بعد نحو سنتين على تعليقها، استأنف الاتحاد الأوروبي دعمه المالي لخزينة السلطة الفلسطينية إثر تراجعه عن اشتراط تحويل التمويل بتغيير الفلسطينيين المنهج التعليمي في مدارسهم "للتخلص من التحريض فيها".
وقبيل زيارتها رام الله ولقائها رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية، الثلاثاء 14 يونيو (حزيران) الحالي، أعلنت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون دير لاين "انتهاء الصعوبات" التي منعت تحويل المساعدات الأوروبية لعام 2021.
وقالت فون دير لاين، إن الاتحاد الأوروبي يعد "أكبر مانح في فلسطين بتقديمه نحو 600 مليون يورو سنوياً"، مشيرة إلى أن الاتحاد سيقدم 1.152 مليار يورو في الفترة بين عامي 2021 و2024.
من جهته، عبر اشتية عن "شكره لأوروبا على استئناف الدعم من دون شروط"، مضيفاً أن الفلسطينيين يحتاجون إلى تلك الأموال "للحفاظ على المؤسسات الفلسطينية المدنية والأمنية". وأوضح اشتية أن المساعدات الأوروبية تشمل "البنية التحتية في الضفة وغزة والقدس، والمساعدات الفنية والشرطية، ودعم القطاع الخاص والمجتمع المدني، وفارق الأسعار المترتبة على أزمة أوكرانيا".
ومن المقرر أن يوقع الطرفان، الفلسطيني والأوروبي، خلال الأيام المقبلة، الاتفاقية المالية لعام 2021 على أن يتم صرفها بعد ذلك.
وتنص الاتفاقية على تمويل ميزانية السلطة الفلسطينية بـ225 مليون يورو سنوياً، هذا وقال ممثل الاتحاد الأوروبي في فلسطين، سفين كون فون بورغسدورف، إن الاتحاد الأوروبي سيدعم السلطة الفلسطينية في توفير الخدمات الأساسية لمواطنيها، وحماية الأسر الأشد فقراً من خلال برنامج الحماية الاجتماعية، وكذلك تحفيز الإصلاح في قطاعات اقتصادية مهمة، لكن بورغسدورف أشار إلى أن تلك الخطوات "يمكن أن تحسن حياة الشعب الفلسطيني، فإنها لن تكون مستدامة، ولن تكون كافية في غياب تغييرات سياسية أساسية وحاسمة"، مضيفاً أنه "لا غنى عن الانتخابات لتشكيل حكومة تمثل كل الأراضي الفلسطينية".
وشدد بورغسدورف على أن الأهداف النهائية للدعم المالي الأوروبي تتمثل في "إنشاء مؤسسات مسؤولة لدولة فلسطينية مستقبلية، ودعم ظهور اقتصاد قائم على الاكتفاء الذاتي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مسؤول فلسطيني رفض كشف اسمه لـ"اندبندنت عربية"، إن "السبب الرئيس لتأخير الدعم الأوروبي يعود إلى أن مؤسسات الاتحاد الأوروبي لم تحول مساعداتها السنوية لعام 2021 لكل دول حوض المتوسط وليس لفلسطين فقط بسبب مراجعات للميزانية"، لكن المسؤول أوضح أن مفوض دول الجوار في الاتحاد الأوروبي، المجري الجنسية، أوليفر فاريلي حاول منذ بداية العام الحالي تمرير اتفاقية مالية مشروطة بتغيير المنهاج التعليمي الفلسطيني، مشيراً إلى أن "الفلسطينيين رفضوا ذلك بشدة انطلاقاً من رفض مبدأ التمويل المشروط، ورفض تغيير الرواية التاريخية الفلسطينية".
ورفض المسؤول الفلسطيني أن يكون ملف حقوق الإنسان، وتأجيل الانتخابات، والفساد هم السبب وراء حجب المساعدات الأوروبية. وأوضح أن فاريلي لم يستطع توفير الدعم الكافي لتمرير اتفاقية مشروطة خلال شهري مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "معارضي مقترح فاريلي لم يتمكنوا من الحصول على الأغلبية لإجهاضه".
وأشار المصدر ذاته إلى أن "معركة فاريلي ضد المناهج التعليمية الفلسطينية بدأت في عام 2016 من قبل منظمة موالية لإسرائيل"، قائلاً إن تلك المحاولات أفشلها الفلسطينيون وأصدقاؤهم خلال السنوات اللاحقة.
وتابع المسؤول الفلسطيني قائلاً، إن "فاريلي سيحاول مرة جديدة عند تمرير اتفاقية التمويل لعام 2022، فرض شروط تدعو إلى تغيير المناهج"، مشيراً إلى أن "المعركة لم تنته".
واعتبر رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي أن "تحذير المسؤولين الفلسطينيين من انهيار السلطة الفلسطينية بسبب عجزها عن دفع كامل رواتب موظفيها، وارتفاع الأسعار دفع الاتحاد الأوروبي للتراجع عن التمويل المشروط لدعمه المالي".
وقال الشوبكي، إن "الاستياء الأوروبي من تفشي الفساد في مؤسسات السلطة الفلسطينية، وتأجيل الانتخابات وملف حقوق الإنسان، إضافة إلى المناهج التعليمية أسهم في حجب المساعدات الأوروبية". وأوضح أن السلطة الفلسطينية تحاول "تضليل الفلسطينيين بالقول إن رفضها تغيير المناهج هو السبب في حجب المساعدات الأوروبية"، مشيراً إلى أن "الاتحاد الأوروبي تخلى عن مطالبه وتراجع عن موقفه خشية انهيار السلطة الفلسطينية التي يخدم وجودها القوى الإقليمية والدولية".