نشر فرانسيس فوكوياما أبرز خلاصاته عن الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا في موقع "أميريكان بوربز" الذي يشرف عليه ويتولى إدارة تحريره. ورأى أن موسكو تتجه إلى الهزيمة في أوكرانيا جراء سوء التخطيط والإعداد للحرب. وهذا التخطيط كان يستند إلى افتراضات خاطئة، منها أن الأوكرانيين يميلون إلى روسيا وأن جيشهم سينفرط عقده مباشرة بعد الاجتياح. ويزعم صاحب "نهاية التاريخ" أن الجنود الروس كانوا "من غير شك، يحملون بزات رسمية لاستعراض النصر في كييف عوض الذخائر والمؤن". وأضاف أن فلاديمير بوتين زج جيشه برمّته في هذه العملية، ولا يستطيع اللجوء إلى قوات احتياط كبيرة. والقوات الروسية "عالقة" على مشارف عدد من المدن الأوكرانية وتواجه مشكلات ضخمة في الإمدادات وهي في مرمى هجمات الأوكرانيين المتواصلة.
ورجّح المفكر السياسي أن انهيار القوات الروسية قد يكون "مفاجئاً" على حين غرّة و"مأساوياً وكارثياً"، ولن يكون انهياراً بطيء الوتيرة في حرب قتالية. فالجيش الروسي سيبلغ مرحلة ينقطع من الإمدادات من جهة، ويتعذر عليه الانسحاب، من جهة أخرى. وهذا سيكون مآل الجيش الروسي في الشمال الأوكراني، يوضح فوكوياما، وليس في جنوب البلاد حيث يُبلي بلاء أفضل. ولكن "الإمساك" بالجنوب أو إحكام السيطرة عليه سيتعذر إذا انهارت مواقع الجيش الروسي في الشمال.
وينبّه فوكوياما إلى غياب حل دبلوماسي للحرب قبل تداعي الجيش الروسي بالكامل. وليس في متناول موسكو أو كييف القبول بمساومة أو حل وسطي جراء الخسائر الضخمة التي حلت بكل منهما.
ووجّه فوكوياما سهامه إلى مجلس الأمن. فالأخير أثبت مرة جديدة أنه "بلا فائدة"، لا تُرتجى منه جدوى غير تحديد من "اللاعبين السيئين" في العالم. ورأى أن قرار إدارة جو بايدن الامتناع عن نقل مقاتلات ميغ البولندية إلى أوكرانيا سديد وفي محله. "فمن الأفضل أن يُلحق الأوكرانيون بأنفسهم الهزيمة بالروس كي لا يتسنى لهؤلاء التذرع بالقول إن ’الناتو شنّ عدواناً" على روسيا. أما في شأن مقاتلات ميغ البولندية، فرأى أنها لن تعزز القدرات الأوكرانية على نحو يعتدّ به. والأفضل من نقل طائرات الميغ البولندية إلى كييف هو مواصلة مدها بصواريخ "جافلين" و"ستيتغر" وتي بي2، ومؤن طبية ومعدات ومعلومات استخباراتية. ورجّح أن استخبارات "الناتو" ترسل معلومات إلى أوكرانيا من خارجها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا شك في أن الخسائر التي تتكبدها أوكرانيا ضخمة. ولكن هذه الأضرار تلحقها بها الصواريخ والقذائف. وهذه الأسلحة لا يسع مقاتلات ميغ أو منطقة حظر جوي نزع فتيلها والحؤول دون استخدامها. وحده ما سيوقف المجازر هو هزيمة الجيش الروسي في ميدان المعارك. وبوتين لن ينجو من مثل هذه الهزيمة إذا لحقت بجيشه. فتأييد الروس له مصدره حسبانهم "أنه رجل قوي" يمسك بزمام الأمور. ولكنه لن يملك أياً من مصادر القوة هذه بعد إظهار هذا القدر من غياب الكفاءة.
وهزيمة بوتين لن يقتصر أثرها على الداخل الروسي بل سيتردد في أوساط سائر الشعبويين في أصقاع العالم. فهؤلاء كانوا يعربون عن التعاطف معه وتأييده من ماتيو سالفيني، النائب الإيطالي ورئيس حزب "رابطة الشمال" اليمينية المتطرفة، وجائير بولسونارو وإيريك زمور المرشح إلى الرئاسة الفرنسية ومارين لوبان وفيكتور أوربن، وصولاً إلى دونالد ترمب.
وخلص فوكوياما إلى أن الحرب، إلى اليوم، هي عبرة للصين وحري ببكين الأخذ بها. والأخيرة شأن روسيا بنت جيشاً عالي الكفاءة في العقد الماضي، ولكنه يفتقر إلى خبرات قتالية. ولن يكون أداء سلاح الجو الصيني أفضل من الأداء البائس للقوات الروسية الجوية، على قوله. فسلاح الجو التابع للجيش الصيني يفتقر إلى الخبرات في تنسيق حملات جوية معقدة. وتمنى في الختام ألّا تنساق القيادة الصينية وراء أوهام على خطى الروس ضد تايوان. وأمل في أن تبدأ الأخيرة إعداد العدة للقتال ضد الصين وتستأنف العمل بنظام التجنيد [الخدمة الإلزامية]. فهزيمة روسيا ترصّ صفوف الديمقراطيات الغربية وهي صنو "ولادة الحرية من جديد". والغرب مدين بذلك لبسالة الأوكرانيين.