تبحث غزلان الريم المتبقية في محمية ساوة في جنوب العراق عن شيء لتأكله، بعد هلاك لحق بها وأدى إلى انخفاض أعدادها من 148 إلى 87 رأساً في شهر واحد فقط، على أثر انقطاع موارد الغذاء عن هذه الحيوانات النادرة، والجفاف، وغياب الدعم الحكومي بالأعلاف الضرورية لبقائها.
ونفق نصف هذه الغزلان منذ 29 أبريل (نيسان)، وفقاً للطبيب البيطري تركي الجياشي، مدير مشروع محمية ساوه الطبيعية في المثنى، ولا شيء يمكن فعله، فالأمطار كانت شحيحة هذا العام.
وفي حين أن "توقف الإمدادات الغذائية بسبب عدم توافر الاعتمادات المالية"، شكل سبباً رئيساً، فإن "العوامل المناخية أثرت بشكل كبير على غزلان الريم" أيضاً.
حياة الغزلان البائسة
وسط الصحراء، في المحمية، تبعثر ما بقي من هذه الغزلان البنية ذات القرون الرفيعة والوبر الصغير، وسط أرض جرداء تخلو من الخضراوات، فيما قام البيطري بخلط المياه بدواء للحيوانات التي احتمت في الظل.
الأرض من حولها جافة تماماً، والأعشاب يابسة. لا شيء لتأكله سوى كومة من القش تجمعت حولها الحيوانات البالغة، وصغير واحد. وتظهر بعض الشجيرات في الأفق، خلف السياج المحيط بالمحمية.
تحت سطح من صفيح، وضعت حاويات من المياه لتشربها الحيوانات في الظل، فيما تبعثرت أكوام أخرى من القش في المكان استعداداً لإطعامها الحيوانات.
ومنع شح الأمطار هذا أيضاً ظهور نباتات عشبية تستطيع الحيوانات أن تقتات منه.
ويعد العراق واحداً من الدول الخمس الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر في العالم، خصوصاً بسبب تزايد الجفاف مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز لأيام من فصل الصيف الخمسين درجة مئوية.
وقد بدأت انعكاسات ذلك تتجلى في مفاصل عدة، مثل التراجع في زراعة الحنطة وأرز العنبر، وجفاف بعض البحيرات بسبب قلة الإمدادات المائية والأمطار، والعواصف الترابية المتكررة.
الهاربات إلى التاريخ
ويرتبط حيوان غزال الريم تاريخياً بالصحراء العراقية التي هي موطنه الأصلي، فضلاً عن توزعه في مناطق أخرى في العالم، مثل ليبيا ومصر والجزائر، ويصنفها الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN) على أنها من الأنواع "المهددة بالانقراض".
على مر السنوات، أدى "التطور التقني وزحف الاستثمارات الزراعية على الصحراء إلى تناقص أعداد الحيوانات بالتدريج"، كما يشرح الجياشي. وهناك محميات أخرى لغزال الريم في العراق وأبرزها في ديالي وكركوك والمدائن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يقول مسؤول في دائرة الغابات التابعة لوزارة الزراعة، فضل عدم الكشف عن هويته، "انخفض عدد غزلان الريم في ثلاث محميات بنحو 25 في المئة خلال السنوات الثلاث الماضية".
وأضاف أن أعدادها في هذه المحميات الثلاث 224. ويعزو هذا التناقص الكبير في أعداد الحيوانات خصوصاً إلى "قلة التخصيصات المالية خلال السنوات الأخيرة".
ويؤثر التصحر على نسبة "39 في المئة من الأراضي العراقية"، بحسب كلمة لرئيس الجمهورية برهم صالح قبل أيام، مضيفاً أن "شح المياه يؤثر الآن سلباً على كل أنحاء بلدنا، وسيؤدي إلى فقدان خصوبة الأراضي الزراعية بسبب التملح".
وقال صالح، إنه "من المتوقع أن يصل عجزنا المائي إلى 10.8 مليار متر مكعب بحلول عام 2035 بحسب دراسات وزارة الموارد المائية، نتيجة تراجع مناسيب دجلة والفرات، والتبخر في مياه السدود، وعدم تحديث طرق الري".
لإخراج المحمية من "واقعها" والحفاظ على ما تبقى من حيوانات. يقول الجياشي إن المحمية تلقت "مئة مليون دينار (70 ألف دولار) من رئيس الجمهورية بهدف إنعاشها". ويضيف، "ما دامت السيولة المالية تتوافر، فللمحمية خطط وإمكانات ستنتشلها من هذا الواقع إلى آخر أفضل بكثير".