استبق رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، إعلان نتائج التحقيق في حادثة تسرب الغاز السام في العقبة، بإنهاء خدمات المديرين العامين لشركة إدارة وتشغيل الموانئ والهيئة البحرية، في محاولة لامتصاص غضب أهالي الضحايا.
وسعياً لإنهاء الجدل المتنامي حول الحادثة، قال الخصاونة إنه جرت إحالة تقرير الحادثة بجميع تفاصيله إلى الادعاء العام، مشيراً إلى وجود عجز كبير وتقصير في إجراءات السلامة والتعامل مع المواد الخطيرة في ميناء العقبة بشكل لا يمكن التهاون معه.
لكن لا يبدو أن الكشف عن نتائج التحقيق في القضية أقنع كثيراً من الأردنيين، بخاصة ذوي الضحايا وعمال ميناء العقبة، الذين ما زال معظمهم مضرباً عن العمل منذ يوم الحادثة التي أسفرت عن وفاة 13 شخصاً وإصابة المئات.
رأي عام يراقب بغضب
يشير ناشطون تواصلت معهم "اندبندنت عربية" إلى أن العقود السنوية لمعظم المديرين الذين أنهيت خدماتهم تنتهي بطبيعة الحال الشهر المقبل، واصفين القرار بأنه محاولة للنأي بالنفس عن المسؤولية وسط مطالبات باستقالة الحكومة.
منذ الحادثة، تشكّل رأي عام ضاغط على الحكومة الأردنية عبر منصات التواصل الاجتماعي ينادي باستقالتها وتحملها المسؤولية الأخلاقية عن سقوط الضحايا، في حين طالب آخرون بمراجعة منظومة الحماية والسلامة والعامة في الموانئ والمناطق الصناعية برمّتها. ويقول مراقبون إن مثل هذه الحادثة لا يجوز أن تمر هكذا من دون تحميل المسؤولية للمسؤولين، بخاصة أنها الثانية التي تشهدها المدينة ويذهب ضحيتها عمال.
لكن الأبرز هو التساؤلات التي طفت على السطح حول سوء الإدارة في العقبة، وطبيعة التعيينات العليا لهذه المنطقة الخاصة التي يوليها العاهل الأردني أهمية كبيرة باعتبارها منطقة سياحية وتجارية مهمة.
السلامة العامة تحت المجهر
بدوره، حاول وزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل الشبول، النأي بحكومته عن تحمّل المسؤولية من خلال الحديث عن استجابة مؤسسات الدولة الفورية والاحترافية خلال ساعتين من وقوع الحادثة، فضلاً عن مدحه النظام الصحي في العقبة بقوله إنه "أثبت كفاءة عالية في استيعاب آثار الحادثة الأليمة". وقال إن معظم المصابين غادروا المستشفيات باستثناء ثمانية فقط.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بينما أوضح وزير الداخلية مازن الفراية أن وزن صهريج غاز العقبة كان 3 أضعاف قدرة تحمل السلك المعدني، مضيفاً أن عدد الحاويات الممتلئة بغاز الكلورين أثناء الحادثة 18، والحاوية رقم خمسة هي التي تعرضت للسقوط، ما أدى إلى تسرب الغاز.
وأضاف أن التقرير أثبت عدم أخذ الاحتياطات اللازمة للسلامة العامة في مناولة مثل هذه المواد الخطيرة. وبيّن أن لجنة التحقيق كانت تهدف إلى البحث عن الحقيقة، والتوصية بمحاسبة المقصرين وفقاً لأحكام القانون.
استهتار وإهمال وشهود بالعشرات
وزير الداخلية الأردني قال إن التحقيق أثبت مسؤولية مدير عام شركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ، ومدير دائرة العمليات في الشركة، ورئيس قسم التفريغ والتحميل، ورئيس نوبة التفريغ والتحميل، ورئيس الباخرة وقت الحادثة، وغيرهم، مؤكداً أن سجن هؤلاء المسؤولين أو إخلاء مسؤوليتهم بيد القضاء.
وبحسب الفراية، أظهر التحقيق إسناد بعض المهمات إلى موظفين غير متخصصين، ووجود استهتار وإهمال وعدم احتراز. كما أثبت عدم أخذ الاحتياطات اللازمة للسلامة العامة في مناولة مثل هذه المواد الخطيرة.
ووفقاً للأمين العام للمجلس القضائي، القاضي وليد كناكريه، فإن النيابة العامة أجرت معاينة لموقع الحادثة، وشكلت لجنة فنية من ذوي الخبرة والاختصاص للمساعدة في التحقق من صحة إجراءات التحميل والتنزيل وأعمال مناولة الحاويات التي كانت جارية في الموقع، وطبيعة عمل المعدات والرافعات المستخدمة، إضافة إلى أسلاك التحميل وقوة تحملها للأوزان والأحجام الثقيلة، ومدى ومستوى التقيد بإجراءات ومعايير السلامة العامة، كما تم الاستماع لإفادات 120 شخصاً من المصابين و7 من ذوي المتوفين، إضافة إلى شهود آخرين.