انهيار جديد عاشته "وول ستريت" يوم الخميس 5 مايو (أيار)، مع تراجعات هائلة لأكثر من 95 في المئة من أكبر 500 شركة أميركية وسط مخاوف المستثمرين من حدوث ركود قوي للاقتصاد الأميركي.
وجاء ذلك بعد يوم واحد من رفع الفائدة المركزية بنسبة 0.5 في المئة لمحاربة التضخم المستشري. وتزايدت الشكوك في "وول ستريت" بأن استراتيجية "المركزي" في إحداث "هبوط ناعم" للاقتصاد لن تفلح، وأن التضخم سيظل مرتفعاً بفعل عوامل خارجية مثل الحرب في أوكرانيا والإغلاقات الصينية، مما يعني تزايد التوقعات برفع قوي للفائدة في الفترة المقبلة، يلحقه تراجع قوي للاقتصاد ودخوله في الركود.
تفاصيل الانهيار
ومن المفارقة أن انهيار "وول ستريت" جاء بعد يوم واحد فقط من تحقيق أكبر ارتفاع لمؤشر "ستاندرد أند بورز 500"، وهي أكبر خسارة منذ يونيو (حزيران) 2020، في إشارة إلى حجم التذبذب بين جلسة وأخرى، وعدم اليقين في الاقتصاد.
وجاءت التراجعات على الشكل التالي: هبط مؤشر "داو جونز" الصناعي 1063 نقطة أو 3.12 في المئة إلى 32997.97 نقطة، وخسر "ستاندرد أند بورز 500" نحو 153 نقطة أو 3.56 في المئة إلى 4146 نقطة، بينما هوى مؤشر "ناسداك" المجمع 647.17 نقطة أو نحو 5 في المئة إلى 12317 نقطة.
بيع كل شيء
ومن مفارقة التداولات يوم الخميس، أن المستثمرين باعوا كل شيء تقريباً؛ الأسهم والسندات والعملات المشفرة. فقد انخفض مؤشر أسهم التكنولوجيا بأكثر من 10 في المئة، بحسب بيانات "بلومبيرغ"، وهو أكبر عدد منذ منتصف مارس (آذار) 2020، بينما انخفضت عملة "بيتكوين"، أكبر عملة مشفرة، بنسبة تفوق 10 في المئة إلى أقل من 36000 دولار.
وكانت جلسة الخميس هي الرابعة فقط خلال 20 عاماً التي تسجل فيها كل من الأسهم والسندات انخفاضاً يتجاوز نسبة 2 في المئة. وعلى مدار الـ25 عاماً الماضية، شهدت ثلاثة اجتماعات أخرى فقط لسياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي انعكاسات كبيرة في السوق بهذا الحجم إلى الاتجاه الهبوطي خلال اليومين الأولين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الدولار يرتفع
وقد حقق الدولار، الذي انخفض بنسبة 1 في المئة تقريباً مع إعلان "الاحتياطي الفيدرالي" رفع الفائدة، انتعاشاً كاملاً ليقترب من أعلى مستوى في 20 عاماً.
وعلى رغم تطمينات البنك المركزي الأميركي الأربعاء بأن رفع الفائدة في اجتماعاته المقبلة لن يصل إلى 75 نقطة أساس كما كان متداولاً في السوق، إلا أن البيانات الاقتصادية والتطورات العالمية بملفي كورونا في الصين، والحرب الأوكرانية - الروسية، وما يتبعها من ملفات متعلقة بأسعار الطاقة والغذاء، ضعّفت الثقة بإمكانية عبور الاقتصاد الأميركي المرحلة المقبلة من دون ضغوط تضخمية كبيرة.
وأظهرت بيانات اقتصادية الخميس أن الإنتاجية انخفضت في الربع الأول بأكبر قدر منذ عام 1947 مع تقلص الاقتصاد، في حين ارتفعت تكاليف العمالة.
أسوأ عام
في الواقع، يتشكل عام 2022 ليكون أكثر الأعوام إيلاماً للمستثمرين منذ عقود. فمنذ يناير (كانون الثاني) استمر متوسط الانخفاض في مؤشر "ستاندرد أند بورز" 2.3 في المئة أي أكثر من أي عام منذ عام 1984، في حين أن عوائده بعد الجلسات المنخفضة كانت سلبية بنسبة 0.2 في المئة، ويعتبر ذلك الأسوأ منذ 35 عاماً.
وينتظر الاقتصاد الأميركي بيانات متعلقة بالوظائف اليوم الجمعة 6 مايو (أيار)، حيث من المرتقب أن تشهد ارتفاعاً في الرواتب والأجور لمستويات استثنائية، وهو ما يعني ضغوطاً إضافية على الاقتصاد، حيث هذه الزيادة ستترجم إلى طلب أعلى على السلع والمنتجات وأسعار أعلى تباعاً.
رفع الفوائد
وكان "الاحتياطي الفيدرالي" رفع معدلات الفائدة بنصف نقطة مئوية الأربعاء، وهي أعلى زيادة منذ عام 2000. كما أعلن "الاحتياطي" أنه سيبدأ في تقليص ميزانيته العمومية الضخمة الشهر المقبل، حيث سيبدأ في السماح لأصوله من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري بالانخفاض في يونيو بوتيرة شهرية أولية مجمّعة تبلغ 47.5 مليار دولار، لترتفع على مدى ثلاثة أشهر إلى 95 مليار دولار.
وأصبحت الزيادة في أسعار الفائدة تتراوح بين 0.75 في المئة إلى 1 في المئة، حيث تأتي بعد زيادة ربع نقطة مئوىة في مارس الماضي أنهت عامين من المعدلات القريبة من الصفر، حيث هدفت هذه الفائدة الصفرية إلى مساعدة الاقتصاد الأميركي على النهوض بعد الضربة القاسية التي تلقاها بسبب تداعيات فيروس كورونا.