تحاول الجزائر كبقية دول العالم الانتقال نحو الطاقة النظيفة، وإن كان التوجه يتطلب الكثير من الدراسة والاستعداد والإمكانيات، وفي حين تشير الدراسات إلى أن صحراءها تعتبر "بطارية كهرباء"، غير أن الفشل المستمر لمختلف مشاريع الطاقة النظيفة يجعل من الخطوة مغامرة لا خسارة فيها.
قافلة طبية "صديقة للبيئة"
وجاء الإعلان عن إطلاق عيادة متنقلة للكشف عن داء السكري تعمل بنظام الطاقة الشمسية، في تجربة أولى تهدف إلى استغلال الطاقات المتجددة في الميدان الطبي، ليمنح بعض ما تسعى إليه الجزائر في هذا المجال. وقال بيان لوزارة الصحة إنه في إطار تجسيد الانتقال التدريجي للطاقة النظيفة الذي تتجه إليه الجزائر، تم تجهيز وإطلاق عيادة متنقلة لفحص مرض السكري تعمل بنظام الطاقة الشمسية الكهروضوئية بغية التقليل من انبعاث الكربون.
وأضافت وزارة الصحة أنه من المنتظر أن تتبع هذه القافلة الطبية "الصديقة للبيئة" ذات التجربة الفريدة من نوعها في البلاد، قوافل أخرى تخص مختلف الأمراض غير المتنقلة. وأشارت إلى أن من مميزات هذه العيادة المزودة بألواح شمسية كهروضوئية، ضمان بيئة عمل صحية وخالية من أي إزعاج صوتي كانت تسببه المولدات الكهربائية الضرورية لتشغيل المعدات، بالإضافة إلى أنها تسمح بالتنقل والعمل في المناطق المعزولة.
من جهتها، أكدت وزيرة البيئة سامية موالفي، أهمية إطلاق العيادات الطبية المتنقلة التي تعمل بالطاقة الشمسية النظيفة، على اعتبار أنها تدخل في إطار استراتيجيتها القطاعية التي من أهم محاورها الانتقال الإيكولوجي الذي يرتكز على الاقتصاد الأخضر، كأداة لتحقيق انتعاش اقتصادي مستدام أقل تلويثاً واستهلاكاً للطاقة والمواد الخام.
تجاذبات متواصلة
ويشهد مجال الطاقة الشمسية تجاذبات متواصلة منذ فترة بين الممكن والمؤجل، لكن أخيراً عاد الحديث بقوة عنها، إذ تسارع جهات أجنبية من أجل عقد صفقات إنجاز مشاريع والاستثمار في مجال الطاقات المتجددة والألواح الشمسية، لكن المدير العام لمجمع الطاقة الشمسية، بوخالفة يايسي، أكد أن السلطات تلتزم بالانتقال الطاقوي، غير أنها تفتقر إلى التعاون وتضافر الجهود من أجل تحقيق الأهداف المعلنة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشدد يايسي على أنه يتعين تخصيص ميزانية لوزارة الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة، ومنحها الإمكانات اللازمة لتحقيق مخطط عملها، مشيراً إلى ضرورة النشر المكثف للطاقات المتجددة إذا أرادت البلاد أن تصبح منتجاً للهيدروجين الأخضر. وأضاف أنه على السلطات توفير الرؤية على مدار السنوات المقبلة، وإعداد نشر مع جدول زمني يجب احترامه وتعزيز المحتوى المحلي، وهو حجر الزاوية في أي سياسة صناعية في خدمة تحول الطاقة، مبرزاً أن "الوقت ينفد و2030 غداً... ليس لدينا الحق في استمرار المماطلة"، وقال إن "تمويل تحول الطاقة في الجزائر لا يظهر في المناقشات، ولا أعلم أنه كان موضوع تقييم جاداً من قبل السلطات"، مشدداً على ضرورة وضع ميزانية للإجراءات التي تعتزم وزارة الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة تنفيذها، لمنحها الوسائل المالية لجعلها حقيقة.
أكبر خزان للطاقة الشمسية في العالم؟
وكشف يايسي أن برنامج تطوير الطاقة المتجددة الذي يهدف إلى تحقيق 15 ألف ميغاواط بحلول عام 2035، يواجه صعوبات، موضحاً أن هذه المشكلات تتعلق بعدم نضج البرنامج، وعدم عرض التخطيط، وغياب التمويل الواضح والمخصص، وعدم وجود موارد بشرية مؤهلة على مستوى الهياكل المسؤولة عن تنفيذه.
وتشير دراسات بحثية إلى أن الجزائر تمتلك أكبر حجم من الطاقة الشمسية في حوض البحر الأبيض المتوسط، بأربع مرات مجمل الاستهلاك العالمي للطاقة، وهو ما يشكل 60 مرة من حاجة الدول الأوروبية للطاقة الكهربائية. كما تذكر الوكالة الفضائية الألمانية، أن الصحراء الجزائرية أكبر خزان للطاقة الشمسية في العالم، حيث تدوم الإشعاعات الشمسية فيها 3000 ساعة سنوياً، وهو أعلى مستوى لإشراق الشمس عالمياً.
نفقات مالية سنوية بمليار دولار
الأمين العام لوزارة الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة، بوزيان مهماه، يرى أن "البرنامج الوطني للطاقات المتجددة، ليس محطات طاقة فقط، فهو أيضاً تعبئة لطيف واسع من المواد والثروات"، مضيفاً أنه تم بعث برنامج للتوسع في نشر الطاقة الشمسية، وصولاً إلى تحقيق قدرة إنتاجية من الطاقة الكهربائية ذات المصدر المتجدد قدرها 15 ألف ميغاواط في آفاق 2035، وهو ما يستدعي تركيب محطات للطاقة الشمسية الكهروضوئية بمتوسط سعة تبلغ 1100 ميغاواط سنوياً.
وأشار إلى أن ذلك يتطلب نفقات مالية سنوية تصل إلى مليار دولار، ما أثار اهتمام المستثمرين من مختلف الدول التي لها فاعلون في مشاريع الطاقات المتجددة عبر العالم، ولديها رؤوس أموال عابرة للحدود، موضحاً أن "السوق الجزائرية تستوعب مليار دولار سنوياً على مستوى المحطات فقط، على مدى 14 سنة كاملة مقبلة، ما يمثل وعاء يتجاوز 14 مليار دولار وسوقاً جاذبة لتدفق الاستثمارات الأجنبية".