بلغ معدل التضخم الرسمي في تركيا أعلى مستوى له في نحو 24 عاماً، الشهر الماضي، حيث استمرت استراتيجية الرئيس رجب طيب أردوغان غير التقليدية لإدارة اقتصاد البلاد البالغ حجمه 790 مليار دولار في إحداث نتائج عكسية.
وارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 73.5 في المئة على أساس سنوي في مايو (أيار) الماضي، وفق بيانات وكالة الإحصاء في البلاد، وهو أعلى مستوى له منذ أكتوبر (تشرين الأول) 1998، عندما كانت تركيا تعاني من فترة شابتها حكومات ائتلافية غير مستقرة واضطراب اقتصادي.
كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية، التي أصبحت مصدر استياء متزايد بين الجمهور التركي، بنسبة 91.6 في المئة على أساس سنوي.
وأمر أردوغان، المعارض القوي لأسعار الفائدة المرتفعة، البنك المركزي بخفض تكاليف الاقتراض مراراً وتكراراً في الأشهر الأخيرة من العام الماضي، على الرغم من ارتفاع التضخم.
وادعى الرئيس أنه كان بصدد الشروع في نموذج اقتصادي جديد من شأنه أن يسخّر الليرة التركية الرخيصة وازدهار الصادرات، لخفض التضخم من خلال القضاء على العجز التجاري طويل الأمد في البلاد.
تجربة اقتصادية عالية الخطورة
وحتى قبل الحرب في أوكرانيا، كان النقاد قد وصفوا الخطة بأنها "تجربة" اقتصادية عالية الخطورة وقد تتسبب في انهيار قيمة الليرة التركية والدخول في تضخم جامح.
اقرأ المزيد
- رسميا تركيا من اليوم وصاعدا "Türkiye"
- الليرة التركية تواصل النزف وتسجل أدنى مستوى في 2022
- خط الغاز بين تركيا وإسرائيل... "حلم منطقي" صعب التحقق
- لماذا قد تفسد تركيا حفل انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الأطلسي
- الإمارات تشغل مطارات أفغانية واستبعاد قطر وتركيا
- الاقتصاد التركي... التضخم يتغول وأردوغان متفائل
وتراجعت العملة التركية بشكل طفيف بعد صدور بيانات التضخم يوم الجمعة 3 يونيو (حزيران) الحالي، حيث تراجعت عن 16.5 ليرة تركية للدولار الأميركي وواصلت هبوطها لعام 2022 إلى ما يقرب من 20 في المئة. وكانت الليرة تراجعت بنسبة 44 في المئة في عام 2021.
وأدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى زيادة التحديات التي يواجهها الاقتصاد التركي، حيث أدى ارتفاع أسعار الطاقة العالمية إلى ارتفاع تكلفة فاتورة واردات الطاقة الكبيرة بالفعل في البلاد وزاد من التضخم.
وبينما تمتعت تركيا بنمو اقتصادي سريع بفضل السياسة النقدية المتساهلة للغاية، أسهم ارتفاع تكاليف المعيشة في تآكل الدعم الشعبي لأردوغان قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في يونيو (حزيران) 2023.
وقال أردوغان الشهر الماضي إن أولئك الذين ربطوا بين أسعار الفائدة والتضخم إما "أُميون أو خونة".
وكان النمو تجاوز 11 في المئة العام الماضي، لكنه أظهر علامات على التباطؤ مع تفشي التضخم والليرة الضعيفة.
ونما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.2 في المئة على أساس ربع سنوي بين يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) من هذا العام، بانخفاض من 1.5 في المئة في الربع الأخير من عام 2021، وفق بيانات نُشرت في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وقال المحللون في "غولدمان ساكس" بحسب صحيفة "فايننشال تايمز"، إن ارتفاع الأسعار وتأثيرها الضار على طلب المستهلك من شأنه أن "يحد" من النمو في الأشهر المقبلة. وأضافوا "إن موسم السياحة القوي والأثر الإيجابي لمزيد من انخفاض قيمة الليرة على الصادرات يمكن أن يُبطل جزئياً الآثار المثبطة للتضخم المفرط والقوى العالمية غير المؤاتية".
وقالت مؤسسة "غولدمان ساكس"، "نحافظ على توقعاتنا لنمو الناتج المحلي الإجمالي عند 3.5 في المئة على أساس سنوي لعام 2022، لكننا نرى الآن نطاقاً أوسع من عدم اليقين حول هذا التقدير".