حدث من أعمال إجرامية غير مسؤولة، وحكومة الوحدة الوطنية بتسليم مهامها بكل ديمقراطية للحكومة الجديدة لتباشر مهامها من العاصمة، وتبسط سيطرتها وسلطتها على كامل التراب الليبي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
البرلمان يحدد أولويات الحكومة
من جانبه حدد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، أولويات الحكومة في الفترة المقبلة، قائلاً، إن "هناك قائمة أولويات تمثل نبض المواطن ومصدر معاناته وشكواه التي دامت لعقد من الزمن ينبغي العمل عليها فور مباشرة الحكومة مهماتها".
وأشار صالح، في كلمته بجلسة أداء اليمين الدستورية للحكومة التي كلفها بتسيير البلاد لعام ونصف العام، إلى أن "المواطن الليبي في حاجة ملحة لحكومة خدمات قادرة على رفع المعاناة عن كاهله، في أسرع وقت ممكن".
وشدد على أنه "يقع على عاتق الحكومة تهيئة الأوضاع الأمنية والاجتماعية والاقتصادية من أجل خلق مناخ مناسب لتنظيم الانتخابات وطبقاً لخارطة الطريق المقررة، وذلك يعني إزالة القوة القاهرة بمختلف أشكالها التي أعاقت تنظيم الانتخابات في 24 ديسمبر(كانون الأول) 2021".
عين على طرابلس
من جانبه، أكد وزير الأشغال العامة في الحكومة الليبية الجديدة، نصر شرح البال، "عزم الحكومة على ممارسة عملها من العاصمة طرابلس".
وتابع، "الحكومة الليبية عاقدة العزم على السير قدماً للخروج من النفق المظلم الذي تمر به ليبيا، وهي مشروع وطني ليبي - ليبي، لا يرتبط بأي أطراف خارجية، وستسير بالبلاد للوصول للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وكذلك لتسهيل وتقديم الخدمات بالتساوي وبالعدل والمساواة".
وأوضح وزير الدفاع بالحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، احميد حومة، أن "اجتماع مجلس الوزراء الأول سيكون في مدينة طبرق، وسيتناول ما حدث اليوم والأمس من منع وصول بعض الوزراء إلى جلسة أداء اليمين القانونية".
وأكد أنه "سيبحث خلال الاجتماع سبل إيجاد حلول للأزمة الحالية، بعيداً عن العنف والشتم وأي أمر يفرق الليبيين، كما سيتم العمل من اليوم لتنفيذ خطط وبرامج الحكومة".
وأشار حومة إلى أنه "سيتم تحديد موعد ذهاب الحكومة إلى طرابلس في الاجتماع"، مشدداً على أن "دخول الحكومة إلى العاصمة سيتم بشكل سلمي وراق ومن دون أي عنف".
استقالة مبكرة
في سياق متصل، أعلن وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة باشاغا، جمال سالم محمد شعبان، استقالته من منصبه.
وأوضح وزير الاقتصاد أسباب الاستقالة، في بيان له، قائلاً "استقلت من منصبي لأن جلسة النواب الأخيرة لم تتسم بالشفافية، ولم تراع القواعد الإجرائية ولم تتم بالتنسيق مع الأعلى للدولة".
خطة دولية جديدة
ومع تصاعد التوتر واستمرار حالة التصعيد السياسي بين أطراف الأزمة السياسية الحالية، وخصوصاً مجلس النواب والدولة والحكومتين الجديدة والقديمة، تحركت البعثة الأممية في ليبيا قبل أن تتفاقم الأزمة إلى مستوى قد يتسبب بنسف التفاهمات التي أشرفت على التنسيق لها بين الفرقاء الليبيين.
وقالت المبعوثة الدولية إلى ليبيا، ستيفاني ويليامز، في تغريدة عبر حسابها على "تويتر": "أنا هنا لدعم العملية الانتخابية وتطلعات 2.8 مليون ليبي، وسوف أرسل اليوم خطاباً إلى مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بخصوص المشاورات التي أقترح الشروع بها على الفور لوضع أساس دستوري ينقل البلاد إلى الانتخابات، في أقرب وقت ممكن".
وأكدت "الأهمية الأساسية المتمثلة في الحفاظ على الأمن والاستقرار والوحدة، والامتناع عن أعمال التصعيد والاستفزاز والعنف".
وفي أول تعليق من الأطراف الليبية على الخطة الجديدة التي تسعى البعثة الأممية لتنفيذها، رحب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي بمبادرة ويليامز لإطلاق حوار سياسي يؤسس لإجراء الانتخابات.
وقال المنفي في تصريح مقتضب، "نؤكد ضرورة مشاركة جميع المؤسسات المنبثقة عن الاتفاق السياسي من دون استثناء لدعم المخرجات بما يحقق إجراء الانتخابات في أقصر مدة ممكنة".