تصدرت قضية الحرب الروسية على أوكرانيا وتشبيهها بحلب المشهد خلال أعمال "منتدى الدوحة" في نسخته الـ 20، واستدعت المقارنة حوارات صاخبة بين الوفود الرسمية رفيعة المستوى من دول العالم التي حضرت المنتدى، سواء في الجلسات العامة أو الجانبية.
ففي وقت تباكى فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على حال مليون مسلم في أوكرانيا وأثر الحرب فيهم خلال شهر رمضان، جرت مناقشة مثيرة بين وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، تناولت المقارنة بين مدينتي حلب السورية وماريوبول الأوكرانية.
وكان المفوض الأوروبي يشرح معاناة مدينة ماريوبول الأوكرانية ويؤكد أنها بمثابة حلب بالنسبة إلى أوروبا، (في إشارة لدمار المدينتين جراء الحرب)، ليرد الوزير السعودي، "حسناً، حلب هي حلب بالنسبة إلينا".
ورد المفوض الأوروبي مستفزاً، "لكننا الأوروبيون لسنا من فجر حلب"، ليقابله الأمير فيصل بن فرحان مبتسماً، "لا لستم أنتم، لكن تفاعل المجتمع الدولي مع الأزمتين كان مختلفاً".
ونبّه وزير الخارجية السعودي إلى أن الطريقة المثلى للتعامل مع هذه الأزمة هي بتعزيز الحوار بين الطرفين للوصول إلى حل سياسي وإنهاء معاناة المدنيين وإيقاف النزاع ومعالجة هذه المسألة بموجب المعايير الدولية والقانون الدولي، مع الاحترام الكامل لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
الحرب الروسية تغير أجندات المنتدى
وبرز خلال المنتدى الموقف الخليجي من الحرب في أوكرانيا، إذ دعا نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى التعامل مع مشكلات المنطقة بالالتزام نفسه الذي تعامل به العالم مع الأزمة الأوكرانية، فيما أكد وزير الخارجية السعودي ضرورة إنهاء النزاع في أوكرانيا وحماية المدنيين، داعياً إلى إطلاق حوار فوري بهذا الصدد، في وقت عقد فيه اجتماعات جانبية عدة مع نظرائه من وزراء الخارجية ومسؤولين سياسيين من أنحاء مختلفة من العالم.
وكانت الحرب الروسية على أوكرانيا التي دخلت شهرها الثاني دفعت القائمين على منتدى الدوحة إلى تغيير أجندته، إذ شارك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمة له عبر الفيديو، مطالباً بحماية النظام الدولي "ليس فقط من أجل أوكرانيا، ولكن من أجل أفغانستان وسورية واليمن"، في محاولة لاستدرار عواطف العرب والمسلمين في المنطقة والعالم.
وشبّه الرئيس الدمار في ماريوبول بما حدث في سوريا، مشيراً إلى أن روسيا لم تعاقب بعدما استولت على القرم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما طالب زيلينسكي في كلمته الدول المنتجة للطاقة بزيادة إنتاجها لضمان عدم احتكار روسيا للإنتاج، داعياً إلى "ضخ مصادر الطاقة المختلفة للحد من هيمنة روسيا".
وأشار الرئيس الأوكراني إلى أن على العالم مواجهة احتمال أزمة غذائية بسبب حرب روسيا على بلاده، مضيفاً أن "الغزو الروسي يؤدي إلى حرمان دول العالم من الغذاء، كما يجب مواصلة الضغط على روسيا بالعقوبات حتى نضمن عدم تدميرها العالم".
وشهدت الجلسة الافتتاحية للمنتدى وعنوانها "التحول إلى عصر جديد"، نقاشاً عاصفاً ومستفيضاً حول الحرب الروسية على أوكرانيا، والأزمات التي تمر بها المنطقة، إذ حذر عضو مجلس الشيوخ الأميركي ليندسي غراهام من أخطار فوز الرئيس الروسي في الحرب على أوكرانيا، قائلاً إنه "إذا فاز بوتين في هذه الحرب فإن الصين ستسيطر على تايوان"، ومهدداً الروس بالقول "إذا قمتم بهجوم نووي فسنرد عليكم بقوة وسرعة"، داعياً الشعب الروسي إلى الإطاحة برئيسه.
وأشار أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني خلال الكلمة الافتتاحية لمنتدى الدوحة إلى أن عسكرة الحلول تنامت لتصل إلى واحدة من أصعب ذرواتها خلال العقود الأربعة الأخيرة في الحرب الأوكرانية، مؤكداً تضامنه مع ملايين الأبرياء واللاجئين من ضحايا هذه الحرب غير العادلة والحسابات الجيو-سياسية.
كما ذكر في الوقت ذاته بملايين الفلسطينيين الذين يعانون الاحتلال الإسرائيلي والتجاهل الدولي منذ أكثر من سبعة عقود.
إعادة الحوثيين إلى قوائم الإرهاب
وحضرت قضايا وأزمات عدة خلال جلسات المنتدى، منها المطالبة بإعادة ميليشيات الحوثي إلى قائمة الإرهاب، إذ ذكر السيناتور الأميركي ليندسي غراهام في مشاركته أن "هدفنا في أميركا إعادة الحوثيين إلى قوائم الإرهاب حيث ينتمون"، معتبراً أن "واشنطن كان يجب أن تلعب دوراً أكبر في مواجهة الحوثيين، وذلك في ظل هجماتهم المستمرة على المدنيين والبنى التحتية، وبخاصة في السعودية".
وفي الملف الإيراني قال مسؤول الخارجية بالاتحاد الأوروبي بوريل، "نرغب في تجنب أن تصبح إيران قوة نووية"، مشيراً إلى أن "الاتفاق النووي عمل بنجاح حتى انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب".
يذكر أن مناقشات المنتدى وجلساته ركزت أيضاً على الشعار الرئيس لهذا العام، وهو التحول إلى عصر جديد، مع التركيز على عدد من المجالات الأساس ومن بينها التحالفات الجيو-سياسية والعلاقات الدولية والنظام المالي والتنمية الاقتصادية والدفاع والأمن السيبراني والأمن الغذائي، إضافة إلى الاستدامة وتغير المناخ.
المنافسة الأميركية - الصينية
كما طغى الجانب الاقتصادي على جلسات منتدى الدوحة، وبحث في قضايا مثل مجالات النفوذ في عصر غياب السلام والأزمات الاقتصادية وتنسيق الجهود العالمية من أجل التعافي والمنافسة الأميركية - الصينية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومعالجة آثار تغير المناخ وسياسات التكيف من أجل مستقبل منيع.
وبحث المنتدى أيضاً الأزمة الإنسانية المستمرة في أفغانستان، ومستقبل الاستثمار الأجنبي المباشر في عصر ما بعد الجائحة، والثورة الصناعية الرابعة، إضافة إلى مسألة السلام والازدهار في منطقة الهندي – الهادئ، وإدارة أزمات المناخ العالمية وتحقيق نمو مستدام في منطقة الخليج العربي مع تقدم العالم نحو الانبعاثات الصفرية.