توج ليفربول، السبت الماضي، بلقب كأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، حيث فاز على تشيلسي بركلات الترجيح بنتيجة 6-5، في المباراة النهائية التي استضافها إستاد ويمبلي في العاصمة البريطانية لندن.
وشهدت المباراة تبايناً واضحاً بين مشاعر جماهير ليفربول التي انتهت إلى الاحتفال باللقب الثاني في الموسم الحالي، بعد الفوز بلقب كأس رابطة الأندية المحترفة "كاراباو"، في فبراير (شباط) الماضي، لكن مشاعرها قبل بداية المباراة كانت مزيجاً من الحماس والترقب للمواجهة، والسخط تجاه النشيط الوطني للبلاد، حيث أطلقت صافرات الاستهجان والصيحات أثناء عزفه، في حضور حفيد الملكة، الأمير ويليام دوق كامبريدج.
ولا تُعد هذه المرة الأولى التي تكشف فيها جماهير ليفربول عن غضبها التاريخي والمتراكم تجاه الأمور السياسية ونظام الحكم في البلاد، وقد تكرر ذلك في كل مناسبة ممكنة، وآخرها نهائي كأس الرابطة هذا العام، لكن ما زاد من التركيز على الحدث هذه المرة، هي تصريحات الألماني يورغن كلوب المدير الفني للريدز الذي أشاد بجماهير ناديه خلال المؤتمر الصحافي السابق لمباراة ساوثهامبتون في الجولة قبل الأخيرة من الدوري الإنجليزي الممتاز.
وقال كلوب، "هذا جمهور رائع، بالطبع أفكر في مثل هذه الأمور التي حدثت، ولكن في مثل هذه الأمور من الأفضل أن نسأل لماذا حدث ذلك؟".
وأضاف، "لم تكن الجماهير لتطلق الصافرات لو لم يكن هناك سبب، أنا لست هنا منذ مدة طويلة، ولكن لا بد أن الأمر له علاقة بشيء تاريخي وهي أشياء تستطيعون إجابتها أفضل مني بكل تأكيد".
ويبدو أن كلمات كلوب الساعي لقيادة ليفربول لتحقيق رباعية تاريخية هذا العام، تسببت في غضب القيادة السياسية في بريطانيا، إذ رد متحدث رسمي باسم رئيس الوزراء بوريس جونسون على تصريح كلوب، واصفاً ما فعلته جماهير الريدز بأنه "عار كبير".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويبدو أن تبادل التصريحات بين المدرب الألماني والقيادة السياسية في داونينغ ستريت، أعادت إشعال النيران في رماد الغضب الشعبي الخامد في مدينة ليفربول منذ سنوات طويلة.
ويرى عدد كبير من سكان ليفربول أن مدينتهم ليست جزءاً من إنجلترا، ويعبرون عن ذلك بلافتة كبرى تظهر في عديد من مباريات الريدز في إستاد إنفيلد، وتحمل جملة "نحن لسنا إنجليز، نحن سكوس"، في إشارة إلى تاريخ شعب المدينة المرتبط بالجوع والتهميش وسوء التمثيل السياسي لعقود.
تاريخياً كانت مدينة ليفربول، التي تُعد ميناءً على الساحل الغربي البريطاني، ومن أهم القلاع الصناعية والتجارية في البلاد، ملجأ لطبقات الفقراء والمهمشين والنازحين، واستقبلت خلال أربعينيات القرن الـ 19 الملايين من الإيرلنديين الجائعين الذين باتوا جزءاً لا يتجزأ من المدينة.
ولسنوات طويلة استُخدم مصطلح "سكوس" لإهانة سكان ليفربول من الفقراء، الذين يعانون من سوء التغذية، بخاصة أبناء المهاجرين الإيرلنديين، الذين يعتمدون على حساء "سكوس" الرخيص كطعام شبه يومي لهم، ومع مرور الوقت باتت هذه الكلمة شائعة لوصف سكان ليفربول، وانتقلت لمدرجات إستاد أنفيلد معقل ليفربول، تعبيراً عن الثورة في وجه معاداة الشعب.
ولا يتوقف سخط جماهير ليفربول على القيادة السياسية عند سنوات التهميش، بل يُمكن رصد محطة أكثر خطورة، بالانتقال إلى 15 أبريل (نيسان) 1989، حين وقعت حادثة هيلزبره الشهيرة، التي أدت لمقتل 97 شخصاً من مشجعي النادي، في كارثة تدافع ودهس بين الجماهير في ملعب نادي شيفيلد وينزداي، خلال مباراة بين نوتينغهام فورست وليفربول، في نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي.
ولا تنسى جماهير الريدز كذب رجال شرطة وسياسيون رفيعو المستوى بشأن ما حدث، لتغطية أخطاء المسؤولين وألقوا اللوم على الجماهير الأبرياء، ولا تزال نسبة كبيرة من الجماهير البريطانية لا تقبل نتائج التحقيقات الأطول والأكثر شمولاً في تاريخ البلاد، التي شهدت تبرئة رجال الشرطة المسؤولين عن الحادث، حتى بعد أن اعترف بعضهم بالذنب.