يكشف كتاب يصدر قريباً لمارك إسبر، وزير الدفاع في عهد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، عن أن الأخير اقترح إطلاق النار على المحتجين الذين جابوا شوارع بلاده خلال مسيرات "حياة السود مهمة" Black Lives Matter، لكن مؤلف الكتاب عرقل المحاولة.
وبحسب موقع أكسيوس، فإن إسبر في مذكراته المرتقبة، بعنوان، "قسم مقدس، مذكرات وزير الدفاع خلال أوقات غير عادية" A Sacred Oath: Memories of a Secretary of Defense During Extraordinary Times، قال إن ترمب سأله، بعد أن تجمع المحتجون قرب البيت الأبيض إثر مقتل جورج فلويد في مايو (أيار) 2020، "ألا يمكنكم إطلاق النار عليهم فحسب؟ أطلقوا النار على أرجلهم فقط أو على شيء من هذا القبيل".
وفي مقاطع من الكتاب التي نشرها إكسيوس، يصف إسبر، تلك اللحظة بأنها "سوريالية" إذ "جلست أمام طاولة الرئيس في المكتب البيضاوي وأرخت هذه الفكرة بثقلها بعد طرحها، وكان الرئيس أحمر الوجه ويشكو بصوت عالٍ من الاحتجاجات الجارية في واشنطن العاصمة". ويشرح الجهود التي بذلها من أجل "تغيير رأي الرئيس من دون التسبب بالفوضى التي كنت أحاول تجنبها".
وتعليقاً على كلام الكتاب، يصف زيشان عليم في مقال رأي على الموقع الإلكتروني للشبكة التلفزيونية الإخبارية الأميركية "أم أس أن بي سي"، الحوار أعلاه بالمرعب، وأنها كانت إحدى اللحظات الأسوأ سمعة في رئاسة ترمب حين دعا الحرس الوطني إلى "السيطرة على الشوارع"، وأنه كان ينظر في تفعيل قانون الانتفاضة (1807) لنشر قوات عسكرية بهدف قمع الاحتجاجات. ولم يكن واضحاً قط كيف كان ترمب يعتزم متابعة العمل بتهديداته، لكن الحوار مع إسبر، كما يرى عليم، يكشف مدى جدية الرئيس السابق في شأن محاولة العثور على طريقة لتحويل الولايات المتحدة دولة بوليسية تماماً والعراقيل التي واجهته حين حاول فعل ذلك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت كاتب الرأي إلى أن رفض إسبر يذكر بكره المؤسسة الأمنية الوطنية الأميركية الأسلوب السياسي الاستبدادي الذي اتبعه ترمب وهو كره ضمن فشل محاولات بقاء ترمب في البيت الأبيض حتى أجل غير محدد. ويشرح "يميل مسؤولو مجتمع الدفاع والاستخبارات إلى تبني وجهة نظر أمنية محافظة للعالم فهم مدربون على النظر في العالم من زاوية التهديدات وكيفية مواجهتها من خلال استخدام القوة، لكن العديد منهم يميلون أيضاً إلى تفضيل الملاءمة والانتباه إلى القانون والالتزام القوي بأنواع المعايير المؤسسية التي كان ترمب حريصاً جداً على تجاوزها. ويميلون أيضاً إلى عكس اتجاه مميز في حقبة ترمب - الأميركيون المتعلمون ينحرفون ضد ترمب".
وأضاف عليم أن العسكريين يميلون عموماً إلى الحزب الجمهوري، لكن خلال حقبة ترمب كشفت استطلاعات عن أن الرجل لم يكن يحظى بشعبية بين كبار الضباط، مشيراً إلى أن نسبة المعارضين لترمب أثناء ولايته من بين هؤلاء فاقت النصف، ولافتاً إلى أن خبراء اعتبروا الموقف انعكاساً لمستوى عالٍ من التعلم فكبار الضباط يحملون شهادات جامعية، في حين يحمل نصفهم تقريباً شهادات في الدراسات العليا. وإسبر نفسه كان ضابطاً رفيع المستوى قبل تقاعده من الجيش وتلقى تعليماً متقدماً، وفق الكاتب.
وكتب عليم يقول "كان ترمب يأمل في استخدام القوة بطرق مسيئة في شكل شائن لسحق المعارضة السياسية وتوجيه البلاد نحو الاستبداد الشخصي الصريح، لكن كبار واضعي السياسات في مؤسسة الأمن الوطني لم يكونوا متحمسين لتسليمه المفاتيح. وتحدى إسبر مراراً جدول أعمال ترمب وعارض علناً تفعيل قانون مكافحة التمرد. ويوضح قراره الكشف عن هذه المحادثة مع ترمب في كتابه التزامه بمحاولة مواجهة الأسلوب الاستبدادي الذي يجسده ترمب".
واعتبر عليم أن الحادثة التي رواها إسبر تشكل فرصة للتعرف على الكيفية التي أسهم فيها عزل ترمب للمسؤولين الأمنيين الكبار، في إبقاء احتمال وقوع انقلاب متدنياً نسبياً. "يصعب تخيل وقوع محاولة ناجحة لانتزاع الجمهورية من الإرادة الشعبية من دون التعاون أو في الأقل الموافقة المضمرة من الجيش".
وختم بالقول "عدم قدرة ترمب على بناء تحالفات والفوز بدعم البيروقراطية الحكومية عملت ضده. كان لرؤيته الاستبدادية المتهورة والشخصانية جمهور في قاعدته السياسية المتشددة، لكنه كان يفتقر إلى دعم الشخصيات الرئيسة في الحكومة والوكالات الفيدرالية من أجل تحقيق هذه الرؤية"