تستعد الولايات المتحدة لتطعيم الأشخاص الذين كانوا على اتصال وثيق بمرضى جدري القرود مع توقع زيادة أعداد الإصابات فيما سُجلت لديها حتى الآن خمس حالات.
قالت جينيفر مكويستون، المديرة في مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، خلال مؤتمر صحافي الإثنين، "نريد زيادة توزيع اللقاحات إلى أقصى حد على أولئك الذين نعلم أنهم سيستفيدون منها. أعني أولئك الذين كانوا على اتصال بمريض معروف لديه جدري القرود، مثل مقدمي الرعاية والمخالطين المقربين، وبخاصة أولئك المعرضون لخطر الإصابة بحالة خطيرة من المرض".
وتأكدت حالة واحدة في ولاية ماساتشوستس وأربع حالات أخرى مرجحة (واحدة في نيويورك وواحدة في فلوريدا واثنتان في يوتا). وجميع المرضى رجال سافروا خارج الولايات المتحدة.
وجدري القرود قريب من الجدري الذي تم استئصاله قبل 40 عاماً، ولكنه أقل خطورة منه. تبدأ أعراضه بحمى شديدة وتتطور بسرعة إلى طفح جلدي مع تكوين قشور.
ويتوفر لقاحان ضد الجدري يمكن استخدامهما ولدى الولايات المتحدة مئة مليون جرعة منها. وما يثير قلق الخبراء هو ظهور إصابات بالمرض في الوقت نفسه في العديد من البلدان، لا سيما في أوروبا، من دون أن يرتبط ذلك بالعودة من بلدان أفريقية يتوطن المرض فيها.
ألمانيا تطلب 40 ألف جرعة
طلبت ألمانيا 40 ألف جرعة من لقاح شركة "بافاريان نورديك" لتكون جاهزة لتطعيم المخالطين للمصابين بجدري القرود إذا حدث انتشار أكثر حدة للمرض في ألمانيا، لكن المسؤولين يعتمدون على الإجراءات الاحترازية الأخرى في الوقت الراهن.
وقال وزير الصحة الألماني كارل لوترباخ خلال مؤتمر صحافي، الثلاثاء، إن إجراءات مثل فترة العزل التي لا تقل عن 21 يوماً الموصى بها للمصابين ستكون كافية في الوقت الحالي لاحتواء تفشي المرض.
أضاف لوترباخ "إذا زاد تقشي العدوى، سنحتاج لأن نكون مستعدين لاحتمال تطعيم المخالطين، وهو ما لم يوص به بعد في هذه المرحلة، لكن ربما يصبح ضرورة".
وأردف أنه من الممكن احتواء تفشي مرض جدري القرود، وأنه لا يوجد مؤشر على بداية جائحة جديدة، مشيراً إلى أن التدخل المبكر يمكن أن يحول دون تمكن العامل المسبب للمرض في المجتمعات.
وقال لوتار فيلر رئيس معهد روبرت كوخ الألماني للأمراض المعدية، خلال المؤتمر الصحافي أيضاً، إنه تم تسجيل خمس إصابات بالمرض في ألمانيا حتى الآن، وجميعهم رجال.
كندا ترصد 15 حالة إصابة مؤكدة وتتوقع المزيد
قالت وزارة الصحة في إقليم كيبيك الكندي، إن الإقليم سجل 15 حالة إصابة مؤكدة بجدري القرود حتى الاثنين، مع توقع المزيد من الحالات من أجزاء أخرى من البلاد.
وأعلن وزير الصحة الاتحادي الكندي جان إيف دوكلو، أنه تم إرسال المزيد من العينات من أجزاء أخرى من البلاد إلى مختبر في وينيبيج لفحصها. وأضاف في بيان "نتوقع تأكيد المزيد من الحالات في الأيام المقبلة".
ولم يتضح بعد الأعراض التي ظهرت على المصابين ولا مدى خطورة حالتهم. وأكدت كندا أول حالتي إصابة بجدري القردة، الأسبوع الماضي، بعد أن قالت السلطات في كيبيك، إنها تفحص 17 حالة اشتباه.
5 حالات في فرنسا
وقالت بريجيت بورجينيون وزيرة الصحة الفرنسية لراديو (آر.تي.إل) اليوم الأربعاء إن عدد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس جدري القرود في البلاد ارتفعت إلى خمسة من ثلاثة سُجلت في وقت سابق من الأسبوع وأوصت بحملات تحصين محددة الفئات.
وقالت السلطات الصحية الفرنسية هذا الأسبوع إنها توصي بأن يتلقى بالغون معرضون لخطر الإصابة بالمرض بسبب تواصلهم مع حالات مؤكدة للقاحات إضافة للعاملين في المجال الصحي الذين يقدمون الرعاية للمصابين بالمرض.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مرض نادر يُشفى المصابون به تلقائياً
يعتبر جدري القرود الذي بدأ يظهر في أوروبا وأميركا الشمالية، نادراً وهو متوطن في أفريقيا وعادة ما يشفى المصاب به تلقائياً وجدري القرود مشابه لمرض الجدري لكنه يعتبر أقل خطورة وأقل عدوى.
يعتبر جدري القرود مرضاً نادراً، وهو معروف لدى البشر منذ عام 1970، وقد اكتشف في جمهورية الكونغو الديمقراطية (زائير سابقاً).
وقالت منظمة الصحة العالمية، إن "اكتشاف بؤر إصابات بجدري القرود في مايو (أيار) 2022 في العديد من البلدان التي لا يتوطن فيها الفيروس دون ارتباط مباشر بالسفر إلى مناطق يتوطن فيها المرض، أمر غير معتاد".
يعد جدري القرود مرضاً معدياً يسببه فيروس ينتقل إلى الإنسان من حيوانات مصابة، خصوصاً القوارض. لكن الفيروس اكتشف للمرة الأولى عام 1958 بين مجموعة من قردة المكاك التي كانت تجرى عليها بحوث، ومن هنا سُمي المرض جدري القرود، كما أوضح المعهد الوطني للصحة والبحوث الطبية (إنسيرم).
يمكن أن تتراوح فترة حضانة الفيروس عادة من 5 إلى 21 يوماً أما أعراضه فتشبه أعراض الجدري (حمى وصداع وآلام العضلات...) خلال الأيام الخمسة الأولى لكنها عادة ما تكون أقل حدة.
ثم يظهر طفح جلدي (على الوجه وراحتي اليدين وأخمص القدمين)، وبثور ومن ثم قشور. ومنذ عام 1970، بلّغ عن إصابات بشرية بجدري القرود في عشرات الدول الأفريقية.
وفي ربيع 2003، اكتشفت إصابات بشرية بهذا المرض أيضاً في الولايات المتحدة، في أول ظهور لهذا الوباء خارج القارة الأفريقية.
تنتج العدوى في الحالات الأولية عن الاتصال المباشر بالدم أو سوائل الجسم أو الجروح الجلدية أو الأغشية المخاطية للحيوانات المصابة.
أما في الحالات الراهنة، فيتطلب الانتقال الثانوي- أي من إنسان إلى آخر- اتصالاً وثيقاً وطويلاً بين شخصين، ويحدث بشكل رئيس عن طريق اللعاب أو القيح من الإصابات الجلدية التي تشكل أثناء العدوى.
وأشار العديد من الخبراء إلى أنه في حين يمكن هذا الفيروس الانتقال أثناء النشاط الجنسي، فهو ليس مرضاً ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي. قد يكون هذا الانتقال بسبب الاتصال الحميم والوثيق أثناء ممارسة الجنس وليس الاتصال الجنسي نفسه.
وحذر برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس الإيدز، الأحد، من أن التعلقيات المسيئة العنصرية والمعادية للمثليين التي تسجل أحياناً بشأن جدري القرود قد "تقوض بسرعة جهود مكافحة الوباء".
عادة ما يشفى المصابون من جدري القدرة تلقائياً، كما هو معروف حتى الآن، وتستمر الأعراض لمدة تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. وتحدث الحالات الشديدة بشكل أكبر لدى الأطفال وترتبط بمدى التعرض للفيروس والحالة الطبية للمريض وشدة المضاعفات.
نسبة الوفيات
تختلف نسبة الوفيات جراء المرض من 1 إلى 10 في المئة اعتماداً على المتحورة (هناك متحورتان)، وهي نسب لوحظت في المناطق التي يتوطّن فيها المرض، في البلدان ذات النظام الصحي الضعيف.
لكن رعاية طبية مناسبة تقلل من الخطر بشكل كبير، ويتعافى معظم المصابين تلقائياً. وفي البلدان التي اكتشف فيها المرض أخيراً، كانت الحالات في معظمها خفيفة ولم تسجل أي وفيات.
لا توجد علاجات أو لقاحات خاصة بجدري القرود، لكن يمكن وقف تكاثر الإصابات، كما أوضحت منظمة الصحة العالمية.
وثبت في الماضي أن التلقيح ضد الجدري كان فعالاً بنسبة 85 في المئة للوقاية من جدري القرود. ولم تعد لقاحات الجيل الأول والثاني مستخدمة للعامة منذ عام 1984 إذ تم القضاء على الجدري.
ورُخص لقاح من الجيل الثالث (لقاح حي موهَّن أي لا يستنسخ الفيروس نفسه في جسم الإنسان) في أوروبا منذ يوليو (تموز) 2013 وهو مخصص لمكافحة الجدري لدى البالغين. كما يملك هذا اللقاح ترخيص تسويق في الولايات المتحدة للوقاية من الجدري وجدري القرود.