أرسل رئيس سريلانكا غوتابايا راجاباكسا الخميس 14 يوليو (تموز) استقالته إلى رئيس مجلس النواب عبر البريد الإلكتروني بعيد وصوله إلى سنغافورة، وفق ما أعلن متحدث باسم رئيس مجلس النواب.
وقال المتحدث إندونيل يابا إنه تم تحويل رسالة الاستقالة إلى المدعي العام في البلاد للنظر في جوانبها القانونية قبل قبولها رسمياً.
خطوة إلى الوراء
من جانبهم، انسحب المتظاهرون السريلانكيون الخميس من المباني الرئاسية التي اقتحموها قبل أيام، متوعدين بمواصلة ممارسة ضغط على رئيس الوزراء والرئيس المستقيل.
ورأى شهود عشرات الأشخاص يغادرون مكتب رئيس الوزراء الخميس، في حين كان عناصر مسلحون من قوات الأمن يدخلون إليه. وكانت آليات مصفحة لنقل القوات تقوم بدوريات في بعض أحياء العاصمة، حيث فرض حظر تجول.
وقبل وقت قصير، قالت متحدثة باسم المتظاهرين "سننسحب بسلام من القصر الرئاسي وأمانة الرئاسة ومكتب رئيس الوزراء فوراً، لكن سنواصل كفاحنا". قبل ساعات من ذلك، تصدت الشرطة للمتظاهرين الذين حاولوا دخول البرلمان.
واقتحم المتظاهرون الأربعاء مقر رئيس الوزراء رانيل ويكرمسينغ بعد الهجوم على القصر الرئاسي السبت، ما أرغم الرئيس على الفرار إلى خارج البلاد.
حصيلة الضحايا
وأصيب نحو 85 شخصاً خلال المواجهات، وقتل رجل اختنق بالغاز المسيل للدموع. وزار مئات آلاف الأشخاص القصر الرئاسي منذ فتحه أمام عامة الشعب بعد فرار الرئيس السبت. وبعد ظهر الخميس، كانت أبواب المبنى مغلقة ويحرسها عناصر مسلحون.
في وقت سابق من اليوم، اتهم جيهان مارتين، وهو تاجر يبلغ (49 سنة) الرئيس بـ"المماطلة"، معتبراً من أمام القصر الرئاسي أنه "جبان" و"دمر بلدنا مع عائلة راجاباكسا، بالتالي نحن لا نثق به. نحن بحاجة إلى حكومة جديدة".
قمع صارم
وتلقى الجيش والشرطة أوامر جديدة الخميس لممارسة قمع صارم ضد أية أعمال عنف، وحذرا مثيري الشغب من أن عناصرهما "مخولون شرعياً ممارسة قوتهم".
وهذا الأمر لا يخيف شيرات تشاتورانجا جايالات، وهو طالب يبلغ (26 سنة)، إذ قال "لا يمكنكم أن توقفوا هؤلاء المتظاهرين عبر قتل الناس. سيستهدفوننا برؤوسنا لكننا نفعل ذلك بقلوبنا".
الرحلة إلى سنغافورة
وبعد توقفه ليوم في جزر المالديف، وصل راجاباكسا إلى سنغافورة الخميس مع زوجته أيوما واثنين من حراسه الشخصيين.
وكان راجاباكسا طلب، بحسب وسائل إعلام مالديفية، أن يستقل طائرة خاصة، رافضاً أن يسافر على متن رحلة تجارية مع مسافرين آخرين بسبب الاستقبال العدائي الذي لقيه عند وصوله إلى جزر المالديف الأربعاء.
كما تعرض للسخرية والإهانة في أثناء مغادرته مطار فيلانا ونظم احتجاج في العاصمة ماليه لمطالبة الحكومة المالديفية بعدم السماح له بالمرور بأمان.
وأكدت وسائل الإعلام في المالديف أن الرئيس السريلانكي قضى ليلته في فندق "والدورف أستوريا إيتافوشي" الفخم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هل يتجه إلى الإمارات؟
وبحسب مصادر دبلوماسية، رفضت الولايات المتحدة منح تأشيرة لراجاباكسا لأنه تخلى عن جنسيته الأميركية في 2019 قبل أن يترشح للرئاسة في سريلانكا.
ولن تكون سنغافورة الوجهة الأخيرة للرئيس، فقد أعلنت الدولة أن راجاباكسا يقوم بزيارة خاصة. وأوضحت وزارة الخارجية في بيان أنه "لم يطلب اللجوء ولم يمنح اللجوء. سنغافورة لا تقبل بشكل عام طلبات اللجوء".
وبحسب مصادر قريبة من الأجهزة الأمنية السريلانكية، فإن الرئيس يسعى إلى البقاء لبعض الوقت في سنغافورة قبل التوجه إلى الإمارات.
وثائق ونقود
وترك الرئيس السريلانكي في القصر حقيبة مليئة بالوثائق و17.85 مليون روبية (50 ألف دولار) نقداً، تم تسليمها إلى المحكمة.
وبعد استقالة راجاباكسا، سيتولى ويكرمسينغ منصب الرئيس بالوكالة تلقائياً إلى حين انتخاب البرلمان نائباً يكمل الولاية التي تنتهي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. لكنه يواجه أيضاً تحدياً من قبل المتظاهرين الذين يخيمون أمام مكتب الرئاسة منذ أكثر من ثلاثة أشهر للمطالبة باستقالة الرئيس بسبب الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي تمر بها البلاد.
ويتهم راجاباكسا بسوء إدارة الاقتصاد إلى حد أن العملات الأجنبية نفدت من البلاد لتمويل حتى الواردات الأساسية، الأمر الذي ترك السكان البالغ عددهم 22 مليون نسمة في وضع صعب للغاية.
وتخلفت سريلانكا عن سداد ديونها الأجنبية البالغ قدرها 51 مليار دولار في أبريل (نيسان) وتجري محادثات مع صندوق النقد الدولي من أجل خطة إنقاذ محتملة.
واستهلكت سريلانكا تقريباً إمداداتها الشحيحة أساساً من البترول وأمرت الحكومة بإغلاق المكاتب والمدارس غير الأساسية لتخفيف حركة السير وتوفير الوقود.