قالت لجنة أطباء السودان المركزية الأربعاء 6 أبريل (نيسان) إن متظاهراً توفي بعدما أصيب بالرصاص خلال تظاهرات في مدينة شرق النيل بولاية الخرطوم.
وأضافت اللجنة أنه بهذا يصل العدد الإجمالي للقتلى منذ الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر (تشرين الأول) إلى 94 قتيلاً.
وأطلقت قوات الأمن السودانية قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات المتظاهرين المناهضين للانقلاب العسكري وداخل مستشفى في العاصمة، بحسب ما أفاد شهود عيان وكالة الصحافة الفرنسية.
وأكدت لجنة أطباء السودان المركزية الرافضة للانقلاب أن "قوات المجلس العسكري الانقلابي اقتحمت مستشفى الجودة وتطلق الغاز المسيل للدموع بداخله وتروّع المرضى والكوادر الطبية وتتسبب في اختناق عدد منهم".
ويحيي السودانيون الأربعاء ذكرى الاعتصام الذي أدى إلى إطاحة الرئيس السابق عمر البشير قبل ثلاثة أعوام عبر تظاهرات مناهضة للانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان العام الماضي.
وأفاد شهود عيان بأن القوات الأمنية السودانية انتشرت صباح الأربعاء حول القصر الرئاسي ومقر قيادة الجيش في العاصمة، كما أغلقت الجسور التي تربط الخرطوم بمدنها الرئيسة الأخرى.
الذكرى الثالثة
تأتي دعوات الاحتجاج ضد الانقلاب الأربعاء في الذكرى السنوية الثالثة لبدء اعتصام السودانيين أمام مقر قيادة الجيش بوسط العاصمة في 2019 للمطالبة بإنهاء حكم البشير، الذي أُسقط في 11 أبريل (نيسان) 2019 بعدما دام حكمه لثلاثة عقود.
وتتزامن هذه الاحتجاجات أيضاً مع ذكرى الانتفاضة الشعبية في السادس من أبريل عام 1985 التي أطاحت الرئيس العسكري جعفر نميري.
لم ينجح إسقاط البشير في إقناع المعتصمين بإنهاء اعتصامهم أمام مقر الجيش، بل أصرّوا على المكوث لحين تسليم السلطة إلى المدنيين. وفي يونيو (حزيران) 2019، فضّ رجال يرتدون الزي العسكري الاعتصام، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 128 شخصاً، بحسب ما أكدت لجنة مستقلة لأطباء السودان.
وبعد تفريق المعتصمين، اتفق المدنيون والعسكريون على فترة انتقالية يديرونها معاً حتى تصل البلاد إلى حكم مدني كامل، إلا أن الانقلاب العسكري الذي نفذه البرهان قلب تلك الخطط رأساً على عقب.
إسقاط الانقلاب
ومنذ نُفّذ الانقلاب العسكري وأطيح المدنيون من حكم البلاد الانتقالي، يعاني السودان اضطرابات سياسية واقتصادية عميقة، ويخرج الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع لمناهضة الانقلاب.
وفي الأسابيع الأخيرة، كثّف النشطاء السياسيون دعواتهم عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، لتنظيم احتجاجات الأربعاء، مستخدمين عدد من الوسوم مثل "#عاصفة 6 أبريل" و"#زلزال 6 أبريل."
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد بدوي بشير، أحد المشاركين في التظاهرات بالخرطوم "إنه يوم مهم. نتوقع خروج كثيرين إلى الشوارع على الرغم من الطقس الحار والصيام". وأضاف "نريد فقط إسقاط الانقلاب".
وفي بيان ليل الثلاثاء الأربعاء، دعا ائتلاف "قوى الحرية والتغيير" الذي قاد الاحتجاجات ضد البشير، السودانيين إلى المشاركة في الاحتجاجات وقال "جاوز الانقلاب شهره الخامس ولم ينتج غير حصاد الهشيم في كل جوانب الحياة وجعل بلادنا ساحة أزمات".
وفي مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، صرّح جعفر حسن، المتحدث باسم الائتلاف "نتطلع إلى أبريل ليكون شهر انتصارات السودانيين". وأضاف "يجب أن يهزم السودانيون الانقلاب وهو ليس من مصلحة أي أحد سواء كان مدنياً أو من القوات النظامية".
ومنذ وقوع الانقلاب، يعزز العسكريون قبضتهم على البلاد، خصوصاً في طريقة التعامل مع المتظاهرين، إذ سقط حتى الآن 93 قتيلاً وجُرح المئات خلال الاحتجاجات المناهضة للانقلاب، فيما تشنّ السلطات حملة توقيفات واعتقالات تطال القيادات المدنية البارزة.
كما قطعت الدول الغربية المانحة مساعداتها المالية للسودان حتى يتسلّم المدنيون الحكم الانتقالي.
وفاقمت الأزمة الاقتصادية ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والسلع الأساسية بشكل كبير منذ الانقلاب.
وحذّر برنامج الأغذية العالمي الشهر الماضي من أن عدد السودانيين الذين يواجهون الجوع الحاد سيتضاعف إلى أكثر من 18 مليون شخص بحلول سبتمبر (أيلول) 2022.
وتصاعدت معدلات الجريمة وعدم احترام القانون مع تزايد وتيرة العنف في المناطق النائية بالسودان، خصوصاً في إقليم دارفور غرب البلاد، بحسب ما تقول الأمم المتحدة.
والأسبوع الماضي، وقعت اشتباكات بين قبائل عربية وغير عربية أدت إلى سقوط 45 قتيلاً على الأقل في جنوب دارفور.
كما هدد البرهان بطرد موفد الأمم المتحدة الخاص إلى السودان فولكر بيرتس بعدما حذّر من تدهور الأزمة في البلادة خلال إفادة لمجلس الأمن الدولي. وأكد أن "البلاد لن تسلّم إلا لسلطة أمينة منتخبة يرتضيها الشعب كافة".
وكان بيرتس حذر من أن السودان يتجه "نحو الانهيار الاقتصادي والأمني"، ما لم تتم العودة إلى المرحلة الانتقالية التي اتُّفق عليها بعد إسقاط البشير. وأكد أن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وكتلة "إيقاد" (منظمة تضم دول شرق أفريقيا) قررت توحيد جهودها من أجل إطلاق محادثات سياسية في السودان.
ومن جهتها، دعت الولايات المتحدة الأربعاء على حساب سفارتها في الخرطوم على موقع "تويتر" إلى "السماح باستمرار الاحتجاجات السلمية من دون الخوف من العنف"، وطالبت السلطات السودانية "بالتزام وعودها ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات".
وقال جعفر حسن في مؤتمره الصحافي إن الحل في "مركز موحد"، يضم قوى الائتلاف والأحزاب المعارضة للانقلاب ولجان المقاومة.
وأردف "المخرج من الأزمة السودانية ليس بتجربة ما جربناه. المرة الماضية، جرّبنا الشراكة مع المكون العسكري وفشلت وانتهت بفضّها وإعلان حالة الانقلاب الحالية". وأضاف "يجب ألا نعود إلى هذه الحالة مرة أخرى".