يدلي الأستراليون، السبت 21 مايو (أيار)، بأصواتهم لانتخاب أعضاء برلمانهم في اقتراع قد تنتج عنه عودة حزب العمال إلى السلطة، بعد تسع سنوات من حكم المحافظين، لكن المنافسة تبدو شديدة.
فتحت مراكز الاقتراع أبوابها الساعة 8 صباحاً بالتوقيت المحلي (22.0 بتوقيت غرينتش) وتغلق الساعة 18.00. وسيختار نحو 17.2 مليون ناخب ممثليهم، الذين سيشغلون 151 مقعداً في مجلس النواب لمدة ثلاث سنوات. كما سيجري تجديد 40 مقعداً من مقاعد مجلس الشيوخ، البالغة 76 لمدة ست سنوات. وسيكون الحزب أو الائتلاف، الذي يفوز بالغالبية في مجلس النواب مسؤولاً تلقائياً عن تشكيل الحكومة.
وطلب زعيم حزب العمال المعارض، أنتوني ألبانيز، من الناخبين "منحه فرصة". وقال، "امنحوا هذا البلد فرصة، فلدينا خطط"، واصفاً رئيس الوزراء الحالي المحافظ سكوت موريسون، بأنه أكثر شخص "إثارة للانقسام رأيته في حياتي".
وأظهر أحدث استطلاعين نشرا قبل الانتخابات، الخميس والجمعة، تقدم حزب العمال بست نقاط، لكن الفارق يتقلص. ويحاول كلا الجانبين استمالة الناخبين القلقين بشأن ارتفاع تكاليف المعيشة مع تضخم سنوي نسبته 5.1 في المئة.
التصويت إجباري
والتصويت إجباري في أستراليا، ويتوجب على الممتنعين دفع غرامة قدرها 20 دولاراً أسترالياً (14.09 دولار أميركي).
كما عدل مسؤولو الانتخابات القواعد في اللحظة الأخيرة للسماح لمزيد من الأشخاص المصابين بكورونا بأن يصوتوا هاتفياً، في هذا الاقتراع الفيدرالي الأول منذ بداية الجائحة.
ويكرر موريسون الرسالة، التي نجح في إيصالها في المرة السابقة، وهي أنه لا يمكن، وفقاً له، الوثوق بحزب العمال عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد.
وواجهت أستراليا، التي لطالما كانت مثالاً بسبب أسلوب الحياة فيها، ثلاث سنوات من الكوارث الطبيعية المتتالية، حيث شهدت حرائق غابات ضخمة وفيضانات غير مسبوقة وفترات جفاف طويلة ووباء "كوفيد-19".
ارتفاع مستوى المعيشة
وتتوقع استطلاعات الرأي منذ أشهر فوز حزب العمال، حيث يبدو زعيمهم أنتوني ألبانيز، الحريص على قضايا التغير المناخي أكثر من خصمه سكوت موريسون، الأوفر حظاً بأن يصبح رئيس الوزراء المقبل، لكن مع اقتراب الانتخابات، يبدو أن رئيس الحكومة المنتهية ولايته سكوت موريسون يحسن مواقعه.
أظهرت استطلاعات الرأي، التي أجراها معهد إيبسوس، أن الناخبين في القارة الشاسعة، وهم عموماً من أكثر الأشخاص تفاؤلاً في العالم، هبطت معنوياتهم حالياً ويبدو أن كثيرين يرغبون في الابتعاد عن الأحزاب التقليدية.
وأكد مارك كيني، الأستاذ في الجامعة الوطنية الأسترالية في كانبيرا، أنها "كانت فترة صعبة جداً" و"الحكومة تواجه عدم رضا". وطغت على الحملة، التي كانت حادة جداً في بعض الأحيان، مسألة ارتفاع مستوى المعيشة، وهو مصدر قلق كبير للناخبين.
بحسب استطلاعات الرأي، فإن القلق يسود خصوصاً لدى النساء والشباب، الذين يخشى أن يكونوا أكثر فقراً من أهاليهم، في أحد البلدان الأكثر تعرضاً لتغير المناخ.
يأمل موريسون (54 عاماً)، الذي يرأس ائتلافاً يمينياً، أن يكرر فوزه الانتخابي الذي اعتبر "معجزة" في 2019، حين كذب كل التوقعات بفوزه بانتخابات كانت استطلاعات الرأي تؤكد فيها أن الفوز سيكون من نصيب العماليين.
كوارث طبيعية
بعد أشهر، اندلعت حرائق غابات كارثية في شرق أستراليا، ما أوقع أكثر من 30 قتيلاً، كما أن قراره المغادرة إلى هاواي في أوج هذه الأزمة ترك أثراً كارثياً على الرأي العام. بالكاد طويت هذه الصفحة، بدأ وباء "كوفيد-19".
في البداية، سجل هامش شعبية رئيس الوزراء ارتفاعاً ورحب الأستراليون بكونهم يعيشون حياة عادة، بعيداً من الوباء، الذي يفتك في أماكن أخرى في العالم، لكن حملة التلقيح تأخرت ما أدى إلى إطالة أمد إجراءات الإغلاق في المدن الكبرى، وإغلاق الحدود على مدى عامين، ما أعطى الانطباع بأن أستراليا أصبحت دولة نائية.
قال بن راو من "ذي تالي رووم"، وهي مدونة سياسية شهيرة، "في ذلك الوقت انتقل موريسون من تأخر بسيط في شعبيته إلى تأخر أكبر"، مضيفاً أن المحافظين "لم ينهضوا أبداً فعلياً منذ ذلك الحين".
طرد الكاذب
حاول زعيم حزب العمال تحويل الانتخابات إلى استفتاء حول أداء موريسون. نشر الحزب الليبرالي بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته شعارات تؤكد بأن "الأمر لن يكون سهلاً مع ألبانيز"، في إشارة إلى أنه خطير، و"لا يمكن التكهن بتصرفاته" في مجال السياسة الاقتصادية. ورد حزب العمال بدعوة الأستراليين "لطرد الكاذب".
قد لا يصوت نحو ثلث الناخبين للأحزاب التقليدية، ويمكن أن يفضلوا عليهم مرشحين شعبويين أو من اليمين المتطرف أو حتى مستقلين وسطيين يختلفون مع سياسات الليبراليين المؤيدة للفحم.
وصرح المرشح المستقل، زوي دانيال، في دائرة انتخابية في ملبورن، بأن "الناخبين الليبراليين القريبين من الوسط، وهم على الأرجح محافظون على الصعيد الاقتصادي وتقدميون في المجال الاجتماعي، لديهم الشعور بأنه تم التخلي عنهم".
في آخر مراحل الحملة، تم التركيز على ارتفاع تكلفة المعيشة، حيث سجلت البلاد خلال ولاية موريسون عجزاً قياسياً، وأول ركود منذ جيل إلى جانب تجميد للأجور.
بحسب استطلاع للرأي نشرته، الأربعاء، "سيدني مورنينغ هيرالد" فإن العماليين يرتقب أن يفوزوا في الانتخابات، لكن فوز موريسون يبقى وارداً نظراً لهامش الخطأ.
وقال كيني، إن "السؤال هو معرفة ما إذا كانت المعارضة قد قامت بما يكفي لإقناع الناس بأن التغيير خيار آمن".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
معدلات البطالة
كما أظهر استطلاع أجرته مؤسسة "نيوزبول" ونشرته صحيفة "أستراليان" يوم الانتخابات، أن تقدم حزب العمال انخفض نقطة ليصل إلى 53 مقابل 47 للائتلاف الحاكم، بما يتماشى إلى حد كبير مع استطلاعات الرأي الانتخابية الأخرى.
وفي الوقت الذي ركز فيه حزب العمال على ارتفاع معدلات التضخم وتباطؤ نمو الأجور، جعل موريسون معدلات البطالة، التي وصلت إلى أقل مستوى لها منذ ما يقرب من نصف قرن، حجر الزاوية في الساعات الأخيرة من حملته، فقد ارتفع معدل التضخم بمقدار مثلي سرعة ارتفاع الأجور مما أبقى الدخل الحقيقي منخفضاً.
وقال ألبانيز، لتلفزيون "أيه. بي.سي"، السبت، "الناس يعانون حقاً، وهذه الحكومة بعيدة كل البعد عن الواقع". "هذا البلد لا يستطيع تحمل ثلاث سنوات أخرى على المنوال نفسه. أعطوا (لحزب) العمال فرصة".
وقال موريسون، إن سياسات حزب العمال ستزيد من الضغط التصاعدي على التضخم وتوسع العجز. وقال للقناة التاسعة، "هذا فقط يزيد من الضغط على تكلفة المعيشة، ويعني في النهاية ضرائب أعلى، لأنه عندما لا يستطيع (حزب) العمال إدارة الأموال، فإنهم دائماً ما يلاحقونك".
في حين أن الاقتصاد قضية رئيسة، يتحدى عديد ممن يطلق عليهم "المستقلون المخضرمون" المقاعد الرئيسة، التي يسيطر عليها الليبراليون، ويدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ بعد بعض أسوأ الفيضانات والحرائق التي ضربت أستراليا.
في البرلمان المنتهية ولايته، حصل الائتلاف الليبرالي-الوطني على 76 من أصل 151 مقعداً في مجلس النواب، بينما شغل حزب العمال 68 مقعداً، مع سبعة أعضاء لأحزاب ثانوية ومستقلين.