تحولت جمعية المحافظة على القرآن الكريم إلى عنوان جديد للصراع بين الحكومة الأردنية وجماعة الإخوان المسلمين، التي تم تقليم أظافرها وتحجيم حضورها على مدى السنوات الماضية.
ووفقاً لمصادر تحدثت إلى "اندبندنت عربية"، فقد تسفر الأيام المقبلة عن قرار قضائي بإغلاق هذه الجمعية التي تعتبر آخر معاقل جماعة الإخوان المسلمين، وبعد عامين من قرار قضائي بحظرها وإغلاق مقرها واعتبارها غير قانونية.
يأتي ذلك إثر تعديلات مشددة أصدرتها وزارة الأوقاف الأردنية على عمل جمعية المحافظة على القرآن الكريم التي تأسست عام 1991 وتنشط في جميع المحافظات الأردنية عبر 42 فرعاً ونحو 100 مركز لتحفيظ القرآن الكريم.
وفيما تقول الحكومة إنها تحاول تنظيم عمل أندية الطفل القرآني التابعة للجمعية، يعتبر القيمون عليها أنها محاولة للتضييق وصولاً إلى إغلاقها أو وضع اليد عليها.
مخالفات مالية وإدارية
يبرر وزير الأوقاف الأردني محمد الخلايلة تعليق عمل العديد من فروع جمعية المحافظة على القرآن الكريم، بوجود مخالفات مالية وإدارية.
ويضيف، "منذ أن صدر نظام المراكز الإسلامية وهذه الجمعية التي تمثل تيار الإخوان المسلمين لا تستجيب، على الرغم من منحنا لهم مهلة شهرين للتصويب".
ويرد الوزير الأردني على منتقديه بالقول إن وزارة الأوقاف تدعم جميع الجمعيات والمراكز الإسلامية التي تعلم القرآن الكريم وتهتم بها، لأنها تلتقي مع الوزارة في أهدافها وغاياتها وهي الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، لكن ثمة أنظمة وقوانين يجب الاحتكام إليها.
ويشير الخلايلة إلى إشراف وزارته على 28 جمعية ومركزاً إسلامياً، و27 من دون إشكالات تذكر، مضيفاً "لم نتخذ أي إجراء قانوني على الرغم من وجود كثير من المخالفات التي تستوجب حل الهيئة الإدارية، حفاظاً على سمعة الجمعية وسمعة القرآن الكريم".
سيناريو الحل والإغلاق
لكن مراقبين يرون أن الحكومة ماضية في تطبيق السيناريو نفسه الذي استبق قرار إغلاق جمعية المركز الإسلامي الإخوانية عام 2007 ومن ثم تعين لجنة حكومية لإدارتها.
وتعتبر جمعية المركز الإسلامي الذراع المالي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، ويزيد حجم موجوداتها واستثماراتها عن المليار ونصف المليار دولار، وتضم مستشفيات كبرى ومؤسسات تعليمية ومستوصفات عدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما أن مبررات حل وإغلاق نقابة المعلمين أواخر العام 2020 بدعوى سيطرة الإخوان على مقاليد الأمور فيها، هي المبررات ذاتها التي تسوقها الحكومة اليوم في صراعها مع جمعية المحافظة على القرآن الكريم.
واعتبر النائب في البرلمان الأردني والمحسوب على جماعة الإخوان المسلمين أن ما يحدث هو مقدم لإغلاق وحل جمعية المحافظة على القرآن الكريم، وأن كل ذلك يأتي في إطار ما يحدث من تضييقات.
اتهامات رسمية للإخوان
في المقابل، وجه وزير الأوقاف الأردني أصابع الاتهام إلى جماعة الإخوان المسلمين في شن حملة ضده وضد وزارته، ورد المتحدث باسم الجماعة بأن اتهامات الوزير باطلة وتأتي في سياق منهج تأزيمي للحكومة، موضحاً أن جمعية المحافظة على القرآن الكريم لا تتبع الجماعة، وأن هذه الاتهامات وصفة حكومية للتضييق على الإخوان المسلمين.
وفي السياق ذاته، يقول مراقبون إن وزارة الأوقاف لا تريد لجمعيات القرآن التي يديرها الإخوان أن تتحول إلى العمل الحزبي أو أن تصبح ماكينة لتفريخ المناصرين للجماعة أو المنضوين تحت لوائها.
استهداف وحملة شرسة
بدورها، توضح جمعية المحافظة على القرآن الكريم أنها مؤسسة مجتمعية مدنية وطنية متخصصة تقوم على التطوع والتبرع الأهلي، وهي منذ تأسيسها قبل أكثر من 31 عاماً تعمل وفق التشريعات المرعية، وبقيت تؤدي رسالتها تحت إشراف وزارة الثقافة لأكثر من ربع قرن، قبل أن ينتقل الإشراف عليها إلى وزارة الأوقاف التي أصدرت تشريعات ناظمة بشروط قاسية تعوق عمل الجمعيات، داعية إلى تشكيل لجنة مشتركة مع الوزارة للوصول إلى تعديلات تشريعية مشجعة لا معوقة.
من جهة ثانية، نظم ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي حملة للتضامن مع جمعية المحافظة على القرآن الكريم، تضمنت اتهامات لوزارة الأوقاف، والتي ردت بدورها على ذلك بوصف منتقديها بالموتورين الذين يستخدمون القرآن الكريم لتضليل الرأي العام واستعطافه ضد الوزارة.
وقالت "الأوقاف الأردنية" إنها تتعرض منذ أيام لهجمة شرسة على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل يظهرها بصورة المعادي لتعليم القرآن الكريم، في حين أنها لا تسعى سوى إلى تصويب الأوضاع وإزالة المخالفات، بخاصة المتعلقة بإيجاد بيئة صحية آمنة وحماية الأطفال من توجيههم للقيام بممارسة أنشطة وبرامج غير منصوص عليها في التعليمات.
الخناق يضيق
ومنذ سنوات يضيق الخناق على الجماعة بعد إصدار قرار بحلها من أعلى سلطة قضائية في البلاد، وهي محكمة التمييز، إذ اعتبرت جماعة الإخوان المسلمين منحلة حكماً وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية، فيما منيت بانتكاسة كبيرة تحت قبة البرلمان لها بعد حصولها على ثمانية مقاعد فقط خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2020.
وتخشى الجماعة رضوخ الحكومة الأردنية لضغوط خارجية، ووجدت نفسها مضطرة إلى اتخاذ قرارات براغماتية وتقديم تنازلات بعد سلسلة إخفاقات وضربات تعرضت لها، مثل حل نقابة المعلمين التي تسيطر عليها وفقدانها السيطرة في جميع النقابات المهنية الأخرى، فض